“فورين بوليسي”: هزيمة الانقلاب في السودان ما تزال ممكنة

- ‎فيأخبار

نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا سلطت خلاله الضوء على تطورات الأوضاع في السودان عقب الانقلاب العسكري الذي قاده اللواء عبدالفتاح البرهان، مؤكدة أن إسقاط الانقلاب أمر ممكن، ويتعين على الولايات المتحدة وحلفائها أن يفعلوا أكثر من مجرد الحديث عن الديمقراطية ؛ يجب عليهم العمل للدفاع عنها.

وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" ففي 25 أكتوبر، استيقظ الشعب السوداني على انقلاب عسكري بعد أيام من تصاعد التوتر والصراع بين شخصيات مدنية وعسكرية في مجلس السيادة المؤقت.

بعد انتفاضة 19 ديسمبر 2018، التي أطاحت بالديكتاتور العسكري السابق للبلاد، عمر البشير، شكلت السلطات المدنية والعسكرية المجلس للإشراف على الميثاق الدستوري لفترة مؤقتة يتم خلالها بناء حكومة ديمقراطية، وخلال الساعات القليلة الأولى من انقلاب يوم الاثنين، احتجز الجيش أبرز القادة المدنيين المؤقتين، وأبرزهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وزوجته، إلى جانب أعضاء آخرين في الحكومة وقادة الأحزاب.

 

فرصة هزيمة الانقلاب

وأضاف التقرير أن حملة الاعتقالات هذه أدت إلى إخراج السودان عن مساره بشدة عن مواصلة رحلته نحو شكل أكثر تعددية وتمثيلا للحكومة، لكن لا تزال هناك فرصة لهزيمة الانقلاب العسكري السوداني، ومع ذلك، لن يكون هذا سهلا، نظرا لقسوة الجيش والدعم الذي تلقاه من القوى الإقليمية التي قاومت مرارا وتكرارا موجات التحول الديمقراطي في العالم العربي خوفا من تأثير الدومينو، ومع ذلك، فإن الرسائل القوية والواضحة من المجتمع الدولي يمكن أن تعزل هذه القوى المناهضة للديمقراطية، وكذلك المجلس العسكري السوداني الذي يعتمد على دعمه.

وأوضح التقرير أن جيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي الخاص إلى القرن الأفريقي، غادر السودان يوم الاثنين قبل بدء الانقلاب مباشرة، وحذر الجيش من الاستيلاء على السلطة، ردا على ذلك، أوقفت الولايات المتحدة 700 مليون دولار كانت قد تعهدت بدعم انتقال ديمقراطي، هذه بداية، لكن يجب على واشنطن وحلفائها الديمقراطيين فعل المزيد، مضيفا أن جنرالات من النظام السابق ضغطوا على الزناد وشنوا الانقلاب بعد تلقيهم تأكيدات بأن القوى الإقليمية ستدعم استعادة الديكتاتورية العسكرية.

وأشار التقرير إلى أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، تلقى اللواء العسكري الأعلى في السودان، عبد الفتاح البرهان، وثانيه سيئ السمعة في القيادة وزعيم ميليشيا الجنجويد العنيفة، محمد حمدان دقلو، المعروف أيضا باسم حميدتي، دعما مفتوحا من الحكومات القوية في المنطقة من بينهم، رفض العسكريين في مصر – الذين تولوا السلطة أيضا في انقلاب بعد ثورة في عام 2011 أسفرت عن تجربة قصيرة في الانتخابات التنافسية – البقاء مكتوفي الأيدي بينما نجح جارهم الجنوبي في فتح نظام الحكم.

كما تلقى الجيش السوداني دعما سخيا من الأنظمة الملكية الغنية بالنفط في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكلاهما دعم سابقا الثورات المضادة بعد الموجة الأولى من الربيع العربي في عام 2011، وشجع الجيش أكثر عندما جندت هاتان القوتان الإقليميتان ميليشيات الجنجويد للقتال في حربهما في اليمن.

 

خدعهم العسكر

على الرغم من المشاكل المستمرة في محافظات مثل دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، يراهن العديد من المواطنين السودانيين على نجاح العملية الانتقالية التي جمعت قوى الحرية والتغيير – وهي تحالف مدني يضم أبرز نقابة مهنية في البلاد تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد ثورة 2018 – مع جنرالات من النظام القديم، وكانوا يأملون أن ينجح هذا التحالف العسكري المدني في بناء إطار ديمقراطي يمكن أن يضع حدا لعقود من القمع والديكتاتورية.

وقد انتظر المعسكر المؤيد للديمقراطية بصبر أن يتولى الجناح المدني لهذا التحالف قيادة مجلس السيادة، وفقا للميثاق الدستوري، بعد انتهاء فترة 21 شهرا من الحكم العسكري في يوليو من العام المقبل، ومع ذلك، تخلى البرهان، الذي قاد المجلس منذ إنشائه، عن تعهده بنقل السلطة إلى المدنيين.

وتابع التقرير"على مدى عقود، عانى السودان بشكل كبير في ظل الحكم العسكري، مما أدى إلى كسر إحساسه بالوحدة الوطنية وتعطيل استقراره، ومما زاد الطين بلة، أن حكومة البشير العسكرية شكلت مجلس قيادة الثورة للإنقاذ الوطني، الذي فرض رؤية محافظة اجتماعيا على البلاد، شهد حكمهم الذي دام 30 عاما تدهورا غير مسبوق في الظروف الاقتصادية، ويرجع ذلك جزئيا إلى العقوبات الدولية في مواجهة جرائم الحرب التي ارتكبتها الحكومة في دارفور وأماكن أخرى.

وفقا للميثاق الدستوري، كان من المفترض أن يقود الجيش مجلس السيادة لمدة 21 شهرا فقط، وبعد ذلك سيتولى المدنيون القيادة لمدة 18 شهرا ، وهي فترة كان من المفترض في البداية أن تبدأ في مايو ثم تأخرت حتى يوليو 2022  ستتبع هذه الفترة انتخابات عامة من شأنها أن تمهد الطريق لانتقال دائم وديمقراطي وسلمي للسلطة بحلول عام 2024.

وأردف التقرير"لم يكن من المتوقع أبدا أن تمضي الفترة الانتقالية بسلاسة، ومع ذلك فقد زاد القادة العسكريون الأمر سوءا من خلال إثارة سلسلة من الأزمات، لتجنب التنازل عن سيطرة المجلس للمدنيين، ومع ذلك ظل العديد من الأصوات المحلية والدولية متفائلة بحذر وتأمل أن يتوقف الجنرالات، بعد أن تعلموا دروسا مؤلمة من الماضي، عن الاستيلاء على السلطة، وبدلا من ذلك تمسك الجنرالات بطرقهم القديمة وشنوا انقلابا عسكريا آخر، يذكرنا بالرجال العسكريين الآخرين الذين زعزعوا استقرار البلاد منذ الخمسينيات".

واختتم التقرير بقوله "طوال التاريخ السوداني، لطالما قوبلت عمليات الاستيلاء على القوة العسكرية هذه بالمقاومة، في الستينيات، أطاحت ثورة شعبية بالجنرال إبراهيم عبود بعد ست سنوات من توليه السلطة بالقوة، وفي عام 1985، أدت موجة من الاحتجاجات والإضرابات إلى الإطاحة بالرائد جعفر نميري في انقلاب غير دموي، بعد ذلك، سلم المشير عبد الرحمن سوار الذهب السلطة إلى مجلس رئاسي مدني مؤقت، على الرغم من دعوته للبقاء في السلطة.

      

It’s Not Too Late to Defeat the Coup in Sudan