بلا توقف أو رحمة أو شفقة أو إحساس بحال الشعب المصري الذي يواجه الفقر والعوز وتدهور أحواله المعيشية، يصر نظام السيسي على سياساته الانتقامية بحق المصريين،غير مكتفٍ بزيادات أسعار الوقود كل ثلاثة شهور وفق آلية التسعير الدورية، حيث أعلنت وزارة الكهرباء والطاقة بحكومة الانقلاب عن زيادات في أسعار الكهرباء، يجري تطبيقها بدءا من يوليو المقبل. وذلك رغم تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وتحولها للتصدير وفق البيانات الحكومية، وتصدير الكهرباء لأوربا بأسعار أقل من السوق المصري!
الكشف عن الزيادات جاء عبر نواب ببرلمان العسكر، بعد أن أخطرت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بحكومة الانقلاب برلمان العسكر رسميا بالأسعار الجديدة لسعر بيع الكهرباء، سواء للاستهلاك المنزلي أو التجاري أو الصناعي، المقرر تطبيقها مع بداية العام المالي 2022-2023.
وبدءا من فاتورة شهر يوليو المقبل، سيرتفع سعر الكيلو وات للشريحة الأولى من الاستهلاك المنزلي (من صفر إلى 50 كيلو وات في الشهر) من 48 قرشا إلى 58 قرشا، بزيادة نسبتها 20.8%، والشريحة الثانية (من 51 إلى 100 كيلو وات) من 58 قرشا إلى 68 قرشا، بزيادة 17.2%.
فيما سيرتفع سعر الشريحة الثالثة (من صفر إلى 200 كيلووات) من 77 قرشا إلى 83 قرشا، بزيادة نسبتها 7.8%، والشريحة الرابعة (من 201 إلى 350 كيلووات) من 106 قروش إلى 111 قرشا، بزيادة 4.7%، والشريحة الخامسة (من 351 إلى 650 كيلووات) من 128 قرشا إلى 131 قرشا، بزيادة 2.3%.
فيما سيجري الإبقاء على سعر الشريحة السادسة من الاستهلاك المنزلي (من 651 إلى ألف كيلووات) عند 140 قرشا، والشريحة السابعة (أكثر من ألف كيلووات في الشهر) عند 145 قرشا، وهو ما يعني أن الفئة الاقل استهلاكا هي التي ستدفع أكثر في الزيادة الجديدة، وهي من تتحمل العبء الأكبر.
أما أسعار الكهرباء للاستهلاك التجاري، فقد قررت الوزارة تثبيت السعر الحالي في العام المالي الجديد، بسبب ما زعمت أنه "مراعاة لتداعيات أزمة فيروس كورونا على القطاع التجاري، ولعدم رفع أسعار السلع والخدمات المقدمة للمواطنين نتيجة الزيادة في أسعار الكهرباء".
وبذلك، يكون سعر الكيلووات للشريحة الأولى من الاستهلاك التجاري (من صفر إلى 100 كيلووات في الشهر) هو 65 قرشا، والشريحة الثانية (من 101 إلى 250 كيلووات) هو 123 قرشا، والشريحة الثالثة (من 251 إلى 600 كيلووات) هو 140 قرشا، والشريحة الرابعة (من 601 إلى ألف كيلووات) هو 155 قرشا، والشريحة الخامسة (أكثر من ألف كيلووات في الشهر) هو 160 قرشا.
كما أبقت الوزارة على أسعار استهلاك الكهرباء للنشاط الصناعي من دون تغيير، بحيث تبلغ 93 قرشا للكيلووات في الساعة للجهد المنخفض، و109 قروش للكيلوواط في الساعة للجهد الفائق، و117 قرشا للكيلووات في الساعة للجهد العالي، و123 قرشا للكيلووات في الساعة للجهد المتوسط.
الزيادة التاسعة
وتعتبر الزيادة الجديدة في أسعار الكهرباء هي التاسعة على التوالي منذ استيلاء السيسي على الحكم في عام 2014، إذ بدأت خطة تحرير أسعار الكهرباء في العام المالي 2014-2015، وكان من المقرر الانتهاء منها بحلول العام 2019-2020، لكن الوزارة قررت تمديد جدولها الزمني لإلغاء الدعم حتى العام المالي 2024-2025.
وعزت الوزارة الزيادات الدورية في أسعار الكهرباء سنويا حتى منتصف عام 2025 إلى دعم الاستهلاك للقطاع الصناعي بواقع 22 مليار جنيه على 5 سنوات نتيجة تثبيت الأسعار، إضافة إلى تخصيص 29.9 مليار جنيه لصالح محطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي.
وأثقلت الفواتير الشهرية لاستهلاك الكهرباء والغاز الطبيعي ومياه الشرب الأعباء المعيشية على المصريين، لا سيما الفقراء منهم ومحدودي الدخل، الذين باتوا يقتطعون ربع دخلهم على الأقل لسداد هذه الفواتير، بعد أن ارتفعت أسعار الكهرباء بنسبة تزيد على 860% منذ عام 2014، وأسعار الغاز بنسبة تصل إلى 2400%، وذلك رضوخا لاشتراطات صندوق النقد الدولي بشأن تحرير أسعار بيعها.
وفي 4 فبراير الجاري، رفعت وزارة البترول أسعار بيع البنزين للمرة الرابعة على التوالي بقيمة 25 قرشا، ليصل سعر اللتر من بنزين (92) إلى 8.5 جنيهات، بزيادة 100 قرش مقارنة مع سعر اللتر في إبريل الماضي، بزيادة إجمالية نسبتها 13.3%.
تفاقم الأزمات
تلك الزيادات السعرية تفاقم الأزمات المعيشية بمصر، وتكرس أوضاع فقر مزرية للمصريين الذين باتت معاناتهم تتزايد يوميا ، في ظل حكم عسكري يعصف بكل القواعد المجتمعية والقوانين المعمول بها.
وقد ارتفعت معدلات الفقر في مصر بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، رغم ما تروجه الحكومة على لسان مسؤوليها من تحسن أرقام النمو، ووسط ذلك تبرز مخاوف من التداعيات المحتملة.
ووفق تثديرات، فإن ثلث المصريين فقراء، لا يستطيعون توفير حاجاتهم الأساسية كالطعام والشراب والأدوية، ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ارتفع معدل الفقر إلى 32.5%، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2000.
ومؤخرا، ارتفعت معدلات الفقر في الحضر بشكل أكبر بنسبة 11.6% وفي الريف 4.7%، في حين انخفض معدل الفقر في ريف الصعيد إلى 52% في عام 2017 مقابل 56.7% عام 2015.
وهناك أسباب عدة لارتفاع معدلات الفقر، ومنها انعدام الشفافية والمساءلة والتفاوت الكبير في مستويات المعيشة بين المناطق المختلفة، وتراجع الاستهلاك الحقيقي، وانخفاض الإنفاق العام على التعليم والصحة، وارتفاع تكلفة المعيشة، مع عدم القدرة على خلق فرص عمل، واللجوء إلى العمل غير اللائق، فضلا عن انخفاض المساعدات النقدية.
ووفق هبة الليثي مستشارة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن الفترة ما بين عامي 2015 و2018 شهدت زيادة كبيرة في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، بسبب تحرير سعر صرف العملة حتى قارب سعر الدولار 18 جنيها مصريا، في حين ظلت الدخول ثابتة ولا تتناسب مع الأسعار.
ومع تزايد عجز موازنة حكومة الانقلاب اندفعت إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات أدت إلى ارتفاع الأسعار، ومنها تحرير سعر الصرف وسعر الفائدة ورفع الدعم على الوقود والكهرباء، وقفز التضخم إلى معدلات مرتفعة، وهو ما يذبح الفقراء ويقهر المصريين.