هجمات متزامنة على مساجد المسلمين .. بدأت من ألمانيا لتصل الصين و إثيوبيا تضيف الذبح

- ‎فيعربي ودولي

 

بدا وكأنه موسم الهجوم على مساجد المسلمين في العالم، فمن أوروبا التي تلبس لباس الديمقراطية وحرية الاعتقاد، تشن مجموعات يمنية متطرفة لها مساندات برلمانية في دول القارة إلى خطة لأبي أحمد لإزالة مساجد مسلمي إثيوبيا، ثم الصين التي اعتقلت العشرات من الهوي المسلمين مقابل دفاعهم عن مساجدهم لينتشر العداء على كل الإثنيات المسلمة الأويجور والهوي، ومعروف أن 10 ملايين مسلم من الهوي هم نصف عدد المسلمين في الصين، لا يريدون الانفصال عن الصين، مثلما يرغب الإيجور.

مساجد ألمانيا

وأعلن مسجد جوتينجن، التابع للاتحاد التركي الإسلامي للشئون الدينية في ولاية سكسونيا السفلى شمال ألمانيا، رسالة تهديد، ووصلت الرسالة إلى المسجد في 18 مايو، وتحمل رمز الصليب المعقوف وتوقيع تنظيم “الاشتراكيون الوطنيون تحت الأرض” الإرهابي، وتحتوي على عبارة تدعو إلى قتل كل المسلمين مع التهديد بأنهم لن يستمروا طويلا، وأن الألمان سيرونهم.

وفي 9 مايو هاجم مجهولون مسجد DITIB Dresden Fatih بولاية دريسدن وأُضرمت النيران في القسم الذي يحتوي على الكتب الدينية.

وتعرّض قبل أيام، مسجد في مدينة هانوفر الألمانية لهجوم بزجاجات المولوتوف الحارقة، ما أدى إلى تحطم نوافذ المسجد، وقال كمال إيرجون رئيس منظمة الرأي القومي للجالية الإسلامية: إن “الهجوم أسفر عن تحطم نوافذ المسجد في الطابق السفلي، كما أُحرقت مقاعد الجلوس الخارجية”.

وذكر إيرجون أنهم سيتابعون الحادث المدان حتى يجري توضيح تفاصيل الهجوم بأسرع وقت ممكن ومحاسبة المجرمين أمام القانون، وأنه جرى التعرض لمساجد بشكل مباشر في 35 هجوما بألمانيا في عام 2022.

أما رئيس جمعية مسجد جوتينجن، محمد إبراهيمباش، قال في بيان: إنهم “قدموا بلاغا للشرطة بشأن التهديد الذي تلقوه”.

وأعرب إبراهيمباش عن قلق المسلمين في جوتينجن، وشدد على أنهم دعوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى ضبط النفس.

وذكر تقرير صادر عن الاتحاد التركي الإسلامي للشئون الدينية بعنوان “هجمات 2022 على المساجد”، ليتناول تعرض المساجد في ألمانيا للتهديد والهجوم بطرق مختلفة.

ووفقا للتقرير، فإن 20 هجوما من بين الـ 35 تم تنفيذها عن طريق إرسال رسائل إهانة وشتم وتهديد إلى المساجد عبر البريد العادي أو الإلكتروني، بالإضافة إلى كتابة رسائل على جدران 7 مساجد، وتم تسجيل أضرار مادية في 6 مساجد، بينما تعرض مسجدين لحريق متعمد.

مسلمي إثيوبيا

وفي 31 مايو، هدد رئيس المجلس الأعلى الفيدرالي لمسلمي إثيوبيا إبراهيم توفا بترك منصبه والتفرغ لمناهضة الحكومة الفيدرالية الإثيوبية؛ احتجاجا على هدم عدد من المساجد، بحجة عد الترخيص في منطقة شيجار القريبة من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قائلا: إنه “مستعد للتخلي عن مسئوليته مقابل حمايته للمساجد، وضياع البلاد أفضل من ضياع المساجد”، حسب قوله.

وأصدر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في أديس أبابا بيانا من 11 نقطة يدين عمليات هدم المساجد ومقتل مسلمين خلال دفاعهم عنها في 27 مايو 2023.

ودعا المجلس أن يتقبل الله الأبرياء المسلمين الذين فقدوا أرواحهم في الهجوم الذي وقع في 26 مايو حول مسجدي الأنوار ونور في أديس أبابا من الشهداء، مطالبا تشكيل لجنة تحقيق مستقل من الحكومة ومجلس الشؤون الإسلامية للتحقيق في الهجوم على المسجدين.

ودعا حكومة إقليم أوروميا للتوقف عن هدم المساجد في “شيغر” وتبني بدلا مما هدمته، ووصفها بأنها لا تحترم الإسلام والمسلمين.

ومن جهتها، تعاملت السلطات الإثيوبية بالقوة المفرطة ضد المصلين خارج مسجد أنوار الواقع بوسط العاصمة، أثناء احتجاجاهم على هدم عدد من المساجد في منطقة شجر من قبل السلطات المسؤلة هناك، وجراء هذه الاشتباكات قتل شخصان وجرح عدد آخر جراء استعمال القوات الأمنية الرصاص الحي ضد المحتجين.
 

ومنذ بدء شهر رمضان 2023، أي خلال شهرين فقط، هدمت الحكومة الإثيوبية 19 مسجدا في إقليم “أوروميا” ذي الأغلبية المسلمة، بدعوى تطوير المنطقة وبناء مركز تجاري كبير يسمى “شيغر سيتي”.

واحتج المسلمون عقب صلاة الجمعة في 26 مايو 2023، فأطلقت الشرطة النار عليهم فقتلت اثنين وأصيب العشرات، ووقعت اشتباكات بين المصلين والشرطة في مسجدي “الأنوار” و”النور العظيم” شمال العاصمة مقديشو.

وسبق لأبي أحمد أن هاجم مساجد المسلمين في إثيوبيا، وفي عام 2019 شنت جماعات مسيحية متطرفة هجمات على مساجد وأحرقت وهدمت بعضها، دون تحرك حكومي.

وإثيوبيا ذات أغلبية مسيحية تعادل قرابة ثلثي السكان وخصوصا الأرثوذكسية، لكن المسلمين يشكلون أغلبية في ثلث البلاد تقريبا.

ولم يكن تظاهر المسلمين عقب صلاة الجمعة 26 مايو 2023 سوى مجرد جرس إنذار لتنبيه السلطات وتحذيرها من ثورة غضب للمسلمين الذين يشكلون 33 بالمئة من إجمالي سكان البلاد، بمعدل 36 مليونا من 113، وفق الإحصاءات الرسمية.

وما جرى من هدم 19 مسجدا وتدنيس القرآن الكريم في أورومو ذي الأغلبية المسلمة وموطن رئيس الوزراء المسيحي، آبي أحمد، بحجة التطوير كما يفعل طغاة العالم، أغضبهم وعدوه استمرارا للعداء لهم.

وأعلن المجلس الإثيوبي الأميركي (EADC)، أن المسلمين في أديس أبابا احتجوا على هدم أكثر من 19 مسجدا في أوروميا، وتدنيس القرآن الكريم، وأكد إصابة العديد من المسلمين بالذخيرة الحية.

وقال المجلس: “دمرت حكومة آبي أحمد 19 مسجدا منذ رمضان، ما جعل المسلمين يشعرون بالصدمة بسبب هذا الاضطهاد الديني”.

وقال شاهد عيان لوكالة الأنباء الفرنسية في 27 مايو 2023 إن “المصلين أطلقوا شعارات ضد مشروع مركز كبير يسمى “شيغر سيتي” وللحكومة بعد صلاة الجمعة”.

وهتف المسلمون بمطالبات لوقف تدمير مساجدنا، وحين حاصرتهم قوات أمنية كبيرة أمام أبواب المسجد غضب المصلون وقاموا برشقها بالأحذية، وأطلقت الشرطة عليهم الرصاص والغاز المسيل للدموع.

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، فضحت الفيديوهات الاشتباكات التي وقعت بالعاصمة، وصورت المساجد المدمرة وتدنيس المصاحف.

وعام 2022، أطلقت السلطات الفدرالية ومنطقة أوروميا، مشروعا مثيرا للجدل يسمى “شيغر سيتي” ويقضي بدمج ست بلدات تحيط بالعاصمة في قوس غربي واسع، وشرعت في حملة هدم مبانٍ ومساجد بدعوى بنائها بشكل غير قانوني.

 

وأدان معارضو المشروع هذه العمليات التي يعدونها “تمييزية” وتستند برأيهم إلى معايير عرقية ضد السكان الذين لا ينتمون إلى عرقية الأورومو، ودينية باستهداف مساجد ومدارس للمسلمين، حسب الوكالة الفرنسية.

 

وأدانت اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان (EHRC) عمليات الهدم والإخلاء القسري مطلع أبريل 2023، في مدينة شيغر التي تم تشكيلها حديثا، متهمة إدارة أوروميا الحكومية بإخلاء المسلمين قسريا وهدم غير قانونية وانتهاك قوانين الفيدرالية التي سنتها الحكومة نفسها، وتتعارض مع القوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان.

يوري تاديسي، ناشط إثيوبي قال: إن “الاستفزاز الديني للحكومة وتدمير الممتلكات وراء احتجاجات المسلمين المستمرة”، وإن هدم العديد من المساجد في أوروميا وتدنيس القرآن الكريم يضربان في صميم الهوية الدينية والثقافية للمسلمين الإثيوبيين”.

وسبق أن وقعت اشتباكات عنيفة بين المسلمين والمسيحيين الأرثوذكس في مدينة جوندر بمنطقة أمهرة الشمالية ذات الغالبية المسيحية في 26 أبريل 2022، قُتل فيها 30 شخصا وأصيب 100 بجروح، بعد هجوم على مقبرة إسلامية.

وكتب مسلمون إثيوبيون على منصات التواصل الاجتماعي يؤكدون أن هذه الاشتباكات التي بدأت بهجوم مسيحيين على مقبرة للمسلمين، نتج عنها وفاة أكثر من 14 مسلما وإصابة العشرات، وحرق 5 مساجد و21 منزلا للمسلمين في مدينة جوندر.

غير أنه في اليوم التالي للمجزرة نفذت مجزرة أخرى، في جوندر بتاريخ 27 أبريل 2022 وقتل 20 مسلما في هجوم جوندر شمال إثيوبيا، أثناء جنازة مسلم كبير السن، بحسب “وكالة الأنباء الفرنسية”.

وحمل المجلس الإسلامي الأعلى المسؤلية عن المذبحة، لمن سماهم بـمتطرفين مسيحيين مدججين بالسلاح، أطلقوا وابلا من الرشاشات الثقيلة والقنابل اليدوية على المشيعين، كما انتقل الاعتداء إلى حرق المساجد والمصاحف واغتصاب النساء وتدمير ممتلكات المسلمين في المدينة، بحسب صحيفة إثيوبيا إستاندار، ووصف المجلس الهجوم بأنه كان مذبحة مخطط لها”.

هدم مآذن وقباب

وقرية “ناجياينغ” بمقاطعة يونان تعتبر الموطن التاريخي لأقلية “هوي” ومركز إلهام للثقافة الإسلامية في مقاطعة يونان المتنوعة إثنيا، الواقعة على حدود الصين مع جنوب شرق آسيا، وشنت الحكومة الصينية الشيوعية هجوما على مساجد القرية لإطفاء جذوة مساجدها بالهدم وتحطيم قبابها التاريخية، بعدما أطلق الزعيم الصيني شي جين بينج حملة واسعة لإضفاء الطابع الصيني على الدين.

وعليه، حاصر مئات المسلمين الصينيين مسجد الهوي في يونان جنوب غربي البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع، في محاولة أخيرة لمنع السلطات من إزالة قبة ومآذن المسجد، مع اتساع نطاق حملة قمع الحريات الدينية.

وأغلقت الشرطة مدخل المسجد وواجهت الحشود بالدروع والهراوات، فيما تعالت صيحات الغضب من قبل السكان، وألقى بعضهم زجاجات المياه والحجارة على الشرطة.

وقوبلت “حملة بينج” برد فعل قوي من قبل السكان المحليين، حيث أظهرت مقاطع مصورة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي سكانا يشتبكون مع عناصر شرطة يرتدون ملابس مكافحة الشغب.

 

ونقلت الشبكة عن شاهد عيان محلي القول إن “هذا هو آخر جزء من كرامتنا.. إنه مثل القدوم لمنزلنا لهدمه.. لا يمكن أن نسمح بذلك”.

وقال شهود عيان: إن “الآلاف من عرقية هوي، بينهم رجال ونساء وكبار في السن وأطفال، تجمعوا قرب المسجد السبت، فيما انتشر أكثر من ألف شرطي حوله”، مضيفا، “بعد وصولنا إلى المسجد، رأينا أنهم جلبوا رافعات وكانوا جاهزين لعملية الهدم، فيما تم بالفعل نصب السقالات حوله”.

واستعرض الشاهد كيف تصاعدت التوترات عندما طالب المصلون بدخول المسجد لأداء صلاة الظهر في الواحدة ظهرا، لكن عناصر شرطة ضربوهم بالهراوات، مما دفع بعض السكان للاشتباك معهم، فاعتقلت الشرطة نحو 30 شخصا من المحتجين.

وقال معلقون: إن “جرأة المسلمين على المواجهة أسفرت عن انتصار مؤقت للمحتجين الذين نجحوا في دخول المسجد مع انسحاب الشرطة، كما أظهرت مقاطع مصورة، جرأة المسلمين الصينيين لم تنقطع بعد الاعتقالات، حيث قال شاهد عيان إن السكان تناوبوا طوال ليل السبت والأحد على حراسة المسجد، خوفا من عودة السلطات لهدم قبته الخضراء الكبيرة ومآذنه الأربعة”.

وبالمقابل، قطعت حكومة “بينج” الإنترنت في العديد من أحياء القرية وحلقت طائرات مسيرة في سماء المنطقة فيما حثت السلطات المحتجين لتسليم أنفسهم، بحسب “CNN”.
 

وأزالت السلطات في السنوات الأخيرة العمارة الإسلامية وهدمت القباب والمآذن في أكثر من ألف مسجد تابع لأقلية “هوي” المسلمة في جميع أنحاء البلاد، وفقا لنشطاء.

 

وكثفت السلطات جهودها في السنوات الأخيرة لتقييد الممارسات الدينية لمسلمي أقلية هوي في جميع أنحاء الصين، بما في ذلك إغلاق المدارس الإسلامية ودروس اللغة العربية ومنع الأطفال من تعلم وممارسة الإسلام، وهدم قباب ومآذن أكثر من 200 مسجد في مقاطعة يونان وحدها، إضافة لأكثر من ألف مسجد في شمال غرب البلاد.