ترى صحيفة The New York Times الأمريكية، أن إلغاء الجنرال عبدالفتاح السيسي لحالة الطوارئ هو في جوهره قرار شكلي، لكنه في الحقيقة يسهم في توسيع نطاق السلطات الأمنية المخولة للسيسي والمؤسسة العسكرية، وذلك من خلال تشريع جديد أكدت أنه سوف يُحكم سيطرة الحكومة "الاستبدادية" على مقاليد الحكم في البلاد، بعد أن أبدت مجرد بوادر لإرخاء قبضتها في الأسبوع الماضي، مع رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ وقت طويل.
التقرير الذي نشرته الصحيفة الأمريكية ــ الإثنين أول نوفمبر 2021م ــ ناقش قانون تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية رقم 136 لسنة 2014، والخاص بإحالة المدنيين إلى المحاكمات العسكرية بعيداً عن قاضيهم الطبيعي، ومنح وزير الدفاع، في غير حالة الطوارئ، سلطة اتخاذ تدابير تعادل ما يُتخذ في ظل هذه الحالة. حيث أشار التقرير إلى أن البرلمان المصري، قد وافق الأحد 31 أكتوبر 2021، بشكل نهائي، على تعديلات جديدة قدمتها الحكومة على قانون مكافحة الإرهاب بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، والذي يقضي بأن يكون دور القوات المسلحة في معاونة الشرطة المدنية، دائماً، وليس بمدة محددة، كما كان معمولاً به كإجراء استثنائي لفترة محددة، بحيث تخضع كافة الجرائم التي تقع على البنية التحتية العامة لاختصاص القضاء العسكري. وفقا لترجمة موقع "عربي بوست".
وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن هذه التعديلات التي تم إدخالها على قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل، والتي من المقرر أن يقوم السيسي بالتصديق عليها، تمنحه سلطة اتخاذ "التدابير الضرورية للحفاظ على الأمن والنظام العام"، وضمن ذلك فرض حظر التجوال، بجانب سلطات أخرى.
توسيع دور الجيش
وتؤكد نيويورك تايمز أنه بموجب تلك التعديلات، سوف تواصل مصر توسيع دور الجيش، الذي شهد تصاعداً هائلاً في صلاحياته ومسؤولياته التي تتوسع لتشمل مجموعة كبيرة من الجوانب -بدءاً من إنتاج المعكرونة ومروراً ببناء الفنادق ووصولاً إلى الأحكام القضائية- وذلك منذ سيطرة الجنرال السيسي على سلطة البلاد في أعقاب انقلاب عسكري نفذه ضد الرئيس الراحل محمد مرسي في صيف عام 2013 عندما كان وزيراً للدفاع.
وترى نيويورك تايمز أن هذا القانون في ثوبه الجديد سوف يمنح القوات المسلحة المصرية سيطرة على المرافق التي تتضمن خطوط الغاز وحقول النفط ومحطات الكهرباء والطرق والكباري ومسارات السكك الحديدية. وإذا اتُّهم أي شخص بالتعدي على هذه البنى التحتية أو تدميرها، فيمكن أن يُحاكم في المحاكم العسكرية.
وبحسب تحليل الصحيفة الأمريكية فإنه بخلاف ذلك، وافق البرلمان، الإثنين 1 نوفمبر2021، نهائياً، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، لتغليظ عقوبة إفشاء أسرار الدفاع عن الدولة؛ لحماية الأمن القومي للبلاد، وهو الأمر الذي سيجعل البحوث التي تُجرى على الجيش وأعضائه السابقين والحاليين بدون موافقة حكومية، خاضعاً للعقوبة بالسجن أو بغرامة باهظة تصل إلى 50 ألف جنيه، وهو ما يعادل نحو 3200 دولار أمريكي؛ فقد نص القانون الجديد على أن "كل من قام بجمع الاستبيانات أو الإحصاءات أو إجراء الدراسات لأي معلومات أو بيانات تتعلق بالقوات المسلحة أو مهامها أو أفرادها الحاليين أو السابقين بسبب وظيفتهم دون تصريح كتابي من وزارة الدفاع"، سيتم حبسه مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على 5 سنوات، و"لتحقيق مزيد من الردع العام قِبل هذه الجريمة، وغرامة تقديرية لسلطة القاضي تتراوح بين 5 آلاف و50 ألف جنيه".
وحول موقف البرلمان، تؤكد نيويورك تايمز أن توقيت تلك التشريعات الأخيرة أثار الشكوك بين أعضاء البرلمان المصري الذي وصفته الصحيفة الأمريكية بأنه مسلوب الإرادة، ويهيمن عليه حلفاء السيسي.
تحويل في طبيعة وظيفة الجيش
لكن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن قال: "الفصل الثاني من مسرحية إنهاء حالة الطوارئ: الجيش يتحول رسمياً إلى شرطة مسلحة دائمة"، مضيفاً: "جوهر ما سبق أن أعلنه السيسي هو إنهاء على الورق للطابع الاستثنائي للطوارئ، والانتقال فعلياً للتطبيع معها، باعتبارها وضعاً طبيعياً لا شذوذ فيه". في حين أضاف حسن في تغريدة على موقع "تويتر": "هذا وضع لا مثيل له لا في دول العالم المتحضر ولا في غيرها!".
في المقابل، أعلنت النائبة مها عبد الناصر تحفُّظها على القانون، قائلة: "لسنا ضد تغليظ عقوبة إفشاء أسرار عسكرية أو التجسس، لكن لدينا تحفظات بشأن التوقيت تزامناً مع إلغاء العمل بحالة الطوارئ، وإصدار استراتيجية حقوق الإنسان".
حيث شدّدت عبد الناصر على أنَّ "توسُّع وتغليظ العقوبات على البحث ونشر المعلومات حول الجيش يتعارض مع استراتيجية حقوق الإنسان الوطنية، التي وعدت المصريين بحقهم في حرية التعبير". أما النائب محمد عبد العليم، العضو السابق في حزب الوفد، والذي لا يتفق كلياً مع الحكومة ولا المعارضة، فقد أعرب عن مخاوفه من أن التعديلات قد تُعقِّد عمل الصحفيين والباحثين، وذلك حسبما أوضحت صحيفة الشروق.
