مؤتمر يناقش واقع ومستقبل الجماعة.. الإخوان المسلمون” أمل الشعوب في تحرير الأمة

- ‎فيتقارير

تتعرض جماعة الإخوان المسلمون خلال السنوات الأخيرة لحملة منظمة من التشكيك والاتهامات المزعومة بالإرهاب، وهي الاتهامات التي يدرك العالم كله أنها غير حقيقية أو منطقية بالنسبة للجماعة الإسلامية الأكبر في العالم، والتي حملت لواء الاعتدال ومحاربة التطرف في أنحاء العالم بشكل شهد به الأعداء قبل الأصدقاء.

مراقبون يرون أن مشاركة الإخوان بقوة في ثورات الربيع العربي التي هزت عروش الديكتاتوريات العربية هي السبب الرئيس في تلك الحملة الضارية التي لم تهدأ حتى الآن.

كما يشير آخرون إلى أن الإخوان كانت، وما تزال، حجر الزاوية في مقاومة الاحتلال الصهيوني، وأنها كانت حجر العثرة أمام التطبيع مع الصهاينة الذي كان قادة العروش يرغبون فيه عكس رغبة الشعوب.

وعلى مدى يومين تعقد جماعة الإخوان مؤتمرا افتراضيا بعنوان (الإخوان المسلمون حقائق ومنطلقات) لمناقشة أوضاع الجماعة وما قدمته للأمة على مدار تاريخها، كما يتطرق إلى التحديات التي تواجهها الجماعة، ورؤيتها المستقبلية. شارك فيه، يومي الأربعاء والخميس، العديد من قادة الفكر والعمل الإسلامي والوطني في العالم الإسلامي.

وأشار المؤتمر إلى أنه يأتي في توقيت مهم بالنسبة للإخوان ومؤيديهم ومتابعي الشأن الإسلامي، حيث يسعى إلى توضيح الرؤى والأفكار ضد من يحاول النيل من الجماعة وأهدافها. 

نبتة ثابتة الجذور

قال إبراهيم منير، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إن الجماعة عاشت كالنبتة ثابتة الجذور وفشلت كل العواصف التي مرت بها في انتزاعها، مضيفا أن الجماعة مورست عليها ضغوط ومساومات للتبديل في دين الله، وكانت النجاة منها بالصبر على البلاء والثقة بأقدار الله.
وأضاف "منير" خلال كلمته بالمؤتمر، أن تاريخ الجماعة يحفظه كلمة بعنوان (مصارحة) أطلقها الإمام الشهيد حسن البنا حتى يكون واضحا مع إخوانه ومع من شرح الله قلوبهم للنداءات الربانية، في بداية اجتهاده بتكاليف ما يدعو إليه وليس معه بعد الاعتماد على الله سبحانه وتعالى غير نفر قليل من أواسط الناس لا يملكون غير القلوب التي استنارت بربانية الدعوة ليكونوا هم بإذن الله الأساس الصلب لبناء ارتفع حتى الآن إلى إثنين وتسعين عاما بتوالي الأجيال التي شرح الله قلوبها وبعد قناعة تامة بأسس عملها التي قامت على فهم صحيح لدين الله الذي يشمل مظاهر الحياة جميعها.
وأوضح "منير" أن الإمام البنا أكد على أن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة تنظم شؤون الناس في الدنيا وفي الآخرة، وأن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناول الناحية العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحي مخطئون في هذا الظن، فالإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، ودين ودولة، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف.
وأشار نائب المرشد العام إلى أن الإخوان يرون أن أساس التعاليم الإسلامية ومعينها هو كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، اللذان إن تمسكت بهما الأمة فلن تضل أبدا، وأن كثيرا من الآراء والعلوم التي اتصلت بالإسلام وتلونت بلونه تحمل لون العصور التي أوجدتها والشعوب التي عاصرتها، ولهذا يجب أن تستقي النظم الإسلامية التي تحمل عليها الأمة من هذا المعين الصافي معين السهولة الأولى، وأن نفهم الإسلام كما كان يفهمه الصحابة والتابعون من السلف الصالح رضوان الله عليهم، وأن نقف عند هذه الحدود الربانية النبوية حتى لا نقيد أنفسنا بغير ما يقيدنا الله به، ولا نلزم عصرنا لوم عصر لا يتفق معه، والإسلام دين البشرية جميعا.

تعريف عملي بالإسلام

من جانبه قال الدكتور ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي إن جماعة الإخوان المسلمين والإمام حسن البنا كان لهما إسهامات وافرة في التعريف العملي بالفكر الإسلامي الراقي، مضيفا أن البنا حدد – رحمه الله – مفهوم الحرية الشاملة للأمة داخل حدودها وخارج حدودها حيث يقول: " إن للإخوان هدفان : أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي وأن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة"، ويؤكد في موضع آخر أن الحقوق الوطنية معروفة أعلنتها الأمة بكل وضوح وهي جلاء القوات الأجنبية عنه جميعا لتتم بذلك حقيقة حريته واستقلاله.
وأضاف "أقطاي" خلال كلمته في اليوم الأول للمؤتمر، أن البنا كان يضع نصب عينيه حرية الأوطان من المحتل الأجنبي باعتبار ذلك أولوية مهمة جدا في تحقيق الحرية داخل الأمة ، لتستكمل سيادتها الحقيقية وعبوديتها الصحيحة لله تعالى ، فيؤكد على حق الأمة الكامل في متابعة ومراقبة الحكام فيقول "من حق الأمة الإسلامية أن تراقب الحاكم أدق المراقبة وأن تشير عليه بما ترى فيه من الخير وعليه أن يشاورها وأن يحترم إرادتها وأن يأخذ بالصالح من آرائها".
وأوضح أن البنا كان يعتبر أن من دعائم الحكم الإسلامي مسؤولية الحكام ووحدة الأمة وإرادتها ولا عبرة بعد ذلك بغير ذلك ، وأنه يوضح ذلك بقوله في رسالة المؤتمر الخامس "وقد قرر الإسلام سلطة الأمة وأكدها وأوصى بأن يكون المسلم مشرفا تمام الإشراف على تصرفات حكومته ويقدم لها النصح والمعونة ويناقشها الحساب".

الحرص على وحدة المسلمين

وقال المهندس مدحت الحداد – عضو مجلس الشورى العام بجماعة الإخوان المسلمين، إن الجماعة حرصت منذُ بدايةِ نشأتِها، على وَحدةِ الشعوبِ الإسلامية، ونبذِ الخلافِ والاختلافِ بينَ مُكوِّناتِها، وكانتْ حريصةً على أنْ تُولِيَ وَحدةَ المسلمين الاهتمامَ الأكبر، وهو ما بدا واضحًا في عددٍ من المُنطلقاتِ والممارساتِ التي شَهِدَتْ بصورةٍ عمليةٍ وواقعية، على منعِ الاقتتالِ الداخليِّ بينَ مُكوّناتِ الأمّةِ، على تنوّعِها عِرقيًا ومَذهبيًا وجغرافيًا.
وأضاف الحداد خلال كلمته بالمؤتمر، أنَّ الجماعةَ تعرّضتْ لمِحَنٍ شتّى، وابتلاءاتٍ عظيمةٍ، لم تدفعْها إلى الانحرافِ عن منهجِها، أو المَيلِ إلى غيرِه، في سبيلِ الحفاظِ على وَحدةِ الأمّة، ومنعِ الاقتتالِ الداخليّ، بلْ والحفاظِ على التنوّعِ الفكريِّ والثقافيِّ داخلَ الأمّة.
واستعرض الحداد جُملة مِن المواقفِ والمُنطَلقاتِ التي رسّخَها الإمامُ الشهيدُ "حسن البنّا"، منذُ مرحلةِ التأسيسِ الأولى، ثمَّ سارتْ الجماعةُ على هذا النَّهجِ، لم تُبدِّلْ ولم تُغيّر منها موقفِ الإخوانِ مِن الاختلافاتِ المذهبية موضحا أن الإمامُ "البنّا" أكد على مشروعيةِ الاختلافِ الفكريِّ والفِقهيِّ بينَ المسلمين وحذر من أنْ يكونَ هذا الاختلافُ سببًا للنزاعِ والعِداءِ بينَ المسلمين.
وأوضح أن البنا وضعَ لهذه الفكرةِ ثلاثَ قواعدَ جوهرية، الأولى الوَحدةُ لا الفُرقة والثانية حَتميةُ وضرورةُ الخِلاف والقاعدةُ الثالثة هي صعوبةُ الإجماعِ على أمرٍ فرعيّ، مؤكدا ان هذه المفاهيمُ، التي دعا إليها الإمامُ "البنّا" أثمرت ثمارًا على أرضِ الواقع، حيثُ جمعَ الناسَ على أصولِ الإسلام، ورفضَ الاختلافَ والجدالَ والصراعَ بينَ المسلمينَ في فروعِ الدين، وهو الأمرُ الذي كانَ شائعًا في حِينِه.

أجمل ظاهرة إنسانية إسلامية

بدوره قال الدكتور محيي الدين غازي، أمين الجماعة الإسلامية في الهند، إن جماعة الإخوان المسلمين -وأخواتها من الجماعات الإسلامية في كافة بلدان العالم الإسلامي والمراكز الإسلامية القائمة في معظم مدن العالم والشخصيات الإسلامية المتميزة في الفكر والدعوة والتي تشاركها في المنهل والمنهج- هي أجمل ظاهرة إنسانية إسلامية في العصر الحديث، ليس في العالم الإسلامي فحسب بل في العالم كله.
وأضاف غازي، خلال كلمته بالمؤتمر، أن مظاهر جمال هذه الظاهرة تبدو في التضحيات التي لا حصر لها ولا نهاية في سبيل الدعوة الإسلامية، وتبدو في النشاطات المستمرة الدائبة من أجل الهدف الأسمى على رغم التهديدات والضغوط والقيود والحظر والعقوبات، وتبدو في المواقف الشامخة التي تدل على رسوخ المعاني الإنسانية والإسلامية، سواء مع الأصدقاء والأعداء، في السلم والحرب، وتبدو في السباق لمواجهة الغزو الفكري والعسكري والسياسي، والثقافي، والدفاع عن الإسلام، وتبدو في التربية والدعوة والجهاد والصحوة الإسلامية والصيحات الإيمانية. وتبدو في رفق مستقر في وجه عنف مستمر.
وأوضح غازي أن الحقيقة الظاهرة هي أن الله عز و جل ألقى في قلوب المسلمين حب الإخوان المسلمين لما قدموا من تضحيات وبذلوا من جهود من أجل الإسلام والمسلمين، وقد ظهرت ملامح الحب والتقدير جليا في تفاعل الأمة أجمعها عندما أغتيل الشهيد حسن البنا، وعندما أعدم الشهيد سيد قطب، وعندا جاء نبأ استشهاد الرئيس محمد مرسي، وفي كل موقف عظيم من تاريخ الإخوان المسلمين. وعلى رغم محاولات التشويه والشيطنة والإساءة المستمرة إلا أن صورة الإخوان المسلمين في العالم الإسلامي هي أجمل صورة حديثة تحملها الأمة الإسلامية وتعتز بها.

شعارها التعاون

وأضاف الشيخ عبدالخالق الشريف، عضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين، أن الجماعة تؤمن بالتعاون على البر والتقوى، ويؤمنون بشكل عميق أنها وحدها لا تستطيع حمل هذا العبء الثقيل عن الأمة ولابد من التعاون والألفة والمحبة بين كل التيارات فيما اتفقنا عليه وأن يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.
وأضاف الشريف، خلال كلمته، أن الإخوان سمة عامة وظاهرة دقيقة في منهاج هذا التعاون، مضيفا ان الدكتور إبراهيم البيومي غانم أثبت في رسالته للدكتوراه التي أجراها عن الإخوان المسلمين من عام 1928 إلى 1948 أن الإمام البنا جمع 12 جمعية وهيئة عاملة للإسلام وألف فيما بينها ووضع لهم ميثاق العمل الذي يعرف الآن بالأصول العشرين وهي ركن الفهم من رسالة التعليم.
وأوضح أن الأصول العشرين فيها أن الخلاف الفقهي للفروع لا يؤدي إلى خصومة في الدين ولا شحناء ولا بغضاء وأن البدع الإضافية أو التركية أو الالتزام في العبادة المطلقة خلاف فقهي لكل فيه رأيه وهذا المنهج العالي فيه بيان أن المسلم لا يتجرا على تكفير المسلم إلا في أمور واضحة دقيقة لا لبس فيها، كما أن فيها الحديث عن التوسل وكيف أنه إذا اقترن بالدعاء بأحد من خلقه خلاف فقهي وليس من مسائل العقيدة.
وأشار إلى أن هذه المسائل التي تعرض لها الإمام البنا سبب فرقة كبيرة جدا بين منازع ومشارب مختلفة في العاملين في الحقل الإسلامي وقد عالج الإمام البنا هذا كله.

العمل للإسلام

وقال الدكتور معروف تشيليك، رئيس وقف الدعوة والأخوة بتركيا، إن الإمام البنا رحمه الله عاش عمرا قصيرا، ولكن حينما نقرأ حياته نرى أنه في هذا العمر القصير أنجز للإسلام والمسلمين والإنسانية إنجازات كبيرة جدا، بمعنى أن الله عز وجل بارك في عمره وجعل الخير فيه.
وأضاف تشيليك، خلال كلمته بالمؤتمر، أن البنا أسهم للإسلام والعمل بشكل عام، وأن الإسهام الأكبر للإمام البنا في عصره ولمن بعده للمسلمين بشكل عام هو أنه حدد وأبرز الطريق للمسلمين سواء في فهم الإسلام والمنهج وفي الطريق والأدوات والمراحل أيضا.
وأوضح تشيليك أنه بعد سقوط الخلافة في سنة 1924 بعد هذه أربع سنوات فقط أنشأ جماعة الإخوان المسلمين، ومن ضمن أهداف جماعة الإخوان المسلمين إعادة الخلافة الراشدة، الإمام البنا في هذه المطالبة لم يكن له مطالبة فارغة المضمون، بل أكد على ضرورة العمل فالإمام البنا حينما حدد أركان البيعة جعلها عشرة وجعل المادة الثالثة العمل للإسلام والمسلمين.