في وقت مبكر، سيطرت قوات الانقلاب بقيادة اللواء الأمريكي الجنسية خليفة حفتر على موانئ المثلث النفطي، رأس لانوف والسدر والبريقة، الغنية بالبترول في شرق ليبيا، والتي يُعتمد على إيراداتها في تمويل أكثر من 90% من خزانة الدولة، وهو الشرط الدولي لتمرير انقلابه واستيلائه على السلطة، ومساعدة رفيقه المتعثر اقتصاديًّا في مصر.
واستهجنت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليًّا، ما اعتبرته تدخلا من عصابة الانقلاب في مصر "في الشأن الداخلي الليبي"، جاء ذلك في بيان لخارجية حكومة الوفاق، قالت فيه إنها تعرب عن "استهجانها واستنكارها للتدخل في الشئون الداخلية الليبية، من عديد الأطراف والحكومات، كان آخرها ما أورده الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ".
كلمة السر
وكان "حافظ" هذا قد سرب كلمة السر في مخطط تقسيم ليبيا، وقال بكل وقاحة "إنه حان الوقت لبدء عملية التسوية الشاملة في ليبيا، ومعالجة القضايا الجوهرية وعلى رأسها قضية توزيع الثروة".
ووصفت خارجية الوفاق، بيان خارجية انقلاب العسكر في مصر، بأنه "تدخل فج في عمل الحكومة الشرعية، والمعترف بها دوليا، وفق ما نتج عن اتفاق الصخيرات الموقع بالمملكة العربية المغربية، في ديسمبر 2015. وهي قضية داخلية بحتة تتعامل معها حكومة الوفاق، وفق آليات ومعايير تضع مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار".
واحتياطيات النفط في ليبيا هي الأكبر في قارة إفريقيا، وتحتل المرتبة التاسعة بين عشر دول لديها أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة لبلدٍ في العالم، بمعدلات تقدر بـ46.4 مليار برميل، حيث يقدر أن تستمر الاحتياطات مدة 77 سنة إذا ما استمر الإنتاج بالمعدل الحالي، وما لم تكتشف آبار نفط جديدة.
السيسي يلهث
لم يكن أمام جنرال إسرائيل السفيه السيسي، بعد نضوب المساعدات الخليجية، إلا النظر إلى الجارة الليبية التي تعوم على بحر من البترول، ومنذ استيلاء السفيه السيسي على السلطة بشكل رسمي، فكر في التدخل العسكري في ليبيا بشكل مباشر، ترسيخًا لموضعه كوكيل للغرب في المنطقة، طامعًا في حصة من النفط الليبي.
اصطنع السفيه السيسي فيديو مفبركًا لذبح الأقباط منذ عام ونصف لتبرير ذلك، وكان الضحية من الأقباط لضمان تعاطف الرأي العام العالمي، تدخل السفيه السيسي وتسبب القصف الذي قام به في تدمير بيوت وقتل أطفال في درنة، حسبما نقل موقع CNN بالعربية.
حاول السفيه السيسي إلا أنه فشل، وصارت صور القصف الذي قام به الطيران المصري على أطفال درنة على جميع شاشات العالم، اصطدم السفيه السيسي هناك برغبة دول غربية عديدة في السيطرة بنفسها على النفط، هذا غير أن فكرة التدخل العسكري المباشر في ليبيا أكبر من قدرة "جيش السيسي" على الاحتمال، اقتصاديًّا وعسكريًّا.
كان أمام السفيه السيسي الخطة البديلة: الاندماج مع التحالف الدولي للسيطرة على النفط الليبي، وبوابته في ذلك كانت فرنسا، عن طريق التعاون معها ورشوتها سياسيًّا بشتى الطرق، بما فيها شراء أسلحة فرنسية غير رائجة بالمليارات، وهو ما يبدو أنه تحقق!.
التقسيم
في 3 سبتمبر 2014، دخلت نحو عشرين سيارة مصرية محملة بذخائر أسلحة ثقيلة متنوعة إلى ليبيا، ونقلت صحف عدة مثل المصري اليوم، وصحيفة الوطن، وموقع البوابة القريب من المخابرات عن حفتر، قوله لصحيفة كوييري ديلا سيرا الإيطالية إنَّ مصر والجزائر والإمارات والسعودية أرسلت أسلحة وذخائر لقواته، شاكيًا من أنها ذات تكنولوجيا قديمة!.
في مارس 2015، نشر تقرير للأمم المتحدة يؤكد أن مصر والإمارات هربتا أسلحة إلى ليبيا، وفي مارس 2016 كان موقع ميدل إيست آي قد كشف النقاب عن أن جنودُا من القوات الخاصة البريطانية، تساندهم قوات أردنية، يشاركون في العمليات التي تشن داخل ليبيا.
وفي شهر يوليو 2016، نشر موقع ميدل ايست آي البريطاني تسجيلات مسربة تظهر تلقي حفتر دعمًا عسكريًّا من بريطانيا وفرنسا وأمريكا، وهو ما يعني أن ما يقوله الغرب عن سياسته في ليبيا شيئًا، وما ينفذه على الواقع شيئًا آخر.
أمريكا غير مهتمة كثيرًا لقضية اللاجئين التي تضرب أوروبا ولا تضرها كثيرًا، وبالتالي لا يعنيها كثيرًا مسألة وحدة ليبيا، ووجود حكومة موحدة فيه وكل ما يهم أمريكا في ليبيا هو البترول، ولذلك دقت مسمار داعش هناك.
وغير خفي أن المنسق بين كل هذه الجهات هو السيسي، في توصيل بعض الدعم الاستخباراتي واللوجيستي إلى حفتر عبر الحدود، تحت ذريعة المبرر الرئيسي الذي يفتح جميع الأبواب المغلقة، ويستبيح احتلال جميع الأوطان.
ويسعى السفيه السيسي جاهدًا كي يحصل على جزء من الكعكة لإنقاذ انقلابه من الانهيار، مما يجدد الحرب الأهلية في ليبيا، مع مخاطر بتقسيمها هذه المرة، إلى دويلة نفطية في الشرق، غنية بالبترول، وتخضع لسيطرة الغرب، وإمارة فقيرة في غرب ليبيا تحت حكم الإسلاميين، الذين يمكن محاربتهم وحصارهم وتأليب الرأي العام عليهم.