تسارعت الأحداث في عدن لتسجل وفق آخر التطورات إحكام قوات الحزام الأمني التي تدعمها الإمارات قبضتها الميدانية على مختلف المناطق في عدن، بما فيها القصر الرئاسي.
تحول اعتبرته الحكومة اليمنية انقلابا كامل الأركان يمثل في جوهره ضربة في مقتل للتحالف وللأهداف التي من أجلها تدخل في اليمن وبينما دعت الإمارات إلى عدم التصعيد لزمت السعودية الصمت وهي التي توصف بحليفة الشرعية إلا من أزيز طائراتها التي حلقت في سماء عدن دون أن تنصر القوات الحكومية المتراجعة أمام تقدم قوات المجلس الانتقالي بأجندتها الانفصالية.
موقف يرى منتقدوه أنه مزدحم بالمفارقات حد التواطؤ، مشيرين إلى أن ما تشهده عدن يتجاوز رقعة المعارك إلى ملفات إقليمية ساخنة، بحسب تقرير بثته قناة "الجزيرة" .
عدن بعد ثلاثة أيام فقط من القتال تنقلب الموازين على الأرض ولا يعلم هل حسم الأمر على ذلك أم أنه ثمة قول آخر لحرب الشوارع المستعرة في أحياء كريتر وخورمكسر ومديرية دار سعد، تتقدم قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والتي تدعمها دولة الإمارات معلنة إحكام قبضتها على القصر الرئاسي ومعسكرات الجيش الموالي للرئيس اليمني.
بحسب مصادر ميدانية فإن آليات عسكرية سعودية انسحبت من منطقة معاشيق في وقت كانت تخوض فيه ألوية الحماية الرئاسية معارك لصد هجوم الحزام الأمني ومحاولاتها اقتحام القصر الرئاسي؛ حيث مقر الحكومة اليمنية انقلاب على الشرعية من قبل المجلس الانتقالي تتحمل الإمارات تبعاته بحكم نفوذها على من قاموا به.
اتهام صريح وتوصيف لما يجري في عدن ويمكن القول إنه أول مواقف المباشرة من الحكومة اليمنية انقلاب يرى مسؤولون يمنيون أنه كان يجري الإعداد له منذ أكثر من عام لكن تدخل السعودية في يناير عام 2018 حال دون مضي المجلس الانتقالي في مخططه حينها لاقتحام قصر معاشيق الرئاسي وإسقاط الحكومة الشرعية.
هذه المرة يتساءل اليمنيون عن دور السعودية بصفتها قائدة التحالف فيما يجري الآن بعدن، لا حديث حاليا عن أي فعل سعودي على الأرض بل يتناقل اليمنيون أنباء عن تحليق مقاتلات التحالف السعودي الإماراتي في سماء عدن تزامنا مع الاشتباكات على الأرض وأيضا انسحاب المدرعات السعودية تاركة الميدان لتسارع قوات الشرعية التي يفترض أنها مدعومة من التحالف السعودي الإماراتي ومسلحي الحزام الأمني والميلشيات التابعة للمجلس الانتقالي والموالية للإمارات.
والحقيقة أن نيران الحرب التي تستعر في شوارع عدن لن تبقى داخل حدود كبرى مدن الجنوب بل ستمتد بمرور الوقت لتشمل عموم اليمن فالمجلس الانتقالي عيونه ليست على عدن وحدها بل معها محافظات الجنوب كافة؛ ما يطرح سيناريو تقسيم اليمن بين محافظات شمالية بيد الحوثيين وجنوبية يتنازع النفوذ فيها حلفاء الأمس الشرعية وقوات المجلس الانتقالي.
مصادر مطلعة، كشفت عن أن قوات الحزام الأمني التابع للإمارات وجهت بتنفيذ تصفيات لجنود وقيادات تابعة لوزير الداخلية أحمد الميسري، وأنها استقدمت قوات وأطقم عسكرية لتنفيذ عمليات التصفية.
يشير محللون إلى اليمن على أنه النموذج الأكثر وضوحا لإخفاق السياسات السعودية الإقليمية إذ تتخبط الرياض في مستنقع الحرب دون أن تحقق أيا من الأهداف التي أطلقت من أجلها عاصفة الحزم في ربيع 2015 فاليمن دخل آتون حرب ثانية تهدد وحدته أما السعودية فتكابد لحماية حدودها الجنوبية من هجمات الحوثيين التي وصلت إلى عمق أراضيها .
فبينما كانت القوات السعودية في عدن شاهدة على ما يجري في عاصمة اليمن المؤقتة كانت صواريخ جماعة الحوثي وطائراتهم المسيرة تقصف مطار أبها، يزيد ذلك على كاهل المملكة ما تصفه مجلة ناشيونال انترست الأمريكية بنهاية شهر العسل بين الرياض وأبوظبي.
وتتحدث المجلة عن شرخ في العلاقات السعودية الإماراتية مرده إلى ما يوصف بالتحول في مقاربات أبوظبي تجاه ملفات إقليمية بدأتها بالانسحاب من اليمن ثم استئناف الاتصالات مع إيران من بوابة الأمن الحدودي هذا علاوة على التوتر في مياه الخليج وشعور الرياض بأنها خذلت من واشنطن بإحجامها عن أي عمل عسكري لكبح نفوذ إيران.
ويقول مراقبون إن السعودية فقدت مؤخرا الكثير من لياقتها الدبلوماسية فالدور السعودي إقليميا ودوليا ليس في أحسن أحواله بل هو في تراجع وهو ما يثير تساؤلا عن خيارات الرياض إزاء هذه التغيرات إن كان ما يهدد أمنها داخليا أو ما يجري في مياه الخليج وأي خطوات قد تتخذها إلى الخلف للحفاظ على موقعها إقليما في مواجهة إيران غريمها التقليدي خصوصا وأن حلفاء السعودية جميعا غير راغبين في حرب مؤكد أنها ليست بصدد الذهاب إليها وحيدة.
