لاتشعر دولة الانقلاب العسكري بمعاناة فقراء مصر الأكثرية بالطبع داخل المحافظات الفقيرة، لكنها تشعر بأن لديها فائض مرتفع تريد استغلاله. وبدلا من تطوير القرى والمؤسسات الرئيسية ورفع رواتب الكادحين، تتجه نحو تنفيذ قرارات لاتفيد المصريين أغلبهم بالطبع، حيث قررت سلطة الانقلاب تنفيذ أول مشروع قطار سريع بطول 660 كيلومترا، وبتكلفة تصل إلى 9 مليارات دولار.
ما القصة؟
كشفت صور وتقارير رسمية أنه تم "رصد أعمال تنفيذ المشروع الذي يبدأ مساره من العين السخنة على ساحل البحر الأحمر منطلقا موازيا لطريق الغردقة إلى القاهرة وسط المناطق الصحراوية والجبال، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة ووصولا إلى الجبال التي تسبق منطقة حلوان، متجها إلى مدينة أكتوبر ومنها إلى الإسكندرية وبرج العرب والعلمين حتى يصل محافظة مطروح غرب البلاد، وفقا لليوم السابع".
وتحت إشراف الهيئة الهندسية التابعة للقوات الامسلحة، جرى البدء في أعمال تجهيز المسار وشق الجبال في المسافة من حلوان و15 مايو حتى العاصمة الإدارية لينتهي مسار المشروع بمحطته الأخيرة داخل ميناء العين السخنة، حيث تلجأ شركات المقاولات المشاركة في تنفيذ المشروع لاستخدام المتفجرات في تفجير الجبال المتعارضة مع مسار مشروع أول قطار سريع، حيث تم تقسيم المسار إلى قطاعات وتوزيعه على شركات المقاولات المصرية.
وتنجز شركات المقاولات المصرية أعمال تجهيز المسار والطريق الذي سيسير عليه القطار السريع بالتوازي مع الشروع في إنشاءات المحطات المتواجدة بالمسار، بعدما تم الانتهاء من أعمال تحديد المسار بالكامل وأعمال الرفع المساحي بطول المشروع الذي تقترب تكلفته من 9 مليارات دولار، فيما ستقوم شركة "سيمنز" العالمية بتنفيذ نظم الإشارات والاتصالات بالمشروع وتوريد القطارات التي ستعمل به بعد تنفيذه".
ما الفائدة؟
الصحفي والخبير الاقتصادي عمار مصطفى يكشف أن "مخطط عبد الفتتاح السيسي، قد يشكل أعباء جديدة على المصريين، إذ أن عائدات الضرائب والقوانين التي أقرتها مصر تصب في جيب الحكومة، وأنه كان من المفترض أن يتم إنفاق تلك المليارات على خطط توسعية للمواطنين، خاصة الصعيد وسيناء والقرى الأكثر فقرا".
ويضيف "أو يتم استغلال تلك المبالغ في تطوير الشبكة الرئيسية للقطارات السكك الحديدية المترامية الأطراف في مصر، بدلا من إنشاء قطار سريع يخدم فئة محددة وصغيرة".
الدولي يفضح العسكر
وفي تقرير حديث للبنك الدولي عن مصر أن "البلد ارتفعت معدلات الفقر فيه إلى نحو 60% بدلا من 30%".
وأوضح التقرير أن "حوالي 60% من سكان مصر فقراء أو عرضة للفقر، مشيرا إلى أن عدم المساواة آخذ في الازدياد. وكان معدل الفقر الوطني يقترب من 30% عام 2015، حين بدأت الشراكة مع البنك الدولي، مقارنة بـ 24.3% عام 2010. ويلفت البيان إلى وجود تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر في مصر، حيث تراوح بين 7% في محافظة بورسعيد و 66% في بعض محافظات الصعيد".
كما شدد البيان على أن "القرارات التي نفذها السيسي، أثرت على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع بعض تكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات".
هوس السيسي يتصاعد
أكبر قصر رئاسي وأكبر مسجد وأكبر كنيسة وأكبر عاصمة إدارية وأكبر جسر وأسرع قطار ومشاريع أكثر يراها مراقبون غير ذات جدوى اقتصادية حقيقية فيما يزعم الإعلام المصري المقرب أغلبه من المنقلب عبد الفتاح السيسي أنها الأكبر في المنطقة، وأحيانا في العالم كله. في بلد تزيد فيه نسبة الفقراء زيادة غير مسبوقة. هكذا قال الباحث أمجد سعيد والمدون الشهير، تعليقا على قرار إنشاء قطار سريع على البحر المتوسط.
ويكمل "إحنا فقراء قوي" جملة رددها السفاح السيسي عام 2017، أثناء حديثه عن ظروف مصر الاقتصاديّة الصعبة، لكن الجملة عادت للواجهة مرة أخرى على خلفية سلسلة فيديوهات للمقاول محمد علي، الذي كشف عما قال إنه "فساد كبير يتم في مشاريع يشرف عليها الجيش، منها بناء قصور رئاسية هي الأكبر في المنطقة". وبرغم أن محمد علي لم يقدم دلائل على كلامه فإن ما قاله قُوبل باستقبال حماسي من مستخدمين كثر أغلبهم يعارض النظام الحالي".
وقبل عامين، افتتح السيسىي مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، اللذين يعدان الأكبر في المنطقة، حينذاك انتقد مصريون اهتمام السيسي ببناء دور عبادة وتجاهله بناء مستشفيات جديدة أو مؤسسات تعليمية في بلد يمتلك عددا كبيرا من المساجد والكنائس. إذ تفيد بيانات رسمية أن إجمالي عدد المساجد والزوايا في مصر نهاية عام 2017، بلغ 132 ألفا و809 مساجد وزاوية، مقابل 3126 كنيسة.
بعدها أعلنت مصر البدء في إنشاء أطول برج في أفريقيا بمنطقة الأعمال المركزية في العاصمة الجديدة، وحينذاك قالت وسائل إعلام إن البرج سيسحب البساط، عند اكتماله، من برج كارلتون سنتر وسط جوهانسبرغ، الذي يعتبر حاليا أطول برج في أفريقيا بارتفاع 222.5 متر، إذ سيبلغ ارتفاع البرج المصري نحو 385 مترا.
وفي مايو الماضي، أعلنت موسوعة جنيس للأرقام القياسية رسميا أن الجسر الذي افتتحه السيسي في الشهر نفسه، ويحمل اسم محور روض الفرج وكوبري تحيا مصر، دخل موسوعة جنيس بوصفه أعرض جسر معلق في العالم.
