مقايضة سكان “عزبة نادي الصيد”.. الإفراج عن أطفالكم مقابل وقف المظاهرات!

- ‎فيتقارير

وراق جديدة تتكرر على أرض الإسكندرية، التي سبق وأن بشر رئيس وزراء الطاغية عبدالفتاح السيسي بتحويلها لمنطقة أعمال. فمنذ أيام تطبق سلطات الانقلاب الأمنية أساليب الكيان الصهيوني القمعية في التهجير وقمع الأهالي الغاضبين، دون الاستماع لشكواهم أو الاستجابة لمطالبهم، بسبب اعتراضهم على التهجير القسري.

قامت جحافل السيسي الأمنية بالقبض على نحو 30 من أهالي عزبة نادي الصيد بالإسكندرية، خلال تفريقها لوقفة احتجاجية للأهالي، الجمعة الماضية، اعتراضًا على قرار تهجيرهم من منازلهم إلى منطقة "بشاير الخير" بالمحافظة، دون توضيح لخطة النقل وتعويض الأهالي. وحتى الآن المقبوض عليهم لم يتم عرضهم على النيابة، كما أن عددًا منهم محتجزون بمعسكر مرغم للأمن المركزي بالمحافظة.

وبحسب أهالي المنطقة تسعى الحكومة لتهجير سكان عزبة نادي الصيد لبيعها لمستثمرين على غرار ما تم مع سكان جزيرة الوراق من قبل. ويصر المسئولون بالمحافظة على تجاهل توضيح خطة نقل أهالي المنطقة وآلية تعويض الحالات المختلفة، بما فيها أصحاب العقارات وملاك الوحدات السكنية، والورش، والمصانع، والمحال التجارية، إلى جانب الوحدات السكنية بنظام الإيجار.

مش هنمشي

وردد المحتجون خلال الوقفة هتافات؛ «مش هنمشي»، و«بالطول والعرض مش هنسيب الأرض»، و«إيد واحدة » في إشارة إلى تضامن أهالي المنطقة، غير أن قوات الأمن قابلتهم بإلقاء القنابل المسيلة للدموع وفض الوقفة، والقبض على عدد من الأهالي.

وقد فوجئ أهالي العزبة ببيان صادر عن النائب في برلمان العسكر محمود قاسم يوم الأربعاء 28 مايو يعلن خلاله عن وجود قرار بحصر كافة منازل المنطقة والأهالى الموجودين بها، تمهيدا لتسليمهم وحدات سكنية جديدة، دون توضيح لخطة النقل وحقوق جميع المضارين.

وبعد ثلاثة أيام من البيان حضرت إلى المنطقة في الثاني من يونيو الجاري 2021م، لجنة لحصر وترقيم العقارات، وفي اليوم التالي دونت تلك اللجنة أسماء أصحاب الوحدات السكنية (الزوج -الزوجة) وصورت الشقق من الداخل، وطلبت اللجنة من سكان أول خمسة عقارات بالمنطقة التواجد في شققهم لاستكمال بيانات انتقالهم إلى منطقتي "بشاير الخير" 3و5، وإجراءات استلام شقق بديلة عن شققهم بها.

بينما أخبرت إدارة مدينة "بشاير الخير" سكان العقارات الخمسة بأن جميعهم سيحصلون على شقق بإيجار قيمته 300 جنيه، كما أنه جاري تحديد أصحاب المحال الذين سيتم تعويضهم بمحال داخل بشاير الخير3، غير أن سكان «نادي الصيد» اعترضوا بسبب توحيد طريقة التعامل مع السكان وعدم مراعاة الظروف المختلفة لهم، لافتين إلى أن التعويض لم يراع السكان الذين يمتلكون شققهم، ولم يراع من يمتلك مصنع ومن يمتلك ورشة صغيرة، ولم يوضح مصير الشقق الخالية التي اشتراها الأهالي لزواج أبنائهم، إذ إن الشخص المالك لورشة بـ600 ألف جنيه الحكومة ستعوضه بمحل مساحته 3 في 4 متر!

البيع لمستثمرين

ووفق روايات أهالي العزبة،، أكدوا أنهم «عارفين من زمان أن الأرض هتتباع لمستثمرين وإننا هنمشي غصب عننا منها، ومفيش في أيدينا حاجة، لكن على الأقل يدونا حقوقنا»، مضيفًين في تصريحات لوسائل إعلام مستقلة: «قررنا نعمل وقفة احتجاجية الجمعة عشان المسؤولين يتكلموا معانا ويفهمونا إيه اللي بيحصل».

محافظ الإسكندرية اللواء محمد الشريف، من جانبه، علق على اعتراضات سكان العزبة في حديث لبرنامج «الحكاية» الذي يقدمه الإعلامي المقرب من الانقلاب عمرو أديب على قناة «إم بي سي مصر» محددًا السبب في تهجير الأهالي، في كون المنطقة عشوائية بدرجة كبيرة، ويتضرر أهلها بصورة كبيرة في الشتاء بسبب تراكم مياه الأمطار داخل المنازل، حسب قوله.

وحدد الشريف خطة التهجير في نقل كل شخص معه شقة أو محل تمليك إلى بديل له، بمنطقتي «بشاير الخير 3 و5» التي لا تبعد إلا 3 كم عن المنطقة التي يسكنون بها، كما حدد العدد الإجمالي للمنقولين للشقق بستة آلاف و44 أسرة، فيما بلغ عدد المحال الجديدة ألف وثمانية محل وورشة.

وهو ما اعتبره عضو مجلس النواب عن الدائرة محمود قاسم، متضمنًا لجميع البيانات المتاحة عن نقل أهالي العزبة إلى مدينة بشاير الخير، لافتًا إلى أنه جاري التأكد من الأهالي عن إجمالي عدد المستحقين لوحدات سكنية ومقارنته بالعدد الذي حدده المحافظ.

من جانبهم، وصف أهالي المنطقة تصريحات المحافظ بأنها «تفتقد الصحة والدقة»، موضحين أنه فيما يتعلق بالتهجير بسبب مشكلة تراكم المياه داخل منطقة نادي الصيد فقد تم حلها بعد تطوير شبكة الصرف الصحي الذي نفذه صندوق تطوير العشوائيات بالمحافظة، ولم تتعرض المنطقة لأي مشكلة خلال فصل الشتاء السابق.

وفيما يخص خطة النقل لمدينة بشاير الخير، أكد الأهالي أن عدد سكان العزبة لا يقل عن 15 ألف أسرة، فضلًا عن أن جميع الممتلكين لوحدات سكنية أو تجارية بالمنطقة لا يوجد بينها أحد مسجل الملكية في الشهر العقاري بسبب كون تلك المنطقة منطقة وضع يد.

إلى ذلك، وصف عضو مجلس النواب السابق عن محافظة الإسكندرية، هيثم أبوالعز الحريري،  ما يحدث في عزبة نادي الصيد بالتضارب الذي تعيشه أجهزة الدولة، مضيفًا «نحن أمام دولتين إحداهما شغالة في بناء وصيانة وتطوير منطقة نادي الصيد، وأخرى واخدة قرار بهدمها وبيعها للمستثمرين».

ولفت الحريري في تصريحات صحفية ، إلى أن عزبة نادي الصيد تقع في المنتصف بين الداون تاون التي تم إخلائها من ساكنيها من وقت قريب، ومنطقة مطار النزهة، والمناطق الثلاث وإلى جانبهم عزبة المطار ومنطقة أبيس العاشرة، سبق وأعلن وزير الإسكان في حديثه أمام السيسي عن تطوير الإسكندرية، تخصيصها للمستثمرين كمنطقة أعمال، لافتًا إلى أن شركة هشام طلعت مصطفى، من المرجح أن تكون هي من تشتري تلك المنطقة.

وقال الحريري الذي سبق وتقدم بثلاثة طلبات إحاطة تخص المنطقة لمجلس نواب العسكر المنقضي في منتصف ديسمبر الماضي، «نحن أمام نموذج مشابه لما حدث في جزيرة الوراق. أرض عجبتنا فقررنا نمشي الناس منها»، لافتًا إلى أنه لا يوجد أحد يعارض التطوير وخصوصًا منطقة عزبة نادي الصيد، ولكن كان على الحكومة أن تطرح خيارات لأهالي العزبة منها العودة إليها بعد التطوير، ومراعاة الظروف المختلفة للأهالي على غرار ما سبق ونفذته عند تطوير منطقة «ماسبيرو».

وكان قائد الانقلاب السيسي قد أعلن بداية من يونيو 2017 نيته إخلاء جزيرة الوراق من السكان، وهو ما تبعه نشر وسائل الإعلام مشروع منسوب للهيئة العامة للتخطيط العمرانية يكشف تفاصيل تحويل الجزيرة إلى «منتزه سياحي ثقافي ترفيهي تجاري على ضفاف النيل» تحت اسم «جزيرة حورس»، قبل أن تشن الأجهزة الأمنية حملة لإزالة مئات المنازل بالجزيرة، ونزع ملكية أراضيها من الأهالي.

وكانت محافظ الإسكندرية قد أعلن في مارس من العام الماضي تطوير سبعة أماكن بالإسكندرية منهم عزبة نادي الصيد، وقد خصص صندوق تطوير العشوائيات لها 115 مليون جنيه لتطوير البنية التحتية بها من صرف صحي ومياه وكهرباء وغاز ورصف.

طلب إحاطة

وهو ما تقدم على إثره الحريري وقتها لمجلس نواب العسكر بطلب إحاطة، اعتبر خلاله أن تخصيص هذا المبلغ فقط للمنطقة يعد إهدرًا للمال العام لأنها تحتاج إلى تطوير شامل على غرار ما حدث في منطقة غيط العنب بالمحافظة التي أعيد بناؤها وتخطيطها.

وبحسب الحريري، شملت مناقشة الطلب في البرلمان في حضور ممثلين عن وزارة الإسكان وصندوق تطوير العشوائيات تخوفه من أن تفكر الدولة في إزالة المنطقة وتطويرها بعد إنفاق تلك المبالغ عليها، غير أن المسؤولين ردوا وقتها بأن الدولة لن تلجأ إلى هذا الخيار، وأن تلك الأموال هي الموارد المتاحة لتطوير تلك المنطقة، مشيرًا إلى أن المحافظة نفذت جزءًا من خطة تطوير المنطقة، وقامت بإصلاح شبكة الصرف الصحي وبصيانة عدد من المدارس بالمنطقة غير أن الأهالي فوجئوا بوقف التطوير في شهر يناير الماضي دون إبداء أسباب، لافتًا إلى أنه في الوقت الذي تستعد الحكومة لهدم المنطقة وإخلائها من السكان، فإن أعمال الصيانة مستمرة في مركز شباب المنطقة وهيئة الأبنية التعليمية بالمحافظة تستعد لبناء مدرستين بها.!!! وهو ما يكشف إلى أي مدى التضارب في القرارات وعشوائية السياسات، وغشم العقلية العسكرية التي تعالج اعتراضات السكان الغلابة بالقنابل والسلاح والتهجير القسري، والذي تتنتظره العديد من المدن المصرية والمناطق التي يرغب بها المستثمرون، كنزلة السمان ووسط القاهرة وعزبة الهجانة والكيلو 4 ونصف بشرق القاهرة ، والعريش والشيخ زويد ومناطق بالصعيد وأسوان والنوبة ومرسى مطروح والبحيرة.

بينما تتبني دول كتركيا نهجا معتدلا في تطوير العشوائيات، بنقل السكان إلى مساكن بالإيجار المدفوع من قبل الحكومة ثم تقوم بالإزالة والبناء والتطوير وإعادة السكان إلى مساكنهم مع الاستفادة بفارق الأدوار والتوسعات في البنايات التي يبنيها المستثمرون، دون تحميل الأهالي أية مبالغ مالية، ولا الحكومة أيضا، التي تكتفي بتوصيل الخدمات والمرافق مجانا فيما تقوم الشركات والمستثمرون بالبناء والتطوير مقابل تحقيق أرباح لهم بالأدوار الإضافية ، ويخرج الكل كسبان بعكس ما يجري في مصر ن من قهر عسكري وتهجير قسري مخالف للدستور والقانون.