أذاعت هيئة مكافحة الفساد الماليزية، الخميس، مكالمة صوتية بين ولي عهد أبو ظبي “محمد بن زايد”، ورئيس وزراء ماليزيا السابق “نجيب عبد الرزاق”، طالب خلالها الأخير بعقد صفقة وهمية للتغطية على غسيل أموال، وألح من أجل تدخل إماراتي لإنقاذ ابن زوجته من قضية تورط بها مع وزارة العدل الأمريكية.
وتورط محمد بن زايد، 58 عاما، في مساعدة- والتآمر مع- نجيب من أجل التستُّر على فضائح فساده من اليوم الأول، حين دخلت وزارة العدل الأمريكية في قضية الصندوق السيادي الماليزي العالمي عام 2016.
أما الشيخ منصور بن زايد آل نهيان الذي أشير إليه في التسجيلات باسم “الشيخ منصور”، 49 عاما، وهو فرد من أفراد العائلة الملكية الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء الإماراتي ووزير شئون الرئاسة.
وكان متورِّطا إلى جانب أخيه الأكبر محمد في التسجيلات الصوتية لمساعَدة نجيب في التستُّر على ابن زوجته رضا عزيز، الذي كانت له علاقةٌ بفضيحة الصندوق السيادي الماليزي العالمي.
وورد في المكالمة، التي تفاجأت بها وسائل الإعلام العالمية في مؤتمر صحفي، أن “بن زايد” وافق على عرض “عبد الرزاق”، حفاظا على “مصلحة مشتركة” بينهما.
وجاء نشر المكالمة في إطار التحقيقات التي تجريها هيئة مكافحة الفساد الماليزية مع “عبد الرزاق”، المتهم بالعديد من قضايا الفساد، إحداها مع السعودية، ضمن الصندوق السيادي الماليزي.
وعلق القانوني والمحامي الدولي محمود رفعت على “تويتر”، بقوله: “هيئة مكافحة الفساد في ماليزيا تنشر تسجيل مكالمة لمحمد بن زايد ورئيس وزراء ماليزيا السابق نجيب عبد الرزاق تظهر رشوة ضخمة من الإمارات لرئيس الوزراء ليطوع ماليزيا لأبو ظبي.. علمًا أن السعودية دفعت 600 مليون دولار لنفس الشخص كي يقزم ماليزيا ويجعلها تابعة لهم كما فعل السيسي بمصر”.
فضيحة مسجلة
وبحسب تقرير نشرته صحيفة Malay Mail الماليزية، قالت رئيسة مكافحة الفساد لطيفة كويا، إنّ المعلومات المسرّبة تُظهر مؤامرةً داخل أعلى مستويات حكومة حزب باريسان ناسيونال آنذاك.
وتم عرض التسجيلات في المؤتمر الصحفي والتي أصدرتها لجنة مكافحة الفساد، عبارةٌ عن تسعة مقاطع صوتية تصل مدتها الإجمالية إلى 45 دقيقة، وتضم محادثاتٍ هاتفية لسبعة أفراد، من بينهم نجيب عبد الرزاق، وذُكِرَ خلالها 13 اسما.
احتوى أول مقطعٍ صوتي على محادثةٍ بين نجيب والرئيس المفوّض السابق للجنة مكافحة الفساد “ذو الكفل بن أحمد”، الذي كان نائب المدعي العام آنذاك.
في التسجيل الأول يمكن سماع صوت “ذو الكفل بن أحمد” وهو يُطلِع نجيب على ورقة تحقيق، في يناير عام 2016، والتي قالت لطيفة إنّها تخص شركة SRC International Sdn Bhd، التابعة للصندوق السيادي الماليزي العالمي سابقًا.
في حين شملت تسجيلات المحادثات الهاتفية الأخرى زوجة نجيب روزما منصور، ومحمد بن زايد آل نهيان، ونائب المنظمة القومية الملايوية المتحدة (أمنو) في بالينغ، عبد العزيز عبد الرحيم، وغيرهم من الشخصيات البارزة الأجنبية.
أما التسجيل الذي تضمَّن حديث نجيب عبد الرزاق مع زوجته، فتطلب روزما من زوجها نجيب أن يُسيطر على الوضع، خاصة أنّه كان رئيس الوزراء (حينها)، قائلة له: «لا يُعجبني ذلك. عزيزي، أنت رئيس الوزراء. عليك أن تقود».
رئيسة مكافحة الفساد، لطيفة كويا، أوضحت أنّ تلك المكالمة أُجرِيَت بعد أسبوعٍ من رفع وزارة العدل الأمريكية دعوى تجريد مدني من الأصول، لمصادرة مليار دولار أمريكي يُعتَقد أنّها اختُلِسَت من صندوق 1MDB.
وتضمَّن تسجيل آخر، اتّصال نجيب بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، طالبًا المساعدة في تهم غسل الأموال التي يواجهها ابن زوجته صانع الأفلام في هوليوود، رضا عزيز، وذلك في أوج فضيحة الصندوق الماليزي السيادي العالمي. فيما بدا صوت نجيب محمومًا في التسجيلات الصوتية، إبان سعيه لتبرئة اسم رضا.
أما المحادثات المسجلة الأخرى فكانت بين الرئيس التنفيذي لشركة مبادلة للتنمية خلدون المبارك، والمساعد الخاص لنجيب أمهري أفندي نزار الدين.
فضيحة “مبادلة”
وذكرت “بلومبرج”، في 19 مارس الماضي، أن شركة “مبادلة” الإماراتية للتنمية أعادت إحياء خطط بيع بنك “فالكون” الخاص في سويسرا؛ حيث تسعى إلى التنصل من فضيحة غسل الأموال التي تورط بها البنك مع صندوق التنمية الماليزي MDB1.
وأضافت الشبكة الأمريكية أن “مبادلة” تسعى إلى تجاوز فضيحة MDB1، بعد أن أغلقت الجهات التنظيمية وحدة بنك “فالكون” في سنغافورة بسبب إخفاقها في تحديد مصدر 1.27 مليار دولار على شكل ودائع مشبوهة مرتبطة بصندوق الحكومة الماليزية.
وتعود فضيحة صندوق التنمية الماليزي MDB1 إلى عام 2015، حينما تم اتهام رئيس الوزراء الماليزي السابق “نجيب عبد الرزاق” بتحويل أكثر من 700 مليون دولار من هذا الصندوق إلى حساباته المصرفية الشخصية.
وأعلن البرلمان الماليزي عن وجود حوالي 4.2 مليار دولار من المعاملات غير القانونية التي تتعلق بصندوق التنمية.
وكانت تلك القضية أحد أبرز الأسباب التي أطاحت بـ”عبد الرزاق” من السلطة في الانتخابات التي جرت في مايو/أيار 2018.