كتب حسن الإسكندراني:
استمرارا لإهمال التراث في الإسكندرية فى عهد العسكر، باتت عروس البحر مهددة بفقدان عرشها كأكبر مدن حوض البحر المتوسط، بعد أن زحف الإهمال والفساد إلى تراثها ومبانيها.. وآخرها واقعة سرقة أحد التماثيل الرومانية النادرة مؤخرا، التي تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، التي تحكي الفن الروماني والتي كانت تحتضنها حديقة أنطونيادس، والتي صنعت من الرخام النادر، وهى الحديقة التى تقع على مساحة نحو 170 فدانا تقريبًا، وتضم مجموعة مميزة من التماثيل الرخامية النادرة لشخصيات أسطورية وتاريخية.
واقعة سرقة التمثال في الاسكندرية فتحت الكثير من التساؤلات والجدل بين المواطنين، كونها لم تكن الواقعة الأولى، حيث شهد العام الماضى واقعة أخرى مشابهة بعد اختفاء تمثال "كاتمة الأسرار" الشهير من حديقة الأزاريطة بميدان الخرطوم وسط الإسكندرية، وأيضا ووجود مسللات رومانية كانت موجودة بشوارع محطة الرمل بوسط الإسكندرية والمعروفة باسم مدينة الإسكندرية الغارقة، وهو ما أدى إلى ارتفاع حالة الجدل والغضب بين أهالى المحافظة الساحلية، عقب تكرار الواقعة هذا العام وسرقة تمثال حديقة أنطونيادس، متسائلين عن الهدف الحقيقى وراء مثل هذا الوقائع؟ ومن وراءها؟ وهل سيعود التمثال المسروق أم ذهب بلا عودة؟
وقال بسام الشماع -خبير المصريات- إنه لم يستطع تفسير سرقة تمثال ضخم من حديقة عامة مثل "انطونيادس" بالإسكندرية، دون أن يتصدى أحد لهؤلاء اللصوص!!
وانتقد الشماع -خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "صباحك عندنا"، المذاع عبر فضائية "المحور" الثلاثاء- عدم اهتمام وزارة الآثار بهذه التماثيل بحجة أنها غير أثرية ومصنوعة من الرخام، مؤكدا أن هذا التمثال المسروق مر عليه أكثر من 150 عاما، ولا يجب التهاون فيه.
وطالب النيابة بسرعة ضبط سارقي تمثال انطونيادس، لأن هذا التمثال ذا قيمة فنية ولا يمكن التساهل في فقدانه، مشيرًا إلى أن اللصوص إذا شعروا بأن السرقة سهلة سنشاهد سرقات كثيرة في التماثيل الأصلية.
وأشار إلى أن اللص الذي سرق هذا التمثال سيقوم باقتنائه شخصيا، حيث يضعه في حديقة منزله، ولن يعرض في مزادات علنية.
من جانبه، فجر أحد العاملين بداخل الحديقة "فضل عدم ذكر اسمه" فى تصريحات صحفية مؤخرا: واقعة سرقة التمثال حدثت يوم الخميس الماضى 16 فبراير، وتحديدًا في الساعة الرابعة والنصف فجرًا، مشيرًا إلى أن جميع التماثيل المتواجدة داخل الركن من النوع النادر جدًا، مشيرًا إلى أن من يقومون بحماية الحديقة هم 3 أشخاص من الأمن المعينين فقط ويعملون في الوردية الليلية، وتم تعينهم منذ فترة قريبة قادمين من مركز أبوحمص من محافظة البحيرة، وأن 3 أشخاص فقط لحارسة 170 فدانا وهي مساحة الحديقة.
يشار إلى أن التمثال الذي تمت سرقته هو لسيدة من الرخام ترتدي رداء فضفاضا من قطعتين، وعليه زخرفة فستونات وزخارف هندسية، وعليه حليات، والذراع الأيمن مرفوع إلى أعلى، وتظهر السيدة وهي تقبض بيدها اليسرى على رأس ماعز رابض والقدم اليسرى تتقدم اليمنى، وترتدي الرأس قبعة عليها زخرفة من الأمام بما يشبه الريش ويحلي القبعة والشعر عقود متناثرة.
جدير بالذكر أن حدائق أنطونيادس –تتبع معهد البحوث الزراعية بالبساتين- تضم مجموعة مميزة من التماثيل الرخامية النادرة الكاملة الحجم لشخصيات أسطورية وتاريخية منها تماثيل فينوس، إضافة إلى تماثيل تمثل الفصول الأربعة.
وتعد أقدم حدائق مدينة الإسكندرية وكانت ملكا لأحد الأثرياء اليونانين وعرفت باسم "حدائق باستيريه" حتى تملكها محمد علي باشا وأقام قصرا له بها.
وفي عام 1860م عهد الخديوي إسماعيل إلى الفنان الفرنسي "بول ريشار" بإعادة إنشاء الحدائق كنموذج مصغر من حدائق قصر فرساي بباريس، التي أقام بها الخديوي إسماعيل أثناء زيارته لفرنسا.
وانتقلت ملكية القصر والحدائق إلى أحد الأثرياء، وهو البارون اليوناني جون أنطونيادس عام 1860م، الذي سميت الحدائق باسمه لاحقا، وعندما توفي عام 1895م آلت الحدائق والقصر بالميراث لابنه أنطوني الذي نفذ وصية والده بإهداء القصر والحدائق إلى بلدية الإسكندرية عام 1918م.