“الظلم أم الإرهاب”.. أيهما أخطر على الدول والمجتمعات؟، ربما كان هذا الجدل خلاصة كلمتي جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي وتابعه شيخ الأزهر أحمد الطيب، خلال الاحتفال الأخير بذكرى المولد النبوي الشريف، إلا أن الأفعال تغني دائمًا عن الأقوال، ودائمًا ما تختار جمهورية العسكر تطبيق الظلم على المصريين.
وآخر أوراق هذا الظلم ما قررته الشركة المصرية للأدوية “إيبيكو”، إحدى أكبر شركات الأدوية، بإغلاق مصنعين تابعين لها بمدينة العاشر من رمضان الصناعية، بمحافظة الشرقية، بعد دخول العاملين في سلسلة احتجاجات، والإضراب عن العمل، والاعتصام بالمصنع.
وكشف موظفون بالشركة عن أن الإدارة تتعنَّت في تحسين أوضاعهم، رغم تحقيقها أرباحًا بمئات الملايين من الجنيهات، وفضلت التعامل مع المحتجين والمعتصمين أمنيًا، بدلاً من التفاوض معهم على حقوقهم.
كل ما تتظلم اشتغل أكتر
عبارة تلخص ما يحيكه جنرال إسرائيل السفيه السيسي للعمال في مصر، نطق بها السفيه في يوم عيد العمال، في قصر رأس التين الرئاسي بمحافظة الإسكندرية، في حضور أركان عصابة الانقلاب من الوزراء، وأعضاء الحكومة، ورئيس برلمان الدم، ورئيس وأعضاء الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
إلا أن الظلم الواقع على رأس العمال في مصر بعد موجات الغلاء المتتالية، وإغلاق متعمد للمصانع والشركات العامة المملوكة للشعب، والقمع والتعسف من قبل الإدارات العمالية التي يختارها العسكر بعناية، ويضعون على رأسها ذيولهم الفشلة من المخبرين والجواسيس، كل ذلك وغيره من الأسباب أدى إلى اشتعال النار في الشريحة العمالية التي تمثل أكثر من ثلث المصريين.
واستنكرت إحدى الموظفات في شركة “أيبيكو” من قيام قوات الأمن بمحاصرة المصنعين، والاعتداء على المحتجين، وعدم تمكينهم من دخول أحد المصانع للعمل بدعوى الإغلاق، مشيرةً إلى توقيف عدد منهم من قبل الشرطة.
وأكدت أن “العمال عانوا الأمرّين، والإدارة ترفض تحسين أوضاع العمال على جميع المستويات، سواء المالي بزيادة الأجور، أو الاجتماعي بفتح باب الترقيات، أو الصحي بالتأمين على أسر العاملين”.
وأضافت: الإدارة حاولت التفاوض بحضور ممثل عن مكتب العمل (المتواطئ) مع الشركة، والمحافظة، والشرطة، على صرف زيادات تدريجية، وتجاهل معظم المطالب، وهو ما تم رفضه، وفوجئنا بعد ذلك بقرار الإغلاق”.
وتابعت: “لم يجد العمال بدًّا من الاحتجاج والاعتصام أمام المصنع، فجلبت لهم الإدارة قوات المن المركزي، وقاموا بالاعتداء على سيدات ورجال لتخويفهم وترويع الآخرين”.
مسلسل الاحتجاجات
من جهته قال حسن العشري، الناشط العمالي: إن الربع الأول في 2019 شهد العديد من الإضرابات أغلبها عمالية، مضيفًا أن وتيرة الغلاء في عهد السيسي يفوق أضعاف ما كان عليه أيام المخلوع مبارك، وأنه حتى بعد زيادة الحد الأدنى للأجور فإن ارتفاع أسعار السلع والخدمات ساهم في انخفاض القوة الشرائية للعمال، لافتا إلى أن حكومة الانقلاب تتعامل مع مطالب الاحتجاجات العمالية على حسب قوة الإضراب وعدد المشاركين فيه.
وسخر العشري من نصيحة السفيه السيسي للعمال: “لما تتظلم في مصنعك متحتجش اشتغل زيادة”، واصفًا إياها بـ”الإهانة للعمال”، مضيفًا أن السيسي يريد إيصال رسالة مفادها أن هناك إجراءات تقشفية خلال الفترة المقبلة ويطلب من العمال التحمل كما حدث خلال الفترة الماضية.
وأوضح العشري أن العمال هم “البعبع” لأي نظام ديكتاتوري كما حدث في عهد المخلوع مبارك من إضرابات عمالية في 2008 تلاها ثورة 25 يناير في 2011، لافتا إلى أن العمال هم الشريحة الوحيدة المنظمة والتي يصعب تفكيكها ويمكنها الضغط على النظام بعكس الأحزاب السياسية والجماعات التي يمكن حلها وتفكيكها.
من جانبه، اعتبر عضو اللجنة المحلية في برلمان 2012، طارق مرسي، أن السفيه السيسي يشجع رجال الأعمال وأصحاب المصانع على انتهاك حقوق العمال والتنكيل بهم، وأن خطابه في عيد العمال يمثل قمة العته، فقد أغلق خلال الفترة الماضية نحو 7 آلاف مصنع، وهو يريد التخلص من الطبقة العمالية بأسلوب شيطاني من خلال بيع الشركات واحدة تلو الأخرى؛ لأنه يدرك أنهم القنبلة الموقوتة داخل الشركات والمصانع، وهو ما حدث مع الشركة القومية للأسمنت.
وأوضح مرسي أن السفيه السيسي استخدم سلاح المحاكمات العسكرية لإرهاب العمال، كما حدث مع عمال الترسانة في الإسكندرية، بالإضافة إلى النقل التعسفي للعمال بين المحافظات والفصل التعسفي لمطالبتهم بحقوقهم.