في ظل إستراتيحية المنقلب السيسي لحماية العسكر أينما كان موقفهم أو موقعهم، بقوله في جمع للعسكريين عقب الانقلاب العسكري، وبعد سلسلة المذابح بحق المصريين بالشوارع والميادين، بقوله "مفيش حد هيتحاكم، يعني الضابط أحمد مش هيتحاكم لو فعل أي شيء خلال مواجهته أي عدوان أو أي شخص" وهي الكلمات التي استباح بها العسكر أرواح المصريين وأموالهم وأملاكهم، بل وأحلامهم أيضا.
وهو ما تجلى مؤخرا في أزمة النصب على نحو 80 حاجزا لشقق سكنية بالعاصمة الادارية الجديدة، من خلال الدفاع الجوي.
وقفة أمام دار الدفاع الجوي
ونظم عشرات من المصريين وقفة أمام دار الدفاع الجوي في مدينة نصر، احتجاجا على تعرضهم للنصب من جمعية "تيباروز" التابعة للدار، إثر تسديدهم مبالغ مالية كبيرة مقابل حجز 80 وحدة سكنية تحت الإنشاء بمشروع تابع للجيش في العاصمة الإدارية الجديدة.
وسدد المحتجون، وغالبيتهم من سكان عمارات "رابعة الاستثماري" التي يقطنها عسكريون متقاعدون وذووهم، مقدمات الحجز وأقساط تلك الوحدات داخل مقر دار الدفاع الجوي لصالح شركة وسيطة، تبين لاحقا أن صاحبها مُدان في العديد من قضايا النصب، ورغم ذلك، فوضته الدار في تسويق مشروعها بالعاصمة الجديدة.
ووفق شهود عيان، بدأت الأزمة مع إعلان الجمعية التابعة لدار الدفاع الجوي عن توافر وحدات سكنية بكومبوند "يارو" في العاصمة الإدارية، عن طريق الحجز مع شركة "أتوم للتطوير العقاري" التي اتخذت من الدار مقرا لها منذ عدة أشهر، وحصول الحاجزين على عقود موقعة من رئيس قطاع المبيعات في الشركة حسين مهران، ورئيس مجلس إدارة شركة "كايرو كابيتال" أحمد سليم، الذي لعب دور "الكاحول" في واقعة النصب.
ومصطلح "الكاحول" يطلق في مصر على الشخص المستتر الذي تجري الاستعانة به من قبل المالك الحقيقي للمشروع أو العقار مقابل مبلغ مالي متفق عليه، ومنحه توكيلا بالبيع والشراء لصالحه حتى يكون مالكا صوريا، بما يتيح تهرب المالك الأصلي من التزاماته تجاه الحاجزين.
وخلال فيديو للوقفة الاحتجاجية التي نظمها المشتكون، قالت مواطنة "إحنا مش إخوان، وروحنا العاصمة الإدارية عشان السيسي، دي فلوس أيتام"، مضيفة "اتنصب عليّ في العاصمة الإدارية باسم الدفاع الجوي، وبيقولوا لنا مالكوش عندنا حاجة، أنا بعت اللي ورايا واللي قدامي يا ريس، وروحت العاصمة الإدارية عشان خاطرك، وفي الآخر يتنصب علينا من لواءات".
"يا ريس إحنا اتنصب علينا من دار الدفاع الجوي ممثلة في جمعية تيباروز، والتي أعطت مناقصة لرجل نصاب، وكانت تعلم أنه نصاب"، مستطردا "دار الدفاع قالت لنا نروح نتعاقد معاه، وفي الآخر لم نأخذ أموالنا، والكل بيقول مالناش دعوة".
وقالت أخرى "في عنصر فاسد داخل جمعية دار الدفاع الجوي، هو من زوّر الورق الخاص بأحمد سليم، وعمل له ملاءة مالية وسابقة أعمال، وهو عنصر فاسد ومتقاعد من الجيش كمان، وهو اللي ضيع حقوق الناس دي"، على حد تعبيرها.
وكانت مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة، قد أصيبت بالشلل خلال الفترة الماضية إثر تراجع الأعمال فيها إثر أزمات ارتفعت أسعار مواد البناء بأكثر من 300% وانسحاب الشركات الإماراتية والصينية من تنفيذ كثير من المشاريع، ما اضطر السيسي لإدخال العديد من الشركات التابعة للجيش والتي تأخذ المشاريع من الباطن ما عرقل الإنجاز، ووسط فساد مستشر، استمر تخصيص الأراضي للشركات رغم عدم تنفيذها أية من المراحل الأولى لمشاريعها التي تستحوذ على المزيد من الأراضي بغرض التسقيع والإتجار بها، وهو ما قرر السيسي وقف تخصيص أية أراضي جديدة للمستثمرين بالعاصمة أو الإعلانات عن بيع الوحدات وتسويقها قبل إنجاز 30% من المشروعات.
وذلك خشية تسقيع الأراضي والنصب على المشترين، وهو دأب معروف بين شركات الجيش التي لا تتقيد بقوانين معتمدة على الوساطة وسطوة أصحابها من اللواءات والقيادات العسكرية.
وكانت شركة العاصمة الإدارية قد اتخذت قرارا في أغسطس العام الماضي بخفض مقدمات جدية الحجز للأراضي الاستثمارية إلى 10% فقط بدلا من 20%، كخطوة لمساندة ودعم الشركات خلال جائحة كورونا.
إلا أنه تم وقف العمل بالقرار السابق اعتبارا من أغسطس الماضي، حيث تلتزم الشركات الراغبة في الحصول على أراض بسداد 20% من قيمة الأرض كمقدم لجدية الحجز، على أن يكون القسط الأول بعد عام من تاريخ استلام قطعة الأرض، ويتم تقسيط القيمة على أقساط متساوية لمدة 4 سنوات متتالية، بعد إضافة فائدة بنكية متناقصة.
قطع أراضي مميزة
وشهدت الأيام الماضية قرارا من شركة العاصمة، بإرجاء طرح قطع من الأراضي المميزة وبأنشطة متعددة داخل النهر الأخضر بمناطق الياسمين والنرجس ومنطقة الأعمال المركزية، ولم تحدد الشركة موعدا جديدا لاستئناف الطرح.
تضمن الطرح الذي تم تأجيله شرطا على المطورين بحظر طرح أي وحدات للبيع، إلا بعد تنفيذ 30% من المشروع طبقا للبرنامج الزمني المعتمد.
وتصل مساحة العاصمة الإدارية الجديدة إلى 170 ألف فدان، فيما تبلغ المرحلة الأولى منها 47 ألف فدان، 40% منها للخدمات والشوارع والباقي للمشروعات التنموية، بواقع 24 ألف فدان، وانتهت شركة العاصمة من بيع 18 ألف فدان وجارٍ تسويق 6 آلاف فدان المتبقية.
وتتصمن مخاوف المستثمرين والمطورين العقاريين ، إثر ارتفاع أسعار مواد البناء التي تؤثر سلبا على إنجاز المشاريع، وهو ما يدفع السوق العقاري المصري نحو فقاعة عقارية كبيرة ترتفع خلالها الأسعار، ويقل الطلب إثر انخفاض القوة الشرائية للمصريين في عهد المنقلب اللص السيسي.