الإذاعة الألمانية: ثوار يناير يتوارون عن المشهد بسبب قمع الحريات

- ‎فيأخبار

ما بين مناصري النظام ومعارضيه، أشار تقرير بعنوان "ماذا بقي من إرث ثورة 25 يناير وذكراها بعد أحد عشر عاما؟" نشره موقع الإذاعة الألمانية "دويشة فيله" إلى تقارير حقوقية دولية وآراء من شاركوا بثورة يناير أو من تابعوا أحداثها عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وبالمقابل استُطلعت آراء مؤيدي الانقلاب ورافضي الثورة الذين كانوا يتدثرون بلحافها قبل 30 يونيو.
فرصدت ابتداء أن عام 2014، كان آخر احتفال حاشد في ميدان التحرير بذكرى ثورة 25 يناير، حين توافد المئات على الميدان بعد الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، وليطالبوا وزير الدفاع –آنذاك- عبد الفتاح السيسي بالترشح للرئاسة الذي فاز بها في يونيو من العام ذاته.

وأضاف أنه "منذ ذلك الحين، لم تحدث  احتفالات في الميدان، كما فرضت الحكومة إجراءات أمنية مشددة دائمة منعا لأي تظاهرات، في المقابل عاد عيد الشرطة المصرية ليسيطر على الأجواء والذي يصادف يوم 25 يناير أيضا".

وأكدت أن "ميدان التحرير القلب النابض في العاصمة القاهرة، يظهر هادئا وبعيدا عن الشكل الذي عُرف به عام 2011".

أوضاع القمع
وعلق التقرير على رد السيسي على أسئلة حول أوضاع حقوق الإنسان، في تصريحات صحفية بمنتدى شباب العالم في 13 يناير، بقوله إنه "مستعد لإجراء انتخابات رئاسية سنويا شريطة توفير تكلفتها، وأضاف سأرحل إذا كان المصريون لا يريدونني، غير ذلك تبقى محاولات للإساءة وتشويه لشكل الدولة، نحن ندير سياساتنا بمنتهى التوازن والاعتدال".

وأوضح التقرير أن مصر تقبع في خانة الدول غير الحرة على مقياس فريدوم هاوس، إذ لا تملك سوى 26 على مئة في تقرير 2020 مقارنة بـ37 على مئة عام 2016، كما توجد في المركز 166 من بين 180 دولة ومنطقة عبر العالم في مؤشر حرية التعبير الذي تصدره مراسلون بلا حدود".

وأشار إلى أن الانتقادات الدولية وصلت إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، الذي أصدر بيانا صوتت عليه 31 دولة عبر العالم، أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وهو ما ردت عليه هذه الأخيرة بأنه لا يوجد حكم بالحبس إلا بناء على جريمة تبرر ذلك، وأن على الدول الموقعة النأي عن تسييس قضايا حقوق الإنسان لخدمة أغراض سياسية أو انتخابية.

هامش مبارك

ونقلت عن الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي، قوله إن "النظام الحالي يدرك أن هامش الحرية أواخر حكم مبارك أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الثورة ضده، وأكد أن السيسي نجح في خلق قواعد شعبية له بين فئات شعرت أنها تضررت من اضطراب الأوضاع بعد الثورة مثل الأقباط والمرأة ورجال الأعمال وأعيان الريف بالإضافة إلى الدولة العميقة بمؤسساتها الأمنية والعسكرية".

وزعم التقرير أن "الثقافة السياسية السائدة في تلك المنطقة الإقليمية المضطربة أمنيا، تفضل الرجل القوي، وهو ما أظهره السيسي ومكنه من كسب شعبية الرأي العام الداخلي واستعادة علاقات مصر الخارجية، بحسب صادق".

وأشار "صادق" إلى أنه "رغم كل التضييقات أصبحت هناك أجيال جديدة لم تعاصر الثورة،لكنها تربت على السوشيال ميديا وتحمل طابعا نقديا في العديد من القضايا الاجتماعية، وباتت أداة ضغط خارج سيطرة النظام".
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة إن "النظام الحالي يريد إزالة الروح الثورية من الشارع المصري والشباب، في الوقت نفسه لم يعد الناس يهتمون بمطالب الثورة، بدليل فشل كل دعوات التظاهر طوال السنوات الماضية، و أن المجتمعات في الشرق الأوسط استبدادية أسوة بالأنظمة الحاكمة".

حقوق الإنسان
ولفت التقرير إلى أن السيسي في 25 أكتوبر الماضي، أعلن إلغاء الطوارئ بعد فرضها في البلاد لعدة سنوات، معتبرا أن مصر باتت واحة للأمن والاستقرار في المنطقة.

واستدرك التقرير بنقل تقارير المنظمات الدولية حول الوضع الحقوقي في البلد خلال السنوات الأخيرة وقال إنه "يثير قلق المجتمع الدولي، إذ تشير منظمة العفو الدولية إلى أن السلطات المصرية تستمر في معاقبة المعارضة، وتقمع الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات خصوصا تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، فضلا عن استخدام القوة الأمنية بشكل غير قانوني والاحتجاز التعسفي في ظل ظروف غير إنسانية، وحرمان السجناء من الرعاية وإصدار وتنفيذ أحكام بالإعدام".

وتشير هيومن رايتس ووتش إلى أوضاع مشابهة، ومن ذلك استخدام تهم الإرهاب ضد النشطاء السلميين ومضايقة أقارب المعارضين في الخارج، وكذلك سجن صحفيين ونشطاء بتهم ذات دوافع سياسية، وتتحدث المنظمة عن أن البلد يعيش أسوأ أزمة حقوقية منذ عقود.

 

آراء عكسية
وعن التساؤل، هل لا يزال المصريون يهتمون بشعار الثورة "عيش حرية عدالة اجتماعية؟ ، نقلت عن محمد اليماني، شعور الاضطراب الذي يعانيه عندما يمر بميدان التحرير، مهد ثورة 25 يناير، بين ذكرى مؤلمة بفقدان صديقه بطلق ناري إبان الاحتجاجات، وذكرى أخرى تجعله فخورا بأنه شارك في إزاحة نظام حسني مبارك بعد 30 عاما في الحكم.

وعن المطالب التي رفعوها قال "اليماني"-الذي كان متعاطفا مع النظام الحالي "اختلفت الأجواء في الميدان بعد 11 عاما، توسطته مسلة أثرية وأربعة كباش، بعد خضوعه لعملية تطوير في أبريل الماضي ، الميدان أصبح أنظف وأجمل، لكن مطالبنا لم تتحقق بعد، يقول اليماني وهو في الثلاثينات ومن جيل الثمانينات الذي تصدر الثورة".

ونقلت عن ياسمين عبداللطيف، التي تخرجت في كلية الاقتصاد والسياسة بجامعة القاهرة، وترى أن الثورة فشلت في تحقيق مطالبها "عيش وحرية وعدالة اجتماعية"التي تراها بديهية وصالحة لكل زمان ومكان".