تعويم إسرائيل للسيسي اقتصاديا مقابل خضوع مصري تام للمشروع الصهيوني

- ‎فيعربي ودولي

منذ انقلاب العسكر على الشرعية والتجربة الديمقراطية في ممصر في 22013، تحركت قرون الاستشعار الصهيونية نحو المحافل الدولية والإقليمية لجمع التأييد والدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لانقلاب العسكري على إرادة الشعب المصري، متيقنة من قاعدة مجربة أن أي حكم عسكري منفصل عن شعبه تكون قيادته وإخضاعه أمرا يسيرا وسهلا، على عكس النظم المرتبطة بشعوبها وملتزمة بديمقراطيتها وإردة الشعب ورغباته وطموحاته، وهو ما حصل بالفعل في مسار العلاقات الصهيونية المصرية منذ صعود قائد الانقلاب العسكري.

ولعل اعتراف أعلى القيادات الصهيونية بحجم التقدم السياسي في مسار العلاقات بين البلدين، يبقى مشهودا ومهما.

ففي 25 مارس الماضي، أكد مسؤول إسرائيلي كبير، عن تطور العلاقات بين القاهرة وتل أبيب خلال السنوات الأخيرة، وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته، في مقابلة مع المحلل والكاتب الإسرائيلي عموس هرئيل، الذي تحدث مع زوهر بالتي الذي أنهى في مارس منصبه رئيسا للقسم السياسي الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية.

وقال "هرئيل" إن "هذا المسؤول كان تقريبا موجودا عند اتخاذ جميع القرارات الأمنية الحاسمة".

وأفاد "بالتي" في المقابلة التي نشرتها صحيفة "هآرتس" العبرية، ، بأنه متفائل بشأن العلاقات مع الأردن ومصر، موضحا أنهما الدولتان اللتان زارهما مرات كثيرة، بعيدا عن عيون وسائل الإعلام".

وقال "العلاقات مع هاتين الدولتين هي من الإنجازات الإستراتيجية الكبيرة التي توجد لنا، لقد اجتزنا فيها الكثير من العقبات، ولا توجد تقريبا أزمة لم نشاهدها".

وعمل "بالتي" في السنوات الخمس الأخيرة رئيسا للقسم السياسي الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية، في ظل ما لا يقل عن 4 وزراء، وهم "أفيجدور ليبرمان" الذي عينه في هذا المنصب وبنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت وبيني جانتس.

وقبل أيام، استضاف "السيسي" رئيس الوزراء الإسرائيلي "نفتالي بينيت" في مدينة شرم الشيخ ، وركزت المحادثات بالأساس على "الملف النووي الإيراني، واقتراب الغرب من توقيع اتفاق لإحياء الاتفاق النووي، وكذلك سبل مساعدة تل أبيب للقاهرة في توفير حاجة البلاد للحبوب، لا سيما القمح، الذي تفاقمت أزمته مع احتدام الحرب الروسية الأوكرانية"، حسب وسائل إعلام عبرية.

ولطالما امتدح الإعلام العبري ومحللوه الأمنيون والعسكريون العلاقات مع مصر منذ استيلاء السيسي على السلطة، معتبرين أنه أنقذهم من الرئيس المصري محمد مرسي، وفق قولهم.

وأعقب لقاء شرم الشيخ ، اجتماع السيسي وولي عهد الإمارات ورئيس الوزراء الصهيوني في النقب الفلسطينية المحتلة، لبحث صياغة حلف عسكري إقليمي تقوده إسرائيل، ويكون مضادا لإيران ولأي مشروع مقاومة في المنطقة، وهو بمثابة تسليم مصري وإقليمي لإسرائيل بقيادة المنطقة العربية.

وأمام التسليم المصري لإسرائيل بقيادة الدور الإقليمي، تدفقت على مصر في أزمتها الأخيرة الدولارات من عدة دول عربية وتحركات متسارعة من قبل صندوق النقد الدولي لتقديم الدعم لمصر اقتصاديا وغذائيا ولوجستيا.

 

توسيع الكويز

ومن ضمن حزم المساعدة الصهيونية للسيسي، ما بحثته السلطتان مؤخرا لتوسيع التعاون الاقتصادي، عبر اتفاقية الكويز ، لتوسيع الصادرات المصرية.

حيث بحثت الخميس، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد ووزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع  من الجانب المصري ووزيرة الاقتصاد الإسرائيلية "أورنا بارييفاي" من جانب آخر، في مقر وحدة الكويز في وزارة التجارة والصناعة،  تعزيز التعاون الاقتصادي، في إطار البروتوكول المشترك الخاص بالمناطق الصناعية المؤهلة، المعروف بـ"الكويز".

وتناول اللقاء التباحث حول سبل تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، بهدف زيادة القدرات التصديرية خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ضوء السعي للتغلب على تداعيات الظروف العالمية الحالية" بحسب البيان.

كما تناول اللقاء أطر التعاون المشترك لتفعيل الإمكانات التجارية والاستثمارية البينية التي يتمتع بها الجانبان، بما ينعكس على زيادة معدلات النمو الاقتصادي، بما في ذلك الاستثمار الأمثل لحجم ونطاق اتفاقية الكويز وتسهيل نفاذ صادرات عدد من السلع بين البلدين، من خلال الاتفاق على بلورة إجراءات محددة بالتبادل في هذا الإطار.

ونشرت صفحة "إسرائيل في مصر"، الناطقة بلسان الخارجية الإسرائيلية، صور الوزيرة الإسرائيلية وهي تزور منطقة الأهرامات السياحية بعد لقائها المسؤولتين المصريتين.

وكانت مصر قد وقعت، في ديسمبر 2004، بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة "كويز" مع إسرائيل والولايات المتحدة، لتصدير المنتجات المصرية للسوق الأمريكية دون جمارك أو حصص محددة شرط استخدام نسبة متفق عليها من المدخلات الإسرائيلية في هذه المنتجات.

وتتعلق اتفاقية "المناطق الصناعية المؤهلة" التي يُـرمز لها اختصارا بكلمة كويز، باختيار بعض المناطق الصناعية المصرية لتكون مناطق مؤهـلة، تُـصدر منتجاتها إلى السوق الأمريكية دون أية جمارك أو ضرائب، شريطة أن يتضمن المنتج النهائي نسبة مكون إسرائيلي 10.5%.

 

تعويم السيسي!

وضمن التعويم الاقتصادي للسيسي من قبل تل أبيب، ما تشهده العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل من تطور كبير في الفترة الأخيرة، إذ اتفق الجانبان، أوائل مارس الماضي، على تدشين خط طيران مباشر بين تل أبيب وشرم الشيخ لتوسيع الرحلات الجوية المباشرة، ومن المتوقع بدء تسيير الرحلات الجوية عبر هذا الخط في أبريل الجاري.

وفي 29 مارس الماضي كشفت مصادر مطلعة، عن اجتماع مصري إسرائيلي عُقد في مكتبة الإسكندرية لبحث فرص استثمارات ومشاريع اقتصادية.

ووفق المصادر، ضم الاجتماع ممثلين عن 9 شركات إسرائيلية، ومسؤولين في مجلس الأمن القومي التابع للحكومة الإسرائيلية، ورجال أعمال مصريين.

وأضافت المصادر أن الاجتماع تم برعاية جهاز المخابرات المصرية، بحث فرص استثمارات ومشاريع إسرائيلية في مصر، وفق ما نقلته صحيفة "العربي الجديد".

ووصفت المصادر الاجتماع بأنه "بداية صفحة جديدة في العلاقات المصرية الإسرائيلية، لم تحظ بمباركة مسؤولين داخل بعض أجهزة الدولة السيادية، خصوصا أنها ستفتح المجال أمام توغل إسرائيل في المجتمع المصري، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بشكل قد يؤثر على الأمن القومي للبلاد".

وقالت المصادر إنه "تم خلال الاجتماع، الاتفاق بشكل نهائي على منح شركات الطيران الإسرائيلية، التصاريح اللازمة لتسيير خط الطيران الجديد بين مطار بن جوريون الدولي ومطار شرم الشيخ، ابتداء من شهر إبريل ، إضافة إلى مناقشة إمكانية فتح استثمارات إسرائيلية، بمحافظة جنوب سيناء".

وقالت المصادر إن "الجانب الإسرائيلي، عرض على المسؤولين المصريين، فكرة تعويض السياحة الأوكرانية والروسية، التي كانت تتوجه إلى سيناء عبر طيران الـ"شارتر"، وتوقفت بسبب الحرب، بسائحين إسرائيليين، وهي الفكرة التي لاقت قبولا لدى المصريين، خصوصا مع تراجع أعداد السائحين، والذين كانوا يشكلون مصدرا مهما للعملة الصعبة.

وأيضا، في 23 مارس الماضي  كشف مسؤولان إسرائيليان كبيران أن تل أبيب تشجع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على الموافقة على صفقة أسلحة كبيرة مع مصر لبيع طائرات مقاتلة من طراز إف-15.

 

تشجيع صهيوني

وبحسب موقع أكسيوس الأمريكي، فإن هذا التشجيع يظهر جهود اللوبي الإسرائيلي في واشنطن وكذلك عمق العلاقة الإسرائيلية المصرية في السنوات الأخيرة، والجهود التي تبذلها إسرائيل لتحسين العلاقات بين واشنطن والقاهرة.

ويأتي ذلك، بحسب الموقع ، في وقت يطالب الديمقراطيون والجمهوريون إدارة بايدن بوضع شروط على المساعدة العسكرية لمصر، بما في ذلك تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.

وتتطلب الموافقة على مبيعات الأسلحة مع الدول العربية، أن تقوم الإدارة الأمريكية بإخطار الكونجرس وتحديد ما إذا كانت الصفقة تضر بالتفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة أم لا؟

وقال الموقع إن "الدعم الإسرائيلي لصفقة إف-15 لمصر يمكن أن يساعد بشكل كبير في إقناع إدارة بايدن وأعضاء الكونجرس بالموافقة عليها".

ونقل الموقع أن القائد العسكري الأمريكي المنتهية ولايته الجنرال فرانك ماكنزي، أخبر لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ منتصف يمارس الماضي، ، أن الولايات المتحدة تخطط للموافقة على بيع طائرات "إف-15" المتقدمة إلى مصر.

ووفق المسؤولين الإسرائيليين، فإن تل أبيب ترى أنه من الأفضل للولايات المتحدة وإسرائيل أن تمتلك مصر منظومات أسلحة أمريكية بدلا من اللجوء إلى روسيا أو الصين لتلبية احتياجاتها.

وأضافا أن إسرائيل قلقة منذ فترة طويلة من التوتر بين مصر والولايات المتحدة، وتعتقد أن تعزيز العلاقات الأمريكية المصرية وتحسينها يصب في مصلحتها.

وفي مقابل الدعم الاقتصادي والسياسي الإسرائيلي للسيسي، يجري إخضاع مصر للمشرروع الصهيوني المضاد للمشروع المقاوم، بل وتجرجر إسرائيل مصر نحو مواجهة مع ايران، ليس لمصر فيها ناقة ولا جمل.

كما تقوم إدارة السيسي بوأد مشروع الحركات الجهادية الفلسطينية وتصفية حراكها المقاوم للصهاينة، وأيضا تسريع اتفاقات إبراهام للتطبيع المفتوح بالمنطقة العربية بجانب تصريف الغاز العربي المنهوب صهيونيا عبر الخطوط المصرية،  خدمة لاسرائيل.