خبراء لـ”واشنطن بوست”: إستراتيجية الانقلاب لحقوق الإنسان محاولة لتجميل وجه السيسي في الخارج

- ‎فيأخبار

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا سلطت خلاله الضوء على إطلاق المنقلب السفاح  عبدالفتاح السيسي مايسمى بـ"الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" الشهر الماضي، ردا على الانتهاكات المتكررة التي وجهتها الحكومات الغربية وجماعات حقوق الإنسان العالمية.

وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة"، يشعر بعض المدافعين بالتفاؤل الحذر ويقولون إنه "قد يحرز تقدما تدريجيا في مجال حقوق الإنسان، ويقول آخرون بحذر إن ذلك لا يشير إلى أكثر من الرغبة في تهدئة الضغط الخارجي".

وأصدر السيسي الوثيقة قبل أيام من إعلان إدارة بايدن أنها ستفرض شروطا جديدة تتعلق بحقوق الإنسان على 130 مليون دولار من أصل نحو 1.3 مليار دولار من المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة إلى مصر كل عام.

وتشمل الشروط أن توقف مصر الملاحقات القضائية في القضية رقم 173، التي حققت مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، وأن تلغي التهم أو تفرج عن 16 فردا ممن أثنى مسؤولون أمريكيون على أسمائهم لدى حكومة  المنقلب السيسي.

وقال علاء رشدي، مساعد وزير الخارجية لشؤون حقوق الإنسان بحكومة الانقلاب، في مقابلة مع واشنطن بوست إن "الإستراتيجية الجديدة وضعت على مدى عدة سنوات ولم يتم نشرها ردا على مخاوف الولايات المتحدة والقوى الأجنبية الأخرى بل إنها مبادرة وطنية بحتة".

وتغطي الوثيقة أكثر من 70 صفحة وتعرض خطة حكومية لحماية حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها خلال السنوات الخمس المقبلة، وتشير الإستراتيجية إلى بعض المخاوف الرئيسية التي أثارتها جماعات حقوق الإنسان، بما في ذلك بشأن الاحتجاز السابق للمحاكمة، والتي يقول المدافعون عنها إنها استخدمت لسجن المتهمين إلى أجل غير مسمى.

وقال محمد أنور السادات، وهو برلماني سابق تحدث صراحة عن انتهاكات حقوق الإنسان" إنها خطوة جيدة، إنها إيجابية".

وفي عام 2017، طرد من البرلمان ابن شقيق الرئيس السابق أنور السادات، وسط مزاعم بأنه وزع تعليقات مهينة حول هذا الموضوع على منظمات أجنبية واتهامات بتزوير توقيعات زملائه، وهو الآن يقود حزب الإصلاح والتنمية وينسق مجموعة مستقلة تمارس ضغوطا من أجل إطلاق سراح السجناء.

ولفت إلى أن "الإستراتيجية الحكومية تتيح الفرصة لمحاسبة المسؤولين عن تنفيذ الأفكار المطروحة، مضيفا نحتاج إلى رؤية شيء يحدث على أرض الواقع".

 

انتظار وترقب

وقال نجاد البرعي، وهو محام في مجال حقوق الإنسان تم التحقيق معه في إطار القضية 173، وحضر اجتماعات الحكومة بشأن وضع الإستراتيجية إنه "يمكن أن يكون سلاحا بين أيدينا للدفع باتجاه المزيد من التغيير ودعم حقوق الإنسان، ولكنه الآن يتخذ نهج الانتظار والترقب قائلا كل ما أستطيع قوله لهم هو سأظل أعينك، سأرى إن كنت صادقا أم لا".

هذا الأسبوع، ذكرت وسائل الإعلام الموالية للانقلاب أن أعضاء برلمان السيسي وافقوا أيضا على إعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي سيضم في تشكيله السادات وغيره من الشخصيات.

وزعم علاء رشدي ، مساعد الوزير، أن "الإستراتيجية تشير إلى وجود إرادة سياسية قوية جدا، لإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان، وقال إن المسؤولين درسوا إستراتيجيات مشابهة من أكثر من 30 دولة، بما فيها فنلندا ونيوزيلندا وكازاخستان وأذربيجان وكوريا الجنوبية وتنزانيا، كجزء من عملية بحوثهم".

لقد تعرضت خطوة إدارة بايدن، التي اشترطت تقديم بعض المساعدات الأميركية بشأن التقدم في مجال حقوق الإنسان، للانتقاد في عدة دوائر بسبب فشلها في اتخاذ الخطوات الكافية.

وقال شريف منصور، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، الذي كان أيضا متهما في القضية رقم 173 "إنه قرار ساذج وخجول وأعتقد أنه يعطي 90 بالمائة من الشيك على بياض للسيسي".

وفي سياق الحملة الانتخابية، تعهد جو بايدن بأنه لن يكتب أي "شيكات على بياض" أخرى للسيسي، ولم يقم بايدن خلال الأشهر الأربعة الأولى من رئاسته بتمديد لفتة الاتصال الهاتفي بنظيره في القاهرة، على الرغم من دور مصر كحليف مهم في المنطقة.

واكتسب السيسي بعض الأهمية في واشنطن عندما ساعدت القاهرة في التوسط لوقف إطلاق النار لإنهاء القتال بين الكيان الصهيوني وحركة حماس في مايو، وفي الأسبوع الماضي، التقى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان مع السيسي في القاهرة بعد رحلات إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وكان النشطاء يأملون أن خطابات بايدن الحادة بشأن حقوق الإنسان تعني أن الإدارة ستعلق شروطا على أكثر من 130 مليون دولار كمساعدات.

 

تغييرات تجميلية

وفي مقابلة عبر الهاتف قال السيناتور كريس مورفي (دي-كون)، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ "ما يقلقني هو أنه سيجري القيام بتغييرين تجميليين ولكن سيبقى عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في نهاية السنة، إن الخطر المتمثل في تبني سياسة تركز على إطلاق سراح مجموعة معينة من الناس هو أنها تعفي النظام من استبدالهم بعدد مساو أو أكبر من الناس الذين يوضعون في السجن في حين يجري إخراج البعض منهم".

وكانت ماهينور المصري، وهي محامية في مجال حقوق الإنسان، واحدة من عدة معتقلين أطلق سراحهم من سجن مصري في يوليو، واحتجزت لمدة 22 شهرا في الحجز السابق للمحاكمة بينما كانت تواجه إدعاءات بأنها نشرت أخبارا كاذبة وتعاونت مع جماعة إرهابية، وقالت المصري إنها "لا تزال لا تعرف الظروف الدقيقة التي أدت إلى إطلاق سراحها".

وأضافت "كل ما كنت أفكر فيه هو أنها محاولة لتجميل صورتهم لا أكثر، لأنه بطريقة أو بأخرى، من الناحية القانونية كان يفترض أن يطلق سراحنا منذ زمن بعيد وكذلك كان هناك آخرون كثيرون".

وأوضحت أنها كانت تعتقد أن "الحكومة قد تستغل الإفراج عنها لإرسال رسالة مفادها أن هناك تغييرا سيحدث، ولكن عدم اتخاذ إجراءات ملموسة في العديد من الحالات الأخرى جعلها متشككة بشأن ما إذا كانت الإستراتيجية الجديدة لحقوق الإنسان سوف تحرز تقدما حقيقيا وقالت أطلقوا سراح أعداد حقيقية من الناس، وانظروا إلى حالات الجميع".

وبعد إطلاق الإستراتيجية مباشرة، وجهت سلطات الانقلاب الاتهام إلى باتريك جورج زكي، الباحث في حقوق الجنسين في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والذي كان محتجزا رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة منذ فبراير 2020، بتهم نشر أخبار كاذبة محليا وخارجيا في مقال صدر عام 2019، ومثل أمام المحكمة الأسبوع الماضي إلا أن جلسة الاستماع تأجلت إلى ديسمبر.

وقال حسام بهجت، المدير التنفيذي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إنه "في حين أن الإستراتيجية الجديدة قد تحسن حياة بعض الناس، إلا أن المأزق الذي تعيشه منظمته هو مثال كامل على الانفصال بين الخطاب والواقع".

وأضاف "يُطلب منا أن نعترف بجدية الحكومة بشأن حقوق الإنسان في شكل هذه الوثيقة التي أطلقوها، بينما دافع أيضا عن أحد باحثينا الذي يواجه حكما بالسجن يصل إلى ثماني سنوات لأنه كتب مقالا".

كما يواجه بهجت نفسه موعدا للمحكمة في نوفمبر بسبب تغريدة نشرها في العام الماضي وانتقد فيها رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المتوفى، وحثت وزارة الخارجية مصر على عدم استهداف بهجت.

ورفض رشدي التعليق على حالات فردية، لكنه قال إن "التنفيذ التدريجي لهذه الإستراتيجية قد بدأ بالفعل، مشيرة إلى أنها ليست عصا سحرية، بل هي خطة طويلة الأجل".

 

https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/egypt-sissi-human-rights/2021/10/04/98d73674-214e-11ec-a8d9-0827a2a4b915_story.html