كشف تقرير صحفي نشره موقع "بولتكس توداي"، للكاتب أندرياس كريج، أن حكومة أبو ظبي تعمل منذ سنوات على التأثير في الرأي العام الغربي عن التيارات الإسلامية والمسلمين المقيمين في الغرب، وذلك بإضفاء الطابع الأمني على أنشطة المسلمين هناك والتحذير منها بوصفها أنشطة إرهابية.
ووفقا للتقرير فإن أبو ظبي تمكنت من التوغل وبسط نفوذها على وكالة الطوارئ المدنية السويدية إضافة إلى السيطرة على مركز دراسات التهديد غير المتكافئ والإرهاب في السويد، وتوظيف رئيس أبحاثه ماجنوس رانستورب لقيادة هذه الحرب ضد التيارات والمنظمات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين في السويد.
ويوضح التقرير أن أبو ظبي احتضنت شبكة معلومات تتكون من قوميين يمينيين، وكارهين للإسلام ومستشرقين في وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية وصنع السياسات، وتم استخدام نظريات المؤامرة عن أسلمة الغرب، للترويج لرواية الإمارات عن "الإسلام الإماراتي المعتدل"، وهو خطاب خاضع لمصالح النظام ولا يترك مجالا للنشاط المجتمعي المدني. وإضافة إلى استخدامها لتبرير قمع الإمارات للمعارضين والشخصيات المعارضة والمجتمع المدني في الداخل، فقد رعت أبو ظبي هذه الشبكات للضغط على الحكومات في أوروبا لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد الإسلاميين وأولهم ضد جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدني ذات الصلة مع الإخوان.
ويشير التقرير إلى دور أبو ظبي في دفع حكومة كاميرون البريطانية سنة 2015م للتحقيق فيما إذا كان ينبغي إدراج جماعة الإخوان المسلمين على أنها منظمة إرهابية.
ومنذ 2017م تشير المؤشرات والشواهد إلى أن الإمارات سلكت طريقا مشابها في السويد ونجحت في تغيير الخطاب بشأن جماعة الإخوان المسلمين بشكل جذري في البلاد، مما أدى إلى قيام المؤسسات الحكومية بوصم المنظمات الإسلامية والمنظمات غير الحكومية، وبالتالي تعطيل قدرتها على المشاركة بنشاط في المجتمع المدني. وبينما تفشل أبو ظبي في وضع الإسلاميين على قائمة الإرهاب الحكومية، فإن الوصم ونزع الشرعية في الخطاب العام هو الوسيلة البديلة لتقويض حريتهم في الحركة.
وبحسب التقرير، فإن الأمر الأكثر تناقضا في السويد، هو أن الروايات الإماراتية المعادية للإسلاميين يتم الترويج لها من قبل وكالة الطوارئ المدنية السويدية "MSB" في السويد، ويبدو أنها قد تم تخريب الوكالة من قبل خبراء ومستشارين من داخل شبكة حاضنة لدولة الإمارات.
ويكشف التقرير أن كل شيء بدأ بتقرير حول جماعة الإخوان المسلمين بتكليف من وكالة الطوارئ المدنية السويدية، عام 2017، كتبه ماجنوس نوريل وآجي كارلبوم، ويظهر روايات إماراتية بارزة حول "نظرية الحزام الناقل"، وهي أسطورة تم فضحها توحي بأن جماعة الإخوان المسلمين تعمل كـ"مدخل" إلى الجهاد. وتبع هذا التقرير بقائمة طويلة من المؤتمرات والمحادثات والأحداث التي وفرت منصة لمجموعة من الباحثين المتشابهين في التفكير الذين يروجون لروايات معادية للإسلاميين تأسست على بحث أكاديمي مشكوك فيه.
وتم إعداد الكثير من هذا الأبحاث من قبل مركز دراسات التهديد غير المتكافئ والإرهاب "CATS" الممول من وكالة الطوارئ المدنية السويدية، والذي تم إنشاؤه كوسيلة لفصل نتائج البحث عن الوكالة الحكومية، بهذه الطريقة يمكن أن يعمل المركز بسهولة كأكبر حاضنة للبحث المثير للجدل والنقاش حول التآزر الأيديولوجي المناهض للإسلام والذي من غير المحتمل أن يصمد أمام التحقيق النقدي.
وفي قلب أنشطة مركز دراسات التهديد يأتي رئيس الأبحاث، ماجنوس رانستورب، الذي تحول إلى خبير في جماعة الإخوان المسلمين بين عشية وضحاها في عام 2017، وهو أمر مثير للريبة، لأنه في نفس الوقت أصبح مستشارا لمركز "Hedaya" الذي تموله الإمارات، وهو أداة قوة ناعمة رئيسية في دولة الإمارات لدفع أجندتها المعادية للإسلاميين على الصعيد العالمي.
وأصبح ماجنوس رانستورب عقدة رئيسية في شبكة النفوذ الإماراتية في السويد التي ترعى شبكة من زملائه الباحثين المرتبطين جميعًا بشكل مباشر أو غير مباشر بأبو ظبي ويشاركون الإمارات رواياتها المعادية للإسلام. ومن بين المؤلفين العديدين الذين تم ترويج تقاريرهم من قبل مركز دراسات التهديد ووكالة الطوارئ المدنية السويدية، لورنزو فيدينو، وهو باحث مقيم في واشنطن، ويروج لنظريات المؤامرة اليمينية حول جماعة الإخوان المسلمين، وعلاقته الوثيقة مع سيء السمعة، حسب وصفه، يوسف عتيبة "سفير الإمارات في واشنطن" ليست صدفة.
ويشير التقرير إلى أن أنشطة أبو ظبي في العواصم الغربية بدأت منذ خمسة عشر سنة بوصفها أنشطة دبلوماسية عامة لشريك خليجي يحظى بالثقة، ومنها أنشطتها في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الأدلة المتزايدة خاصة في الولايات المتحدة تشير إلى أن أبو ظبي حاولت التأثير في صناع السياسة الغربية على أعلى مستوى استراتيجي للحكم. وحاولت أبو ظبي تأطير الخطاب العام حول الشرق الأوسط والربيع العربي والإسلام في أوروبا أيضا، وبعد الربيع العربي، تم إضفاء الطابع الأمني على "الإسلاموية" كتهديد أساسي.
وبحسب الكاتب فإن الدائرة المقربة من صناعة القرار في أبو ظبي والتي تحيط بابن زايد تندفع في هذا الاتجاه من رهاب عميق الجذور من النشاط المجتمعي المدني الذي لا توافق عليه الدولة، بل والأسوأ من ذلك أن قوة المعتقد الديني قد تضفي عليه الشرعية. ويلفت التقرير إلى أن الإماراتيين كانوا في طليعة من عملوا على إضفاء الطابع الأمني على الإسلام السياسي ووصم أي نشاط مجتمعي مدني مرتبط به على أنه "إرهاب"، وقد أصبح وسيلة لتبرير الاستبداد في الداخل وفي المنطقة، وبشكل متزايد في الغرب أيضا.