السيسي يصعد انتهاكاته ضد عائلات الناشطين في أمريكا للضغط عليهم

- ‎فيحريات

يتهم نشطاء حقوقيون مصريون في الولايات المتحدة حكومة عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري باستهداف أحبائهم للضغط عليهم للصمت، مما دفع الرئيس جو بايدن إلى الضغط على مصر لمعالجة سجلها في مجال حقوق الإنسان، بحسب موقع قناة الجزيرة بالإنجليزية.

وقال شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين في واشنطن، إن قوات الأمن المصرية دهمت ثلاثة من منازل أقاربه في مصر منذ 20 أغسطس، واعتقلت عدة أشخاص أفرج عنهم عدا واحد؛ واتهم ابن عمه رضا بأنه عضو في "منظمة إرهابية" ولا يزال رهن الاحتجاز في انتظار محاكمته.

وقال "منصور" الذي اتهم غيابيا أيضا بالإرهاب في قضية ابن عمه وكذلك والده وشقيقه "خلال الأيام الـ45 الأولى لم نكن نعرف حتى أين هو"، مضيفا "أثناء احتجازه، كثيرا ما حُرم رضا من الطعام والدواء، والآن فقط سمحوا له بزيارة شهرية وتمكن من إرسال رسائل إلى عائلته".

وكشفت شهادة "رضا" الشخصية التي أُرسلت إلى عائلته أنه تم استجوابه بشأن عائلة "منصور" في الولايات المتحدة وما إذا كان قد تواصل معهم على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال وسائل أخرى.

وقال "منصور": "لم أكن أقصد التواصل مع عائلتي في مصر حتى لا أتسبب لهم في ورطة، لقد كان الأمر ثابتا ومستمرا في الأشهر الستة الماضية".

آلاف المحتجزين

وفي مقابلة هاتفية الأسبوع الماضي مع تلفزيون MBC مصر، رد السيسي على الانتقادات، وطالب الشعب المصري أن يكون حذرا من "مؤامرة خارجية تهدف لإحداث توتر داخلي، قائلا: "من يستهدفني أو يستهدف النظام في مصر هو في الواقع يستهدف الشعب المصري. هذا ما يجب أن يعرفه المصريون". وفقا لتصريح قائد الانقلاب. 

لكن تحالفا من المنظمات الحقوقية يضم "هيومن رايتس ووتش" و"الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن" قال إن أقارب المنتقدين المصريين في الخارج تعرضوا بشكل متزايد للاعتقالات التعسفية والاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمة أو اتهامات.

بعد عشر سنوات من اندلاع الثورة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك آنذاك، لا يزال ما يقدر بنحو 60,000 مصري رهن الاحتجاز بعد حملة قمع ضد المعارضين السياسيين، بمن فيهم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن نشطاء حقوق الإنسان والديمقراطية.

واضطر العديد من المنشقين إلى الفرار والعيش في المنفى، وكان الصحفيون الذين سعوا إلى الكشف عن انتهاكات حقوق الحكومة مستهدفين بشكل منهجي. وقال عمرو مجدي، باحث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "لقد شهدنا هذا النمط المتزايد من الترهيب وتكتيكات التخويف ضد عائلات المعارضين، بما في ذلك المداهمات المنزلية والاضطهاد والاعتقالات وحظر السفر".

وأضاف: "وفي أسوأ السيناريوهات، شهدنا اعتقال أفراد من العائلات ويقبض عليهم ويحاكمون بأي اتهامات ضدهم دون أي دليل، ويحتجزون في الاحتجاز السابق للمحاكمة الذي لا نهاية له". ومنذ أغسطس، قال ما لا يقل عن أربعة نشطاء مصريين من الولايات المتحدة إن عائلاتهم استُهدفت، بمن فيهم عائلة الناشط الحقوقي المصري الأمريكي محمد سلطان.

وتم احتجاز ثلاثة من أبناء عمومة سلطان مؤخرا خلال مداهمة منزلية وسئلوا عن عمله كمدير لمبادرة الحرية، وهي منظمة مستقلة لحقوق الإنسان مقرها واشنطن العاصمة، وفقا لما ذكرته منظمة "هيومن رايتس ووتش".

كان سلطان سجينا سياسيا في مصر لمدة عامين بعد اعتقاله خلال حملة وحشية وقاتلة على اعتصام في ميدان رابعة في القاهرة في عام 2013. وكان قد رفع دعوى قضائية ضد رئيس وزراء الانقلاب الأسبق حازم الببلاوي في يونيو أمام محكمة أمريكية، متهما إياه بتدبير تعذيبه في السجن.

العلاقات الأمريكية المصرية

ووسط هذه التقارير، تدفع جماعات حقوق الإنسان إدارة بايدن المنتخبة حديثا إلى إعادة النظر في علاقة واشنطن بالقاهرة، وهي ثاني أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ أن وقعت مصر اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني في عام 1979.

وقدمت الولايات المتحدة لمصر 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية و30 مليار دولار كمساعدات اقتصادية منذ عام 1978، وفقا لأرقام وزارة الخارجية الأمريكية، في حين بلغ إجمالي التجارة في الاتجاهين بين البلدين 8.6 مليار دولار في عام 2019.

بعد فترة وجيزة من انتخابه، رحب دونالد ترامب آنذاك بالسيسي في البيت الأبيض، حيث أثنى عليه على قيامه "بعمل رائع في وضع صعب للغاية" وفقا لتعبير ترامب، وامتنعت إدارة ترامب عن انتقاد السيسي علنا بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، ويأمل المراقبون أن تفعل إدارة بايدن المزيد.

وقال تيموثي كلداس، وهو زميل غير مقيم في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن العاصمة، "على الإدارة أن توضح لحكومة السيسي الخطوات التي يمكن أن تتخذها لمعالجة مخاوفها بشأن الحقوق.

ولكن إذا تحدثوا بشكل واسع جدا عن احترام حقوق الإنسان والديمقراطية ولم تكن لديهم في الواقع أسئلة محددة للغاية، فسيكون من الأصعب الحصول على نوع من النتائج".

كما يواجه بايدن ضغوطا من داخل حزبه الديمقراطي، وقال عضوا الكونجرس الأمريكي دون بوير وتوم مالينوفسكي، اللذان شكلا مؤخرا تجمع حقوق الإنسان في مصر، إن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وحكومة السيسي يجب أن تعطي الأولوية لاحترام حقوق الإنسان والمساءلة.

وقال مالينوفسكي في بيان الشهر الماضي إن "المصالح الأمريكية لم تخدمها سياسة الدعم غير المشروط للجيش المصري، بينما قللت من شأن انتهاكات الحكومة العسكرية لحقوق الإنسان والفساد وسوء معاملة المواطنين الأمريكيين".

وأضاف: "إن تجمع حقوق الإنسان في مصر سوف يعكس ويساعد في تشكيل الإجماع المتزايد في الكونجرس على أننا بحاجة إلى إعادة التوازن إلى علاقتنا مع هذا البلد المهم".

صفقة الأسلحة

وفي تغريدة في يوليو، انتقد المرشح الرئاسي آنذاك بايدن السيسي لاعتقاله نشطاء مصريين واستهداف عائلاتهم، واصفا ذلك بأنه "غير مقبول". وكتب بايدن: "لا مزيد من الشيكات الفارغة لـ"الديكتاتور المفضل" لترامب".

كما كان وضع حقوق الإنسان في مصر على جدول الأعمال خلال مكالمة في 23 فبراير بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير خارجية الانقلاب سامح شكري.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس في وقت لاحق للصحافيين إن "إثارة ذلك في أول مكالمة لوزير الخارجية مع نظيره المصري تدل على الأولوية التي نوليها لهذه المسألة". "هناك نريد أن نرى تحسنا.

لكن في اليوم الذي ظهرت فيه تقارير تفيد باعتقال أبناء عمومة سلطان، أعلنت إدارة بايدن عن بيع أسلحة بقيمة 200 مليون دولار إلى نظام السيسي.

ودافع برايس عن هذه الخطوة باعتبارها "تجديدا روتينيا للأسلحة الدفاعية"، لكن عمرو مجدي الباحث في "هيومن رايتس ووتش" قال إنها "خطوة في الاتجاه الخاطئ … [وهذا] يظهر لحكومة الانقلاب رسائل متناقضة".

وأضاف أن "الاتساق في الدفاع عن حقوق الإنسان أمر حيوي. متسائلا عما إذا كانت عملية البيع توضح إلى أي مدى تستعد إدارة بايدن للذهاب لإقران أولوياتها الأمنية بمخاوفها بشأن الحقوق والديمقراطية في مصر، مضيفا: "لكي تنجح إدارة بايدن في التأثير على الوضع الحقوقي في مصر، سيتعين عليها أن تضع أموالها في مكانها".

وتابع "يجب أن يكون هناك جزرة جوهرية، ويجب أن تكون مستعدة لسلب الأشياء التي تريدها حكومة السيسي، وليست الأسلحة فقط وليس المال فقط ، بل هي أيضا نفوذ دبلوماسي، بل هو اعتراف".

https://www.aljazeera.com/news/2021/3/1/egyptian-rights-activists-say-families-facing-ramped-up-pressure