المشهد الاقتصادي المصري اليومي، صار الهم الأول والأخير للمصريين الذين يئسوا من رؤية أي تحسن أو تبدل في الحال أو حتى أي خبر إيجابي يريح قلوبهم المهمومة بتدبير أحوال معيشتهم، وسط غلاء غير مسبوق وانفلات الأسعار بصورة يومية، وتهاوي القوة الشرائية للجنيه بصورة كارثية، مع تفاقم أزمة النظام العسكري ، الذي دمر أصول مصر وباعها للإمارات تارة وللسعودية تارة أخرى ، وأهلك الاحتياطي النقدي في مجموعة من المشاريع التي لا تفيد الاقتصاد ولا تخلق استثمارا فعليا ولاتزيد إنتاجا أو تفتح أبوابا للتصدير.
الملمح الأهم في اقتصاد المصريين هو التدهور المستمر دون حدود أو حلول من قبل نظام لا يفهم في إدارة الحياة المدنية سوى تحصيل الضرائب والرسوم فقط.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين خلال شهر إبريل إلى 14.9% مقابل 4.4% خلال شهر إبريل من العام السابق، و12.1% خلال شهر مارس الماضي ، و10% خلال فبراير الماضي.
وارتفع معدل التضخم في المدن المصرية إلى 13.1% على أساس سنوي في إبريل من 10.5% في مارس، و8.8% في فبراير.
وأرجع الجهاز ارتفاع معدلات التضخم إلى الزيادة التي شهدتها أسعار الخضروات بنسبة 32% والأسماك 12% والفاكهة 11.9% والدواجن 5.4% والحبوب والخبز 3.6%.
وبحسب محمد أبو باشا من المجموعة المالية هيرميس لـرويترز "التضخم فاق التوقعات بسبب الارتفاع الكبير لأسعار المواد الغذائية في ظل انخفاض قيمة الجنيه وحرب أوكرانيا".
وأضاف أن "البنك المركزي المصري سيرفع على الأرجح أسعار الفائدة بين 50 و100 نقطة أساس في اجتماعه المقبل بالنظر إلى زيادة التضخم وميل مجلس الاحتياطي الاتحادي للتشديد".
ويتوقع خبراء ومراقبون أن يشهد سعر صرف الجنيه المصري انخفاضا جديدا عقب الانخفاض الذي شهده في شهر مارس الماضي.
إلى ذلك، وفي إطار مناقشات برلمان العسكر الموازنة الجديدة، لم يجد وزير مالية الانقلاب أي مخرج لسد العجز الكبير في الموازنة الجديدة سوى إشهار سلاح الاقتراض ثم الاستدانة والديون، مذكرا المصريين بعهد الخديوي إسماعيل الذي ورط مصر في ديون كارثية استدعت تدخل الدول الأوربية واحتلال مصر من أجل ضمان تحصيل ديونها في 1882.
وادعى وزير المالية بحكومة الانقلاب محمد معيط، إن "الاعتمادات المقدرة لاستخدامات الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2022-2023 بلغت نحو 3 تريليونات و66 مليارا و300 مليون جنيه، موزعة ما بين المصروفات البالغة نحو تريليونين و70 مليارا و900 مليون جنيه، ومتطلبات حيازة الأصول المالية البالغة نحو 30 مليار جنيه، وسداد القروض المحلية والأجنبية البالغة نحو 965 مليارا و500 مليون جنيه".
وأضاف معيط، خلال إلقاء البيان المالي للموازنة الجديدة أمام مجلس النواب بسلطة الانقلاب، يوم الاثنين الماضي أن "ذلك سيقابله بالضرورة موارد عامة مستهدفة بذات القدر، موزعة ما بين الإيرادات العامة من ضرائب ومنح وإيرادات أخرى بإجمالي تريليون و517 مليارا و900 مليون جنيه، والمتحصلات من حيازة الأصول المالية بنحو 24 مليارا و800 مليون جنيه، ثم الاقتراض عن طريق الأوراق المالية سواء بالأذون أو السندات أو غيرها، في إطار تغطية العجز في موازنة الدولة".
وزعم أن "حجم الاقتراض وإصدار الأوراق المالية -بخلاف الأسهم- سيبلغ نحو تريليون و523 مليارا و600 مليون جنيه في العام 2022-2023، مقابل نحو تريليون و68 مليارا و500 مليون جنيه في العام 2021-2022، بزيادة مقدارها 455 مليارا و100 مليون جنيه، وبمعدل ارتفاع بلغت نسبته 42.6%".
وتابع الوزير أن "أقساط القروض ارتفعت بقيمة 372 مليارا و500 مليون جنيه، بنسبة زيادة 62.8% في العام المالي الجديد، بينما سجلت في المقابل نحو 593 مليار جنيه في موازنة 2021-2022".
وأكمل قائلا "من المتوقع تحقيق خسائر لبعض الهيئات الاقتصادية في العام 2022-2023 بمبلغ 20 مليارا و300 مليون جنيه، تستحوذ منها الهيئة الوطنية للإعلام (اتحاد الإذاعة والتلفزيون سابقا) على نحو 10 مليارات و600 مليون جنيه، وباقي الهيئات الخاسرة على نحو 9 مليارات و700 مليون جنيه".
مضيفا ، أن أقساط القروض ارتفعت بقيمة 372 مليارا و500 مليون جنيه، بنسبة زيادة 62.8% في العام المالي الجديد، بينما سجلت في المقابل نحو 593 مليار جنيه في موازنة 2021-2022
وبلغت نسبة دين أجهزة الموازنة العامـة نحو 85% من الناتج المحلي في يونيو 2021، مقابل 101% من الناتج المحلي في يونيو 2017 كما بلغت نسبة دين أجهزة الموازنة العامة نحو 81% من الناتج المحلي مع نهاية فبراير 2022، بحسب معيط.
وختم وزير مالية الانقلاب بأن "متوسط أسعار الفائدة على الاقتراض الحكومي بلغ 14% على الأذون والسندات، لا سيما مع ارتفاع أسعار العديد من السلع الغذائية مؤخرا، ومنها القمح والذرة والزيوت، إلى جانب أسعار الوقود، في أعقاب اندلاع الأزمة بين روسيا وأوكرانيا".
ومع استمرار سياسات الاستدانة على المكشوف التي يتبعها السيسي وحكومته قدرت جهات اقتصادية دولية ديون مصر المستحقة بنحو 10 مليار دولار، تبتلع فوائد الديون وخدماتها نحو 90% من موارد مصر وميزانياتها، وهو ما يخصم من خطط التنمية ومخصصات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية ، ما يضع المصريين في منحدر اقتصادي ومعيشي صعب لايمكن تحمله.