الغزو الصيني وارتفاع فواتير الكهرباء والمياه.. من يتحمل فاتورة غلق ٢٦٠٠ مصنع ملابس؟

- ‎فيتقارير

جريمة مثل جرائم كثيرة ارتكبها عسكر مصر طوال الثماني سنوات الماضية، خلفّت وراءها عدة كوارث كان من بينها تحويل 2600 مصنع غزل ونسيج وصناعة ملابس إلى صناعات تواكب العمل في مصر، في ظل ركود  سوق الملابس الجاهزة وشراهة المستورد الرخيص الثمن ، ومعوقات استمرار تلك الصناعات التنافسية.

محمد المرشدي رئيس اتحاد غرفة الصناعات النسيجية في تصريح له قال إن "قطاع النسيج به 5600 مصنع منتجات نسجية، أُغلقت 2600 منها ، والباقي تم إغلاقه بشكل جزئي بتقليل عدد الورديات والمنطقة الصناعية بشبرا الخيمة شاهده على هذا الخراب".

عيسى مصطفى عضو غرفة الصناعات النسيجية  قال إن "السبب الرئيسي في تدهور صناعة الغزل والنسيج ، وغلق 70% من المصانع وتقليل قوة العمل وتشريد آلاف العمال بسبب عدم الإقبال على القماش المصري وزيادة المخزون".

وطالب عضو الغرفة النسيجية المسئولين بضرورة مراجعة كافة القوانين التي صدرت منذ عشرين عاما والتي أصبحت ضد صناعة النسيج ، ورأى عيسى ضرورة مشاركة رجال الصناعة ورجال الأعمال في مراجعة تلك القوانين وإبداء الرأي في شأنها من أجل المصلحة العامة والحفاظ على صناعة النسيج وتطويرها".

في حين قال حمدي أبو العينين رئيس مجلس إدارة جمعية أصحاب مصانع النسيج وعضو مجلس إدارة غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، إن "حجم استثمارات الصناعات النسيجية تتعدى مليار جنيه، موضحا أن هناك مشاكلا  تتعرض لها الصناعة المحلية ، ومنها إغراق الأسواق المحلية بالمنتجات المستوردة وطالب عضو غرفة الصناعات النسيجية برفع حد التجريم في قضايا التهريب إذا كانت الوقعة الأولى للشخص فيتم تغريمه ماليا بثلاثة أضعاف ثمن البضاعة التي تم ضبطها دون الحبس ، وإذا تكرر الفعل فيعاقب ماليا والحبس وجوبيا معا وذلك للحفاظ على الصناعة الوطنية وحماية لموارد الدولة والحد من عمليات التهريب والفساد".

 

المحلة الشرارة الأولى

كان عدد من الصُناع والمستثمرين بمدينة المحلة كشفوا أن عدد العمالة التي تم تسريحها من مصانع المدينة بلغ قرابة 30 ألف عامل ،بعد إغلاق عشرات المصانع في المدينة.

وتوقع هؤلاء أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من تسريح العمالة وإغلاق المصانع بعد استمرار المشكلات الإنتاجية في السوق المصرية وتسرب عدد كبير من العمالة من المصانع إلى مهن أخرى.

الصُناع كشفوا أن أهم أسباب إغلاق المصانع وتسريح العمالة كثرة المشاكل والأزمات مثل ارتفاع أسعار السولار والكهرباء والمياه، وعدم وجود سوق تستوعب هذه الصناعة، وتفاقم العقبات أمام المصدرين ،  بسبب إغلاق ميناء السخنة وغيره من الموانئ خلال الفترة الماضية.

كانت رابطة مصانع ملابس المحلة الكبرى قد أصدرت بيانا في وقت سابق أكدت معاناة مصانع الملابس من عدم وجود سيولة مالية لدى الشركات بالإضافة إلى الإهمال الشديد في إحلال وتجديد الآلات والمعدات، وغياب وجود إدارة علمية تطبق مبدأ الثواب والعقاب.

وأوضحت رابطة المصانع أن تضخم حجم العمالة كانت من الأسباب التي رفعت من سعر التكلفة وتراكم المديونات على شركات الملابس، واختلال الهيكل التمويلي لشركات صناعة النسيج والملابس الجاهزة وانهيار كثير من شركات النسيج المصرية العريقة علي رأسها شركتا مصر حلوان للغزل والنسيج التي وصلت خسائرها لـ ٢٠٠ مليون جنيه والقاهرة للمنسوجات الحريرية التي تمت تصفيتها نهائيا حسب البيان.

 

تدهور قطاع الملابس

كانت إيناس عبدالحليم، عضو مجلس نواب الانقلاب تقدمت بطلب إحاطة، بشأن تدهور قطاع الملابس في مصر، مؤكدة أنه تم إغلاق من 20 إلى 30% من مصانع الملابس الجاهزة المصرية في الآونة الأخيرة، كما أن النسبة الباقية من المصانع قامت بخفض طاقتها الإنتاجية بنسبة من 50 إلى 70% بسبب الركود وسوء الأوضاع الاقتصادية .

وأوضحت عبدالحليم، أن قطاع الملابس يعتمد بشكل أساسي على المصانع الصغيرة، ولذلك فهي لم تعد قادرة على تحمل تزايد الضغوط المالية والخسائر التي طالت حوالي 12 ألف مصنع، ويعمل بها نحو مليون و500 ألف عامل.

وأضافت أن 75% من مصانع شبرا الخيمة تم إغلاقها، والـ25% الباقية تعمل بطاقة 30 إلى 35% وهي نفس النسبة في المحلة، مُشيرا إلى أن أكثر من 450 ألف عامل كانوا يعملون في قطاع الغزل والنسيج بالمحلة وأكثر من نصفهم تحول إلى عاطلين ومتسولين وباعة التجول، وحاليا هناك من 350 إلى 400 مصنعا تعمل بطاقة جزئية من 30 إلى 40%.

وأكدت أن مصر كانت تمتلك نحو 1260 مصنع غزل ونسيج وصباغة مسجلة بالمحلة، والآن يوجد ما يقرب من 320 مصنعا تعمل بقوة 120 ألف عامل فقط، لافتة إلى أن الوضع الذي آل إليه قطاع صناعة الملابس كارثة حقيقة  فالإنتاج المحلي يكفي 30% فقط والباقي يعتمد على الاستيراد بالعملات الأجنبية.

 

صناعة الملابس تتآكل

أحد نماذج الكارثة ، المنطقة الصناعية الثانية بمدينة السادس ،تلك المدينة التي تحوي على 670 مصنعا مغلقا حسب بيانات رسمية من جمعية مستثمري السادس من أكتوبر ، كانت ما يقرب من 40% من هذه المصانع المغلقة تنتج الملابس الجاهزة.

يحيى زنانيري، رئيس جمعية منتجي الملابس يؤكد أن مشاكل إنتاج الملابس تفاقمت بسبب الغزو الصيني والملابس المهربة بالأسواق المصرية بأسعار مغرية، وهو الذي أدى لإغلاق مصانع عديدة وتحول أصحابها لمستوردين.

مؤكدا أن عدد مصانع الملابس في مصر يصل يقترب من 12 آلف مصنع، ويعمل بهم نحو مليون ونصف، لكنه تم إغلاق 20 % من هذه المصانع الملابس أي حوالي 2400 مصنع، وتم تسريح 30% من العمالة في ظل تراجع عمليات الإنتاج، ولجوء أغلب هذه المصانع لخفض طاقاتها الإنتاجية من أجل تقليل الخسائر التي لحقت بهم.

 

4 مليارات خسائر

ويرى يحيى زنانيري ، أن تهريب الملابس الجاهزة،  أدى لخسائر كبيرة وصلت حسب بيانات جمعية الملابس لـ 4 مليارات جنيه عن طريق مافيا منظمة لتهريب المنسوجات والأقمشة داخل السوق المحلية، وبيع المنتجات المستوردة بأسعار تقل كثيرا عن سعر المنتج الوطني.

وأكد أن من يستفيد من تلك الصناعة  حوالي 30 مليون مصري ما بين مزارع ومصنع وعامل ومستهلك، ولهذا يرى أنه لابد من إيجاد طرق سريعة لمكافحة التهريب للملابس الجاهزة والبضائع التي تدخل عبر الحدود والموانئ، وإنشاء صندوق دعم الفلاح لحمايته وتشجيع الفلاحين على زراعة القطن، وإمداده بالآليات الجديدة حتى نستطيع النهوض بصناعة القطن المصري، من أجل تعويض الفارق بين الإنتاج المحلي واحتياجات الاستهلاك، لأننا بحاجة لاستيراد ‏2‏ مليون قنطار قطن و‏200‏ ألف طن غزل.

يذكر أنه في يوليو 2020، كشف وزير قطاع الأعمال العام في حكومة الانقلاب هشام توفيق، أنه جرى البدء في تصفية 22 شركة، من أصل 32، تابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج .

ويعاني نحو 1500 مصنع من مصانع الغزل والنسيج في مصر من مشاكل متراكمة، وخسائر فادحة بسبب ارتفاع الأسعار وتجاهل الحكومة، وعدم القدرة على منافسة المنتجات المستوردة .

وتضم شركات قطاع الأعمال العام المملوكة للدولة، 8 شركات قابضة وهي “القابضة للغزل والنسيج والنقل البحري والسياحة والفنادق والأدوية والمستلزمات الطبية والصناعات الكيميائية والتأمينات والصناعات المعدنية والتشييد والتعمير، كما تتبعها نحو 119 شركة أخرى .