يشتري الجيش العجول بأموال المصريين ويُربيها على أرضهم ويُسمّنها ويُطعمها بجهد وتعب المجندين القادمين من الأرياف، لكنه في النهاية يرى أن الشعب لا يستحق أن يتذوق لحومها ولا شحومها، فيعمد الباشاوات إلى استيراد لحوم من دول أجنبية في صفقات مربحة لجيوبهم، ولا أحد يعلم مصدر تلك اللحوم وطريقة ذبحها، ثم يعيد تغليفها ويضع عليها شعار "لحم بلدي"، ويطرحها للبيع على الشعب.
الفضيحة كشفها مجند استيقظ ضميره، وقام بروايتها لصحفي من أصحاب الضمير أيضا، وهو بدوره سردها مع التحفظ على اسم المجند حتى لا يختفي قسريا ثم يظهر قتيلا، أو تصيبه رصاصة أثناء تنظيف سلاحه الميري، كما سيزعم حينها تقرير الوفاة الذي سيكتبه أحد الباشاوات.
فضيحة العجول
وبحسب موقع "عربي 21"، فإن المجند يعمل بأحد الأفرع الكبيرة للجيش الثاني الميداني في مدينة هي عاصمة إحدى محافظات شرق الدلتا؛ وأكد أن ما يتم بيعه من لحوم عبر المنافذ على أنها لحوم بلدية مصرية من إنتاج مزارع القوات المسلحة وبشكل خاص مزارع الجيش الثاني الميداني، هي لحوم مستوردة من عدة دول لاتينية وأوروبية أحيانا.
وأوضح أن الجيش بالفعل لديه مزارع واسعة لإنتاج اللحوم البلدية والدواجن أيضا، ولكن يتم تصديرها للخارج بأسعار كبيرة، ويتم بدلا منها استيراد لحوم مجمدة من بلدان أخرى بأسعار أقل وطرحها بتلك المنافذ الموجودة بكل مدينة وقرية مصرية.
وحول المشهد داخل مجازر الجيش، قال إن كونتينرات اللحوم المجمدة تأتي إلى مجازر الجيش، ولقد رأيت كيف يتم التعامل معها بمجازر القصاصين في الإسماعيلية التابعة للجيش الثاني، حيث يتم تعليقها حتى تتخلص من الثلج، ومن ثم يقوم المجندون بتشفيتها وتقطيعها وتعبئتها في أكياس، ووضع تيكت خاص يحمل عبارة لحوم بلدية من إنتاج مزارع الجيش الثاني الميداني ووضع تاريخ انتهاء صلاحية جديد.
وأشار إلى أن الأطباء العاملين في المجازر أكدوا له أن تلك اللحوم تعد كارثة صحية كبيرة، حيث تتجمع ملايين الحشرات عليها عند تساقط الدم منها على الأرض، كما أن فكها من التجميد ثم إعادة تجميدها مرة أخرى ثم نقلها وتركها بالمنافذ فترة يعد كارثة صحية أخرى.
وبيّن المجند الذي رفض الكشف عن اسمه، أن مكاسب الجيش والضباط القائمين على التوزيع والبيع خرافية، حيث إن العمالة مجانية ولا يتم دفع جمارك أو ضرائب أو كهرباء أو تأمينات للمجندين، وأن الربح مضاعف وبلا حدود.
وأشار إلى تراجع نسب المصريين المقبلين على لحوم الجيش، وأن المنافذ اتجهت إلى فكرة الذهاب للمستهلك بدلا من انتظاره، وذلك عبر توزيعها في سيارات مجهزة ونقلها إلى القرى والمدن.
بيزنس حرام
ويهيمن الجيش على الاقتصاد المصري حتى كون إمبراطورية ضخمة ممتدة الأطراف طالت جميع القطاعات الاقتصادية الصناعية والتجارية والزراعية ومشروعات البنية التحتية والطرق والكباري، وإنشاء المدن والجسور والكباري ومشروعات الأغذية وألبان الأطفال وحتى الكعك والبسكوت.
وحاول جنرال إسرائيل السفيه السيسي التقليل من حجم هذه الإمبراطورية، زاعما أن نسبة اقتصاد الجيش إلى الاقتصاد عموما لا تزيد عن 2 إلى 3% فقط، لكن تقديرات المشير محمد حسين طنطاوي في تصريحات سابقة بلغت بهذه النسبة إلى 30%.
لكن تقديرات موقع "ميدل إيست آي” البريطاني تصل إلى أن نسبة استحواذ الجيش على الاقتصاد المصري إلى 60%، وتعاظمت إمبراطورية الجيش في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع الكيان الصهيوني في 1978، والتي قلصت المهام القتالية للجيش ودفعته نحو مهام السيطرة الداخلية.
وبعد الاتفاقية اتجه الجيش ككتلة إدارية من العمل العسكري البحت إلى السيطرة على ملفات الاقتصاد الداخلي وريادة الأعمال، بحيث بات يسيطر بموجب القانون على أكثر من 90% من أراضي الدولة، كما أن القوات المسلحة تملك حق الانتفاع المتعدد بالمجندين إجباريا، عبر توزيعهم على مشاريع الجيش الاقتصادية، لا العسكرية فقط.
