“زي النهاردة”.. وفاة محمد نجيب أهم شاهد على خيانة العسكر

- ‎فيتقارير

في مثل هذا اليوم  ٢٨ أغسطس ١٩٨٤ توفي اللواء محمد نجيب أول رئيس عقب انقلاب يوليو 1952، والذي يمكن وصفه بالرئيس المنسي، تحكي قصة مأساته الحلم في الحرية والديمقراطية، والتي انتهت فصولها مع انقلاب ثان قاده البكباشي جمال عبد الناصر، عندما تيقن إصرار نجيب ورغبته في رد السلطة للشعب وانتخاب رئيس مدني، وعودة عصابة يوليو إلى ثكناتها العسكرية على الحدود.

لم يكد انقلاب 23 يوليو 1952 الذي قاده تنظيم "الضباط الأحرار" في مصر يقطف أولى ثماره بإطاحة النظام الملكي وإعلان قيام جمهورية مصر العربية التي تولى اللواء محمد نجيب زمام الحكم فيها كأول رئيس، حتى اطاح أحد ضباط التنظيم جمال عبدالناصر، الرئيس نجيب ووضعه قيد الإقامة الجبرية في العام 1954.

عودة الجيش إلى ثكناته

ومحمد نجيب سياسي وعسكري مصري من أصل سوداني، كان أول رئيس يحكم مصر حكماً جمهورياً، التحق بالكلية الحربية في 1917 وتخرج منها ليسافر إلى السودان ويلتحق بالكتيبة المصرية هناك ويبدأ حياته ضابطا في الجيش المصري.

كان نجيب الضابط الاول الذي يحصل على إجازة في الحقوق، ودبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي العام 1929، ودبلوم آخر في الدراسات العليا في القانون الخاص العام 1931، شارك في حرب فلسطين في 1948 وترقى في سلم الرتب العسكرية حتى أصبح لواء أركان حرب، قبل ان ينضم إلى تنظيم "الضباط الأحرار" ليقود الانقلاب الذي انتهى بعزل الملك فاروق وإعلان الجمهورية.

بعد تحقيق الانقلاب أهدافه، طالب نجيب بعودة الجيش إلى ثكناته وعودة الحياة النيابية، الأمر الذي كان أحد الأسباب الرئيسة لإطاحته ووضعه قيد الإقامة الجبرية مع أسرته، بعيداً من الحياة السياسية لمدة 30 عاماً مُنع خلالها من الخروج أو مقابلة أي شخص من خارج أسرته، وجرى شُطب اسمه من كتب التاريخ والكتب المدرسية.

لم يكن عبد الناصر الذي كان على اتصال مباشر بحكومة الكيان الصهيوني والمخابرات الأمريكية، وفقا لوثائق أوردها كتاب "ثورة يوليو الأمريكية"، برتبته الصغيرة إبان الثورة وشخصيته المجهولة من كثيرين من أفراد الجيش والشعب، قادرا على أن يدخل في منافسة متكافئة مع محمد نجيب الذي كان يحظى بشعبية كبيرة ومكانة مرموقة داخل مصر وخارجها، جعلته بعد أقل من شهرين على الثورة، يتولى أعلى ثلاثة مناصب في الدولة‏: رئاسة مجلس قيادة الثورة‏‏، ورئاسة مجلس الوزراء،‏‏ والقيادة العامة للقوات المسلحة‏.‏

انقلاب عبد الناصر

وتركزت عليه الأضواء باعتباره الرجل الذي قاد الانقلاب، وطرد الملك وأنقذ الشعب من عهد الظلم والطغيان، وادى ذلك الى اصابة عبد الناصر المخطط الحقيقي للانقلاب بالغيرة، وخالجه شعور بالاستياء أمام الدول التي دعمت الانقلاب وعلى رأسها بريطانيا وأمريكا، ولهذا بدأ التخطيط منذ منتصف العام ‏1953 ‏لإزاحة نجيب عن السلطة، بعد أن استنفد أغراضه منه، وهو تأمين غطاء للانقلاب يلقى قبولا واسعا، وتولي قيادتها وتوطيد دعائمها.

اعتبر انقلاب عبدالناصر على اللواء محمد نجيب بداية لتكريس الحكم العسكري لمصر، والذي امتد عشرات السنوات، اذ امسك البلاد بقبضة أمنية محكمة بعدما احتكر كل السلطات.

ومع عبد الناصر جاءت النسب الخيالية لفوز العسكر في مسرحيات الانتخابات 99% التي انتهجها الجنرالات خلفه، حتى وصلت إلى جنرال إسرائيل السفيه السيسي، لكن القليل الآن لا يزالون يرون في شخص عبدالناصر قائدا ملهما للشعوب، تحدى الاستعمار ووحّد البلاد وساهم في غرس مبادىء القومية العربية، هؤلاء القلة هم الذين دمرت اذاعة صوت العرب عقولهم.