السيسى يرتضي الحل “الودي” لأزمة سد النهضة والمخابرات الأمريكية تتدخل لإنقاذه

- ‎فيأخبار

توارى ملف سد النهضة بعد تصعيد مارسته مصر والسودان باللجوء إلى مجلس الأمن، إذ لم تسفر جلسة النقاش عن قرار، لكن في ذات الوقت لا يمكن نفي نتائجها، ومنها إعلان دولتي المصب رفضهما لمواقف إثيوبيا،كما تسبب خضوع المنقلب عبد الفتاح السيسي إلى تباهي دولة إثيوبيا بأنها انتصرت على مصر، وجاء ركوع السيسي لزيادة النعرة الإثيوبية نحو ملف سد النهضة والذي عاد مرة أخرى على الساحة الإقليمية والدولية، بعدما صرح المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي أن "إعادة ملف سد النهضة إلى الاتحاد الإفريقي يمثّل انتصارا دبلوماسيا كبيرا لأديس أبابا".
وفي هذا السياق أشار مفتي إلى أن "محاولات تدويل سد النهضة كانت أبرز التحديات التي واجهت إثيوبيا خلال العام الحالي".
قبل أيام قالت السفارة الإثيوبية إن "المناقشات بشأن سد النهضة الإثيوبي تخص الاتحاد الأفريقي، وذلك بعد وقت قصير من مناقشة الأزمة في مجلس الأمن الدولي بطلب من السودان ومصر".

خيبة أمل
على الجانب الآخر، زعم وزير خارجية الانقلاب، سامح شكري في مقابلة مع وكالة «بلومبيرج » الأميركية، حرص مصر على تجنب صراع مسلح حول سد النهضة".
وقال شكري في المقابلة التي نشرت أمس إن "مصر ملتزمة بالمحادثات، وإنه بالنسبة إلى أي دولة جميع الخيارات مفتوحة دائما في أزمة سد النهضة، لافتا إلى أن مصر حريصة على تجنب أي نوع من الصراع العسكري".
وتعتبر مصر والسودان السد تهديدا لإمدادات المياه الحيوية لهما، فيما تعدّه إثيوبيا ضروريا للتنمية ومضاعفة إنتاجها من الكهرباء.

فتش عن المخابرات الأمريكية
يقول عصام شعبان الباحث في الإنثروبولوجيا الاجتماعية والسياسية "من بين أسباب تأخر عودة المفاوضات، الصراع المسلح في إثيوبيا ومشكلاتها الحدودية مع السودان وما ينتج ذلك من مخاطر داخلية في الدولتين، كما ساهم افتقاد وجود مبادرات مكتملة وجادة في بقاء الأزمة معلقة ثلاثة أشهر، وإيجاد فرصة لتدخلات دولية وعنوان لقاءات دبلوماسية أو أحد موضوعاتها الرئيسية على الأقل".
ويضيف "هناك عدة اتصالات وأنشطة دبلوماسية، منها زيارة مسؤول الاستخبارات الأميركية للقاهرة أخيرا والذي بحث مشكلة سد النهضة والوضع الفلسطيني ضمن لقائه السيسي، وترتيب الأدوار وتبادل المنافع ولا يُعد ذلك انحيازا أميركيا في الأفق إلى مصر كما تروج إثيوبيا، بل اتفقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على رفض التصعيد، وهو ما أدى إلى هدوء نسبي في خطاب مصر الرسمي بعد فترة من تصريحات حملت التلويح باستخدام الخيار العسكري، وتزامنت معه تعبئة إعلامية، حتى بات خبر ضربة عسكرية خاطفة محل انتظار، هذا التراجع لا ينفي احتمالية أن تتحرك مصر عسكريا بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة أن مرحلة الملء الثالث مايو – يونيو 2022 ستحمل مخاطر مكلفة، في الوقت ذاته تتفق القوى الدولية على قطع الطريق على أي تصعيد عسكري محتمل، وهذا الخيار صعب ومحكوم بحسابات دولية ومحلية لأطراف الأزمة، لذا استُبدل بمواجهات مستترة تتخذ شكلا دبلوماسيا وإعلاميا".

فك اشتباك
وتحاول أديس أبابا التي تخوض صراعا عسكريا مرتفع التكاليف مع جبهة تحرير التيجراي، استكمال بناء وتشغيل السد، إلا أن ذلك لن يمر بسهولة أمام أضرار تلحقها بدولتي المصب، وخبرات مفاوضات تنتهي بخطوات منفردة لأديس أبابا، وإن كان السد يمثل خطرا على دولتي المصب، ففي المقابل يمثل لأديس أبابا ملفا شائكاً في حال استمرار الصراع مع طرفي الأزمة، بينما إحراز النجاح فيه يعزز سلطة آبي أحمد التي نالت منها الحرب.
وسبق أن كثفت القاهرة جهودها دبلوماسيا لإعادة التوازن وكسب الأطراف الدولية إلى ساحتها قبل عودة المفاوضات، وطالبت عبر اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بـضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته لدفع عملية التفاوض للوصول إلى اتفاق شامل وعادل ومُلزم حول ملء وتشغيل السد، بينما تلاحق أديس أبابا مصر دبلوماسيا في محاولة لتسيد سرديتها وعدم إحداث تغيير في مواقف دول مجلس الأمن وحوض النيل التي اتسمت غالبيتها إما بانحياز إلى إثيوبيا أو إبداء الحياد.

فضح تهديدات السيسي العسكرية
وفي هذا السياق زار وزير الري فى دولة الانقلاب جنوب السودان والكونغو لتعزيز التعاون مع دول حوض النيل، بينما حاور سامح شكري وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الوقت التي كانت تزور وزيرة السلام الإثيوبية ألمانيا وبريطانيا، وطالبت أديس أبابا أنيت ويبر ممثل الاتحاد الأوروبي في القرن الإفريقي باتخاذ موقف محايد في قضية السد، وذلك ردا على إعلان ويبر استعداد الاتحاد للمساهمة في حل الأزمة بالتعاون مع الولايات المتحدة، والتي أجرى وزير خارجيتها أنتوني بلينكن اتصالا برئيس الكونغو والتي تترأس بلاده الاتحاد الأفريقي وشدد على دور الاتحاد الأفريقي في حل الأزمة.
إجمالا يمكن القول إن "الصراع الدبلوماسي أصبح قائما بصورة كبيرة بديلا عن الخيار العسكري، وإن بداية العام القادم ستشهد احتمالين، إما تصعيدا أو تمهيدا لتوقيع اتفاق يتضمن التشغيل واستكمال مراحل الملء، وستسعى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لجمع أطراف الأزمة برعاية الاتحاد الأفريقي. أما موقفا الصين وروسيا فلا يلحظ عليهما تغيير عن ما عبرت عنه الدولتان من مواقف ترتبط بمصالحهما في أفريقيا وإثيوبيا خصوصا، واعتبار أن موقفهما محايد، غير منحاز إلى أي طرف وفق ما تشاهده الأن من تصورات حول جمود للملف الشائك منذ عدة أشهر".