قالت ورقة بحثية لموقع الشارع السياسي إنه "رغم الكوارث التي تحققت بتعاون المنقلب السفاح السيسي مع برنامج الإقراض من صندوق النقد الدولي، يتجه السيسي وحكومته لإطلاق مرحلة ثانية من هذا البرنامج المسمى بـ"الإصلاح الاقتصادي" بحسب جيهان صالح مستشارة رئيس الوزراء الانقلابي مصطفى مدبولي في إبريل 2021".
وأوضحت الورقة التجربة المصرية مع صندوق النقد بين عولمة الفقر والغزو بالتمويل، مشيرة إلى أن هذه الكوارث تمثلت في الإخفاق في تحسين مستوى معيشة المواطن، لاسيما الخدمات التعليمية والصحية، ووقف إضافة لقفزات الأسعار، وعدم القدرة على كبح عجز الموازنة العامة وقفزات غير مسبوقة في الدين العام بشقيه الداخلي والخارجي، وتآكل القدرة الشرائية للمواطن، وتراجع معدلات الادخار، وانهيار الطبقة الوسطى.
روشتة الدهس
وأضافت الورقة أن صندوق النقد تأسس بهدف تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي يدهس المواطن عبر إجبار حكومات الدول المدينة على تطبيق روشتة ملامحها.
1- زيادة أسعار السلع والخدمات الضرورية اللصيقة بذلك المواطن الفقير والمعدم، بل متوسط الدخل.
2- تقليص ثم وقف الدعم الحكومي الموجه لتمويل السلع الرئيسية ومنها رغيف الخبز والمياه والكهرباء والصرف الصحي.
3- زيادة الضرائب والرسوم الحكومية بمعدلات قياسية، وفرض أنواع جديدة من الرسوم والضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة على التاجر والصانع والمستهلك في آن واحد، وفرض الضرائب على الشركات المتوسطة والصغيرة والتجارة الإلكترونية والباعة الجائلين.
4-بيع أسعار الوقود بالأسعار العالمية دون مراعاة الدخول والرواتب الضعيفة للمواطن.
دلائل الفشل
وعن فشل التجربة المصرية في التعامل مع الصندوق لفتت الدراسة إلى أنه في يونيو 2020، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد على منح نظام السيسي قرضا جديدا بقيمة 5.2 مليارات دولار، في الوقت الذي شرع فيه على الفور في تسليم حكومة السيسي 2.8 مليارات دولار، لمواجهة تداعيات تفشي جائحة كورونا، وبذلك يكون نظام السيسي اقترض 20 مليار دولار من الصندوق.
وأضافت الورقة أن مرونة الصندوق مع النظام في مصر رغم تشدده مع دول أخرى تعكس رغبة إدارة الصندوق في التستر على فشل الاتفاق الأول الذي تم إبرامه في نوفمبر 2016م على مدار 3 سنوت؛ وبذلك فالهدف من القرض الجديد المقدر بنحو 8 مليارات دولار هو التغطية على فشل ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، و ما ترتب عليه من آثار اجتماعية سلبية مثل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وزيادة المديونية”.
وأشارت إلى أن جائحة كورونا شماعة للطرفين الحكومة والصندوق، من أجل التغطية على الادعاءات المستمرة في إعلام النظام والتسويق بصحة المسار الاقتصادي وتحميل أزمة تفشي كورونا أسباب الفشل والتراجع وتعطيل هذا المسار.
حجم الديون
ومن أكبر دلائل الفشل بحسب الورقة ارتفاع حجم الديون الخارجية والمحلية حيث كشف البنك المركزي وصول الديون الخارجية 137.8 مليار دولار حتى يونيو 2021م، بارتفاع 14.4 مليار دولار خلال عام بنسبة نمو 11.7%، وما زال الدين الخارجي في تزايد، حيث باعت الحكومة سندات دولارية في الخارج خلال شهر سبتمبر 2021 بقيمة ثلاثة مليارات دولار، كما اقترض بنك مصر، ثاني أكبر المصارف المصرية، مليار دولار.
وأضافت أن الجهات المختلفة خاصة الحكومية اتجهت للاقتراض الخارجي خلال الشهور الأخيرة، وبما يعني تخطي الدين الخارجي حاجز الـ140 مليار دولار حاليا.
أما الديون المحلية فقد أحجم البنك المركزي ووزارة المالية بحكومة الانقلاب عن إعلان بياناتها منذ يونيو 2020م، والتي كانت وقتها أربعة تريليونات و742 مليار جنيه، وقد تصل حاليا إلى نحو 6 تريليونات جنيه.
وأشارت إلى أن ديون مصر الخارجية بلغت على مدار ستين سنة وحتى يونيو 2013 نحو 43 مليار دولار، وأن فاروق ترك خزائن مصر بفائض أجنبي يقدر بـ450000 جنيه إسترليني؛ لتبدأ بعده الدولة العسكرية بالاستدانة بحجة بناء جيش يواجه الأخطار المحدقة بمصر آنذاك؛ ليترك عبد الناصر مصر عام 1970 بدين قدره 1.7 مليار دولار، وتبع أثره السادات، ومبارك الذي ترك الحكم سنة 2011 بدين يقدر بـ34 مليار دولار.
أرقام الموزانة
وعن الدليل الثالث على الفشل، أشارت الورقة إلى أن أرقام الموازنة العامة للدولة كشفت عن إجمالي أقساط وفوائد الديون المستحقة في موازنة العام الحالي (2021/2022) تصل إلى 1.172 تريليون جنيه، عبارة عن “593” مليارا لسداد أقساط القروض، و579.6 مليارا فوائد على الديون، في الوقت الذي لم تزد إيرادات الموازنة العامة للدولة عن 1.365 تريليون جنيه، معظمها إيرادات ضريبية بنحو 983.1 مليار جنيه، بنسبة تصل إلى 73% من جملة الإيرادات، بينما بلغت الإيرادات الأخرى غير الضريبية إلى 380.6 مليار جنيه فقط!
تصنيف الوكالات
وعن الدليل الرابع فكان وكالات التصنيف الدولية نفوذا وهما “موديز” (Moody’s) و”ستاندرد آند بورز” (Standard & Poor’s) ومعهما أقوى بنك استثماري في العالم “غولدمان آند ساكس” (Goldman & Sachs) والذين قدموا في أكتوبر 2021 تحذيرا سريا حازما موجها للسيسي مفاده “احذروا، مصر قد تكون الضحية التالية لظروف التمويل المتقلبة في العالم، وقال الكاتب جان بيار سيريني في تقريره الذي نشر على موقع “أوريان 21” (Orient XXI) الفرنسي إن ارتفاع نسب الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية قد يؤدي إلى خروج هائل لرؤوس الأموال من مصر ومن جزء كبير من الدول الناشئة، وكذلك ارتفاع الدولار، مما يضعف الجنيه المصري ويثقل سداد الديون الخارجية المصرية، التي تفوق قيمتها 130 مليار دولار، وأضاف الكاتب أن الإستراتيجية المالية للحكومة المصرية منذ اتفاقية عام 2016 -التي أُبرمت مع صندوق النقد الدولي تهدف إلى إعطاء مكافآت سخية لرؤوس الأموال الأجنبية لجذبها إلى البلاد، وبالتالي تمويل عجز الموازنة العامة للدولة وكذلك العجز في ميزان المدفوعات، وهكذا يصل مجمل احتياجات التمويل إلى رقم مذهل يبلغ 35% من الناتج المحلي الإجمالي.