“تي آر تي”: غزة الخاسر الأكبر من تنامي العلاقات الأمريكية الإماراتية المصرية

- ‎فيعربي ودولي

نشر موقع "تي آر تي" تقريرا سلط خلاله الضوء على تنامي العلاقات الأمريكية المصرية الإماراتية وتأثيره على الأوضاع في قطاع غزة .

وبحسب التقرير، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، هذا الأسبوع، خطوة أخرى إلى الأمام في العلاقات مع سلطات الانقلاب بعد أشهر من زيارته الأولى للدولة الواقعة في شمال إفريقيا في سبتمبر 2021.

وقال إن «التعاون بين البلدين يتوسع في العديد من المجالات، وهذا يساهم في استقرار الشعبين واستقرار المنطقة» في إشارة إلى بدء الرحلات الجوية الإسرائيلية المباشرة إلى شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر المصري من الشهر المقبل.

في منتصف فبراير من هذا العام، نال عبد الفتاح السيسي إشادة من حكومة الاحتلال لأداء تحية خاصة لوزيرة الطاقة في تل أبيب، كارين الحرار، في مؤتمر دولي عقد في القاهرة، بعد أيام فقط اتضح أن دولة الاحتلال وافقت على طريق نقل جديد لتصدير الغاز إلى مصر.

قبل يوم واحد من إعلان إسرائيل عن تحركها الأخير لتوطيد العلاقات مع حكومة السيسي، وافقت الولايات المتحدة أيضا على بيع طائرات مقاتلة من طراز F-15 إلى الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، لطالما كانت مصر واحدة من أكبر المستفيدين من المساعدات الخارجية الأمريكية، حيث تفكر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في إرسال 1.43 مليار دولار من المساعدات الخارجية إلى القاهرة في عام 2022.

بينما ألغت واشنطن حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 130 مليون دولار بسبب مخاوف من انتهاكات حقوق الإنسان، وافقت أيضا على بيع أسلحة بقيمة 2.5 مليار دولار في نفس الشهر.

كل هذا يعني أن الولايات المتحدة تقدر بوضوح علاقتها بالسيسي، ولا عجب في السبب، فمصر لاعب رئيسي في محور الشرق الأوسط الموالي للولايات المتحدة، والذي يتكون من دول مثل إسرائيل والأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

صعد السيسي، إلى السلطة في انقلاب عسكري حظي بدعم سياسي من الولايات المتحدة وحلفائها ، وحصل على دعم بترودولار من الإمارات والسعودية.

حتى يومنا هذا، تعمل مصر والإمارات وإسرائيل عن كثب في العديد من المشاريع الإقليمية، فالقاهرة وأبو ظبي يدعمان أمير الحرب خليفة حفتر في ليبيا ؛ أعلنت إسرائيل في يناير 2020 أنها ستبدأ في تصدير إمدادات الغاز إلى مصر، وفي سبتمبر من نفس العام وقعت أبو ظبي اتفاقية تطبيع مع تل أبيب.

مصر هي المفتاح للولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، حيث تقود أحد أقوى الجيوش في المنطقة ويمكن أن تعمل كمفاوض وداعم لمساعي الهيمنة المؤيدة لواشنطن.

ومع ذلك، فإن السبب الرئيسي وراء الحاجة إلى "دعم الولايات المتحدة لمصر، هو الدور الذي يمكن أن تلعبه في تسهيل الأمن الإسرائيلي، اشتد الحصار الذي فرضته مصر وإسرائيل على غزة عام 2006 بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية ليصبح حصارا منسقا في عام 2007، بعد سيطرة الحركة على القطاع.

بينما يرفض الحزب الحاكم المنتخب ديمقراطيا في غزة، حماس، التعامل مباشرة مع إسرائيل والعكس صحيح، أصبحت مصر وسيطا رئيسيا ساعد على الهدوء بين الجانبين.

بعد الهجوم الإسرائيلي الذي استمر 11 يوما على غزة في مايو 2021، والذي قُتل خلاله ما لا يقل عن 260 فلسطينيا و 13 إسرائيليا، تمت الإشادة بمصر على نطاق واسع لدورها في تسهيل وقف إطلاق النار الذي أنهى الصراع.

لقد كانت القاهرة، وليس الأمم المتحدة أو أي قوة عظمى أخرى، هي التي قامت بمعظم عمليات رفع الأنقاض، ونتيجة للصورة الإيجابية التي كسبتها مصر لجهودها، حاولت سلطات الانقلاب البناء باستمرار على وقف مستقر لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل.

جرت عدة جولات من المحادثات لتعزيز وقف أقوى لإطلاق النار منذ هجوم العام الماضي، بما في ذلك محادثات تبادل الأسرى غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، حتى إن مصر تدخلت للقيام بالكثير من أعمال إعادة الإعمار في غزة، لأن هذا هو أحد الشروط المسبقة لحماس لمواصلة التمسك بوقف إطلاق النار  وهو أمر لا يمكن طرحه، معتبرة أن هذا يتماشى ببساطة مع متطلبات القوانين الدولية.

ونظرا لأن السكان الفلسطينيين في غزة، الذين يعتبرهم خبراء في الأمم المتحدة يعيشون في منطقة غير صالحة للسكن اعتبارا من عام 2020، يعانون من وحشية الحصار الإسرائيلي المصري، فإن التدخل المصري في استخدام غزة كوسيلة لإرساء الشرعية وتعزيز العلاقات مع القوى الأجنبية يجب أن يثير الدهشة.

ما لم تحافظ مصر على علاقة مستقرة مع حماس، فإن قطاع غزة سيكون على شفا مزيد من الانهيار وأزمة إنسانية أكبر.

كواحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض، يعاني السكان المدنيون في غزة من معدل بطالة يقارب 50 في المائة واقتصاد متهالك، حيث يعاني 69 في المائة من الأُسر من انعدام الأمن الغذائي ويعتمدون على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة. يعيش سكان غزة، ونصفهم تقريبا دون سن 18 عاما، في بيئة دمرتها أربع هجمات عسكرية واسعة النطاق، حيث تلوث 97 في المائة من إمدادات المياه، وغالبا ما يشار إليها على أنها تسمم بطيء للسكان.

في حين أن إسرائيل هي المنفذ الرئيسي للحصار، فإن امتثال مصر، إلى جانب تدمير شبكة إمداد معقدة من الأنفاق، يعني أنها لم تترك أي شريان حياة للفلسطينيين المعزولين أيضا وغير القادرين إلى حد كبير على الفرار.

لذلك، فإن توثيق العلاقات بين إسرائيل ومصر ليس مجرد معادلة للتعاون الاقتصادي، وبدلا من ذلك، يتناسب مع اتجاه أوسع للامتثال على الرغم مما يتم تقديمه، لا يفيد الفلسطينيين في غزة ويعمل نحو نموذج متحالف مع الولايات المتحدة للهيمنة على الشرق الأوسط.

مثلما انتقدت الأحزاب السياسية الفلسطينية من مختلف الأطياف الإمارات والبحرين والمغرب والسودان بسبب صفقات التطبيع مع إسرائيل، لا يمكن النظر إلى تقدم مصر في العلاقات من منظور مختلف.

وباعتبارهما قوتين أكبر بكثير من حماس في غزة، ينبغي أن تعمل مصر وإسرائيل على تحقيق نتائج مستدامة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك إنهاء الحصار المفروض على غزة وإحياء القطاع الساحلي اقتصاديا، ومع ذلك، في الواقع فإن العكس هو الصحيح.

 

https://www.trtworld.com/opinion/gaza-suffers-at-the-expense-of-growing-us-uae-egypt-ties-55595