في كل قضايا الاضطهاد التي يمر بها المسلمون في العالم، يبرز موقف الإمارات مؤيدًا لمن يستضعفهم، ففي فلسطين وبورما والصين والهند كان لافتا الحضور الإماراتي في القضية بموقف رسمي تفردت به وكانت الأسرع بين الدول العربية والإسلامية، التي غابت عن الأزمة غيابًا مريبًا، باستثناء السعودية التي دعت إلى ضبط النفس أولًا، ثم أبرمت بعدها بأسبوع اتفاقًا تجاريًّا ضخمًا مع نيودلهي.
وثارت عاصفة من الانتقادات إثر منح الإمارات لرئيس الوزراء الهندي المتطرف "ناريندرا مودي" أعلى وسام مدني في البلاد، بينما تشنّ حكومته حملة عنيفة على إقليم كشمير ذي الغالبية المسلمة خارج الحدود، وإجراءات عنصرية ضد المسلمين داخل البلاد.
لكن الإمارات أعربت صراحة عن تأييدها لقرار الهند إلغاء الحكم الذاتي لكشمير، وبينما رأى العالم كله أن الخطوة تهدد بإشعال فتيل الحرب بالمنطقة، اعتبرت الإمارات متفردة مرة أخرى أنها خطوة “تشجع على الاستقرار والسلام”!.
سلسلة مواقف
المثير أن الموقف الإماراتي في قضية كشمير جاء ليعيد إلى الأذهان سلسلة من المواقف المثيرة للجدل، والتي دأبت فيها أبو ظبي على مناهضة تطلعات الشعوب العربية والإسلامية، خاصة في دول الربيع العربي.
لكن يبقى مثلا التدخل الإماراتي للإطاحة بالرئيس الشهيد محمد مرسي، ودعم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، في سياق الحرب التي تشنها على الإسلاميين، وجماعات ما يطلق عليه الإسلام السياسي.
وفي اليمن، دعمت الإمارات كيانات خارجة عن الشرعية جنوب البلاد مثل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي قاد الانقلاب على الشرعية في محافظة عدن، فضلا عن تمويل مليشيات موالية لها كقوات “الحزام الأمني” المنتشرة في عدد من المحافظات، إضافة إلى قوات عرفت باسم “النخب” مثل “النخبة الشبوانية” و”النخبة الحضرمية” وغيرها من التشكيلات غير الرسمية.
كشمير
إلا أنَّ الوضع في كشمير لا يتطابق مطلقًا مع تلك الدول التي دعمت أبو ظبي مستبديها أو حكوماتها القمعية من أجل القضاء على الإسلاميين، ولا تشكل الغالبية المسلمة في كشمير أي خطر يذكر من تصدير ثورة أو تهديد عروش حكام الإمارات.
لكن ثمة نماذج أخرى قريبة الشبه من أزمة كشمير، حيث يختفي بُعد مواجهة الإسلاميين، كالوضع في الصومال على سبيل المثال، حيث تدعم الإمارات حكومة أرض الصومال التي لا تعترف بها دولة أو منظمة في العالم كله.
ويشمل الدعم الإماراتي الموجه ضد الحكومة المركزية في مقديشو، تدريب قوات الجيش والشرطة في الإقليم، إضافة إلى قيامها بإنشاء قاعدة عسكرية في بربرة، ولم تكتف باستغلال ميناء بربرة بصفة غير قانونية، وإنما عقدت شركة “موانئ بي آند أو” التابعة لحكومة دبي في أبريل 2017، اتفاقا مع إقليم بونت لاند شمال شرقي الصومال الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي للاستثمار في ميناء “بوصاصو” على ساحل البحر الأحمر لمدة 30 عاما.
لماذا؟
ترتبط الإمارات بعلاقات استراتيجية مع الهند، وزادت تلك العلاقات متانة بعد تولي القومي الهندوسي ناريندرا مودي رئاسة الوزراء، وهو سياسي معروف بمواقفه المتطرفة تجاه الأقلية المسلمة في بلاده.
اتُهم مودي بعدم التدخل عندما قتل 100 مسلم عندما كان رئيسا لحكومة ولاية جوجارات عام 2002، وحين سألته وكالة “رويترز” في مقابلة خاصة عن تلك المجازر، قال إنه “يشعر بالحزن إزاء تلك المجزرة، شأن راكب في مقعد خلفي لسيارة دهست جروا”.
لكن الرجل الذي تتضح يوما تلو الآخر نواياه وممارساته ضد المسلمين، منحته الإمارات في أبريل الماضي “وسام زايد” الذي يعد أعلى وسام تمنحه دولة الإمارات لملوك ورؤساء وقادة الدول.
وبلهجة ودية، قال محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي: “نعبر من خلال منح الصديق العزيز رئيس وزراء الهند وسام زايد عن مدى تقديرنا لدوره وجهوده في تنمية علاقات الصداقة ومد جسور التعاون المشترك بين دولة الإمارات وجمهورية الهند في مختلف المجالات”.
اللافت، أن منح مودي هذا الوسام تزامن مع وضع الإمارات حجر الأساس لأول معبد هندوسي في الخليج العربي بالعاصمة أبو ظبي، حضره وزراء ومسئولون وممثلون عن الطائفة الهندوسية في البلاد.