ناشد أقارب 10 نوبيين مصريين، حكمت عليهم محكمة سعودية بالسجن المشدد، يوم الإثنين الماضي، لتنظيمهم حدثا بمناسبة الذكرى السنوية للحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 حكومة الانقلاب بالتوسط لدى السلطات السعودية للعفو عنهم.
وأصدرت المحكمة الجزائية بالرياض، التي تحاكم أشخاصا متهمين بصلات مع منظمات إرهابية أو التورط في أعمال تهدد النظام العام، أحكاما بالسجن على النوبيين تتراوح بين 10 و18 عاما. واتهمت النيابة الرجال بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين وإنشاء جمعية دون إذن والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي التقرير الذي نشره موقع "لموقع ميدل إيست آي" قال عمرو فرج الله يوسف، نجل أحد المحكوم عليهم: "الأحكام الصادرة ضد هؤلاء الأشخاص بعيدة كل البعد عن العدالة".
وتعود قضية النوبيين إلى يوليو 2019 عندما عقدوا حدثا ثقافيا في مقر جمعية مجتمعية في الرياض للاحتفال بذكرى انتصار أكتوبر 1973 الذي يعتبر حدثا أساسيا في التاريخ المصري.
وشنت مصر الحرب لتحرير سيناء، ومساحتها 60 ألف كيلومتر مربع في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد وتقع بالقرب من قناة السويس، من إسرائيل التي احتلتها قبل ست سنوات.
ويواصل المصريون الاحتفال بالذكرى السنوية للحرب، معتبرين إياها حدثا يغير قواعد اللعبة في التوازن العسكري في المنطقة.
كان للنوبيين، الذين ينحدرون أصلا من منطقة تغطي الجزء الجنوبي من مصر والأجزاء الشمالية من السودان، دور فعال في انتصار مصر على إسرائيل في الحرب ويعتبرونها واحدة من أعظم إنجازاتهم.
كان مجند نوبي هو الذي اقترح على قيادة الجيش المصري، وعلى الراحل أنور السادات، الذي كان رئيسا آنذاك، فكرة استخدام اللغة النوبية في الاتصالات بين الوحدات المصرية المختلفة المشاركة في الحرب.
وخوفا من اعتراض إسرائيلي محتمل لاتصالاتهم، رحب السادات بشدة بالفكرة.
أصبحت اللغة ، التي يتحدث بها الآن النوبيون المسنون فقط ، مهددة بالانقراض بشكل متزايد ، خاصة بعد نقل النوبيين من وطنهم الأصلي في جنوب مصر إلى أجزاء أخرى من البلاد لبناء السد العالي على نهر النيل في أوائل 1960s.
مداهمة الشرطة
وأضاف الموقع في تقريره: "بعد تجمع عشرات النوبيين في جمعية أهلية في الرياض في 25 أكتوبر 2019 للاحتفال بنصر أكتوبر داهمت الشرطة السعودية المبنى واعتقلت الحاضرين، إلا أنها أطلقت سراحهم في 25 ديسمبر دون تهمة"، غير أن الرجال وضعوا على قائمة الممنوعين من السفر إلى أن تنتهي القضية.
وأحيل الرجال لاحقا إلى المحكمة، وعقدت الجلسة الأولى بشأن القضية في 10 نوفمبر 2021.
وعقدت عدة جلسات استماع قبل جلسة يوم الإثنين عندما أصدرت المحكمة الأحكام ضد النوبيين.
واتهم محامي أحد المتهمين السلطات السعودية بحرمان الرجال من الحق في التواصل بشكل صحيح مع محاميهم.
قال علي أيوب، الذي يمثل علي جمعة بحر، لموقع ميدل إيست آي "لم تكن السلطات المصرية تعرف بالضبط التهم الموجهة ضد هؤلاء الأشخاص أيضا".
وأضاف أيوب أن المتهمين استخدموا في حدث 2019 لافتة عليها صورة لوزير الدفاع المصري الراحل حسين طنطاوي، الذي ينحدر أيضا من النوبة.
وأوضح أيوب "ربما لو وضعت صورة عبد الفتاح السيسي على اللافتة بدلا من ذلك، لما تم اعتقال هؤلاء الأشخاص".
مأساة النوبة
وأشار التقرير إلى أن "الجمعيات النوبية خارج مصر هي حاضنات للثقافة واللغة والتقاليد النوبية، بما في ذلك تقاليد الطهي الغنية والمتنوعة. لافتا إلى أنها أماكن يتذكر فيها النوبيون الأيام الخوالي الجيدة عندما عاشوا معا كمجتمع واحد كان له ثقافته ولغته المتميزة".
ويقول النوبيون إن "طرد النوبيين من جنوب مصر لبناء السد العالي دمر الثقافة النوبية وقضى على اللغة النوبية".
وفي أعقاب عمليات الإخلاء، انتشر النوبيون في جميع أنحاء مصر، بما في ذلك القاهرة ومدينة الإسكندرية الساحلية الشمالية، حيث لم تتح لهم فرصة تذكر للتحدث بلغتهم الخاصة أو الحفاظ على تقاليدهم.
في يونيو 2019 شكلت حكومة الانقلاب لجنة لتعويض النوبيين الذين أجبروا على مغادرة منازلهم في جنوب مصر.
لكن بعد شهر، أصدرت عدة جمعيات ونقابات نوبية خارج مصر بيانا قالت فيه إن "التعويض ليس بديلا عن حق النوبيين في العودة إلى أراضيهم".
وربط ناشط نوبي بين هذا البيان والاعتقالات التي تمت في الحدث الذي أقيم في الرياض في أكتوبر 2019.
وقال هاني يوسف لموقع ميدل إيست آي "ربما كانت الحكومة المصرية غاضبة من البيان".
وأكد يوسف أن البيان وقعته جمعيات نوبية في عدد من الدول، بما في ذلك قطر والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مضيفا أن الجمعية في المملكة العربية السعودية هي الحلقة الأضعف.
وأضاف "كانت سلطات الدول الأخرى سترفض أي طلب مصري لقمع الجمعيات النوبية".
القضايا الصحية
ويمكن استئناف الأحكام الصادرة ضد المتهمين، ويحاول أقاربهم في مصر الاتصال بأعضاء برلمان السيسي وكذلك وزارتي الخارجية والهجرة بحكومة الانقلاب للحصول على المساعدة.
وفي وقت سابق من هذا العام، دعت منظمة العفو الدولية السلطات السعودية إلى الإفراج عن الرجال، واصفة المحاكمة بأنها جائرة للغاية، مشيرة إلى أن بعضهم من كبار السن ويعانون من مشاكل صحية، مثل السكري ومشاكل القلب والأوعية الدموية".
وقال أيوب "معظمهم يعانون من صحة ضعيفة ولا يمكنهم تحمل السجن، مضيفا أن جميع المحكوم عليهم تزيد أعمارهم عن 50 عاما، وأعرب عمرو فرج الله يوسف عن أمله في أن تفعل وزارة الخارجية وغيرها من أجهزة الدولة شيئا لإنقاذ والده والمتهمين الآخرين".
واختتم يوسف "حكومة السيسي هي أملنا الوحيد الآن ، يحاول جميع الأشخاص الذين نتحدث إليهم المساعدة ، لكننا نأمل أن تكون هناك نتائج إيجابية".
https://www.middleeasteye.net/news/saudi-arabia-egypt-court-jails-nubians-event-marking-war