رغم كل محاولات التشويه التي تمت ضد جماعة الإخوان وضد الرئيس مرسي، إلا أن محبة الشعب المصري للرئيس لم تتغير.
فغالبية الشعب المصري يدرك الحقيقة، ولكنه ممنوع من إبداء رأيه الحقيقي في وسائل الإعلام، فالمنحازون للانقلاب حفنة قليلة، ولكن يتاح لها الظهور المستمر على وسائل الإعلام ويتلقون كافة أنواع الدعم، والحملات الإعلامية المنظمة ضد الإخوان والرئيس مرسي ما هي إلا محاولة للتغطية على حالة الفشل التي مُنيت بها مصر في ظل الانقلاب ، والتمهيد للحكم بالإعدام على المرشد العام ونائبه يأتي في إطار محاولات التشويه والتغطية على فشل الانقلاب الاقتصادي والسياسي، والشعب المصري يعرف إنجازات الرئيس مرسي رغم قصر مدته ويدرك فشل الانقلاب رغم استمراره لعشر سنوات، وإن الرئيس مرسي أصبح أيقونة الحرية لدى الشعب المصري والشعوب الإسلامية وشعوب العالم الحر، الانتخابات التي فاز فيها الرئيس مرسي وحدها هي الانتخابات الرئاسية الحقيقية، وما جاء بعد ذلك ما هو إلا محاولات لاكتساب شرعية مفقودة، إن التغيير قادم والمتابع للواقع داخل مصر يرصد مؤشرات كثيرة على حالة الوعي المتزايدة لدى الشعب، فقدرة الشعب المصري على إفراز قيادات جديدة قادرة على التصدي للانقلاب لن تكون مستحيلة، إن مواقف الرئيس مرسي الرافضة للتنازل للعسكر حافظت على حق الشعب المصري في استرداد إرادته، عرضوا على الرئيس مرسي الموافقة على الانقلاب مقابل توفير حياة كريمة له في مصر أو خارجها فرفض أن يخون شعبه، إن الرئيس مرسي ضحى بنفسه ورفض اتخاذ أي إجراءات أو قرارات يمكن أن تؤدي إلى انقسام الحيش أو تفكيكه.
منذ الأول من يونيو انطلقت حملة إعلامية منظمة ضد جماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسي في محاولة لطمس الحقائق والتغطية على حالة الغضب العارم في الشارع المصري والتي تتزايد يوما بعد يوم، وتنتقل من طور إلى طور جديد.
حالة الاحتقان المتزايد يبدو أنها أصابت سلطة الانقلاب بحالة من الهوس؛ فأطلقت حملة إعلامية فتحت فيها المجال واسعا أمام كافة المنتفعين من 30 يونيو في محاولة لتجميل الصورة القبيحة وطمس إنجازات ثورة يناير التي أفرزت انتخاب الرئيس الشهيد محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، ثبت على مواقفه الرافضة للتنازل للحكم العسكري أو تسليم البلد على طبق من ذهب للعسكر من جديد.
التقينا المهندس مدحت الحداد عضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين، لنتعرف معه على ملامح تلك الحملة وخلفياتها وأبعادها ومآلاتها ومدى تأثيرها على الشعب المصري فكان هذا الحوار.
من خلال رفع الواقع ومتابعة وسائل الإعلام تبين أن هناك حملة منظمة بدأت بشكل مبكر منذ بداية شهر يونيو ، ففي كل يوم 20 – 30 مادة بين تقرير ومقال وحوار وتصريح ومداخلة تليفزيونية حول الإخوان و30 يونيو، ماذا تستهدف هذه الحملة التي زادت وتيرتها هذا العام؟
-أؤكد لكم أنه بالرغم من كافة محاولات تشويه الرئيس محمد مرسي – كأول رئيس مدني منتخب في مصر – سواء بسجنه أوتلفيق القضايا، أو بالأحكام الجائرة أو محاولات كتم صوته في المحكمة عن طريق القفص الزجاجي، أو بقتله أو محاولة تشويهه بعد قتله، كل تلك المحاولات بما فيها الدعاية السوداء في الأدوات الإعلامية مثل، مسلسل الاختيار وما إلى ذلك ، كل ذلك لم يؤثر على قناعات الشعب المصري بالرئيس الشهيد ومحبتهم له وإدراكهم حقيقة ماحدث له من انقلاب عسكري مكتمل الأركان، ومن ثم موقف الشعب مما حدث في 30 يونيو و3 يوليو واضح وغير ملتبس عند الغالبية من الشعب المصري الذي يتمتع بوعي عال، بل وشارك قطاع عريض منه في إعلان رأيه ضد الانقلاب ، وقدم تضحيات غالية في هذا المجال.
وأحب أن أؤكد أن نسبة المعتقلين من غير الإخوان ليست قليلة، والمتضررون من جرائم الحكم العسكري نتيجة رفضهم له نسبة عالية من الشعب المصري، ولكن لا يسمح لها بأن تظهر في وسائل الإعلام في ظل حالة من الاستحواذ الكامل على كافة المؤسسات الإعلامية وفي ظل القبضة البوليسية الطاغية.
أما هذه الحفنة المحدودة التي تصدت لإرادة الشعب المصري وانحازت للانقلاب العسكري لأسباب مختلفة، فهم الذين يتاح لهم فرصة الظهور على وسائل الإعلام والحديث عن إنجازات مزعومة لـ 30 يونيو.
أما الجسم العام للشعب المصري فهو لا يثق في هؤلاء إطلاقا ويعلم يقينا أنهم مشاركون للمنقلب عبد الفتاح السيسي، بل والجميع يعلم أن هذا الانقلاب تم بالاتفاق مع أمريكا، حيث كان السيسي يتحدث مع هيجل وزير الدفاع الأمريكي يوميا من ساعتين إلى ثلاث ساعات اعتبارا من شهر مارس 2013م، حتى وقوع الانقلاب.
أما عن الرئيس مرسي فإنجازاته بحول الله تعالى خلال عام واحد نقلت مصر نقلة هائلة في اتجاه الديمقراطية، ولم يحدث في هذه السنة حادثة تذكر تشوّه صورة الديمقراطية، وبدأ بالفعل في إجراءات جادة لتحرير إرادة الشعب وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الدواء والغذاء والسلاح.
وأعود لأؤكد أن هذه الحملات التي ذكرتها ما هي إلا محاولة للتغطية على حالة الفشل الكاملة التي منيت بها مصر في ظل الانقلاب.
- هل ترون أن هذه الحملة تم تدشينها بإحالة أوراق المرشد العام ونائبه مع ستة من القيادات الدعوية والسياسية إلى المفتي تمهيدا للإعدام، وذلك من خلال محكمة أمن الدولة طوارئ والتي تعد أحكامها نهائية باتة ، علما بأن فكرة إحالة الأوراق للمفتي هذه تعد مسألة شكلية، مما يؤكد أن الأحكام قادمة دون طعن؟
-الحقيقة أن محاولات تشويه صورة الإخوان داخل السجون وخارجها مستمرة لا تتوقف، والهدف الرئيس منها محاولة التغطية على حالة الفشل التي وصلوا إليها.
ولا شك أن الإقدام على الزج بالدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين للتمهيد لإصدار حكم بالإعدام عليه وعلى نائبيه، وعدد من القيادات الوطنية والدعوية هو محاولة تصب في هذا الاتجاه .
والغريب أنهم يستدعون حادثة المنصة لتكون ستارا لإصدار أحكام على فضيلة المرشد العام ، بينما المنصة وقعت أحداثها ليلة السبت 27 يونيو سنة 2013م، وارتقى فيها 150 شهيدا – نحسبهم كذلك – وتم أسر أكثر من 75 شخصا من الإخوان المسلمين وأنصارهم من المتواجدين في رابعة في هذا التوقيت، كما تجاوز عدد الجرحى 4500 جريح.
كل هذا ولم يحدث أي تحقيق يذكر لتُكشف الحقيقة، أو لمعرفة من وراء هذه المجزرة من الذي قتل؟ومن الذي استعمل السلاح للهجوم على المعتصمين السلميين في رابعة؟
وبعد مرور 8 سنوات وبدلا من إحياء القضية لمعاقبة الجناة الحقيقيين، يتم تقديم المجني عليهم للمحاكمة وإصدار أحكام بالإعدام على قيادتهم، وهذا غاية الفجر في الخصومة، وتعمد خلط الأوراق وقلب الحقائق؛ لتخرج هذه القضية بهذا الشكل، بأن المعتدين هم الدكتور بديع والدكتور محمود عزت، والإخوة المتواجدون في ميدان رابعة العدوية.
- الحملة شملت هجوما واسعا على العام الذي حكم فيه الرئيس مرسي، فما هو ردُّكم على الاتهامات التي تم توجيهها لهذه الفترة والهجوم على الإخوان بشكل موسع؟
– كما قلت لكم هم يحاولون التغطية على حالة الفشل المذرية التي وصلوا إليها بعد عشر سنوات من الانقلاب، من خلال الهجوم على الرئيس مرسي وعلى إنجازاته التي يعلمها الشعب المصري بشكل جيد، وسجلتها الوقائع والأرقام، فهي محاولة لتشوية الرئيس دون جدوى بل محاولة لتشويه المسار الديمقراطي برمته والتسويق للاستبداد، بينما الأرقام والإحصاءات واضحة بيّنة تؤكد نجاح الرئيس مرسي– رغم قصر المدة التي حكم فيها– وفشل هذا الانقلاب رغم طول المدة التي حكمها، وأذاق الشعب فيها كل المرارات.
وأؤكد أنه يكفي أن الرئيس مرسي تركنا وهو يحاول تقليل ديون مصر قدر الاستطاعة وقد وصلت في عهده إلى قرابة 42 مليار دولار، والآن السيسي المجرم المنقلب الذي ضيع مصر، ورهن وأضاع أصولها وداينها بما يتجاوز 170 مليار دولار حتى الآن ولا زال مسلسل الاستدانة قائما إلى يومنا هذا.
- هل لفت أنظار الجمهور المستهدف من الحملة بضرورة العودة للنموذج الديمقراطي – الذي تستحقه مصر والذي حدث مع اختيار أول رئيس مدني في ظل انتخابات تعددية حقيقية – أمر ممكن؟
-أعتقد أن حالة الوعي لدى الشعب المصري بل وكل الشعوب العربية والإسلامية تتزايد بشكل كبير، وهناك حالة من الوعي الكبير بما حققه الرئيس مرسي- رحمه الله – خلال سنة حكمه تشهد بها حالة التعاطف الكبيرة لكافة هذه الشعوب مع الرئيس مرسي، كلما سمعوا اسمه حتى أنه أصبح أيقونة للحرية والاستقلال لدى الشعب المصري وشعوب الأمة الإسلامية، بل وشعوب العالم الحر.
والآن نلحظ أن مساحة الوعي تتزايد بشكل كبير، بل إن حالة الغضب الشعبي بدأت تظهر للعيان وبصوت مرتفع في الأسواق وفي الشوارع، ولم يعد هناك من يُخفي هذه الحقيقية التي بات يعلمها الجميع.
- هل ترون الحديث عن وجود انتخابات رئاسية في 2024م له مصداقية، أم أنه كسابقه من محاولات لتجميل صورة السيسي وصناعة الوهم بأن هناك منافسة حقيقية تتمُّ في مصر؟
-الانتخابات الحقيقية التي شهدتها مصر كانت خلال فترة ثورة يناير والتي فاز فيها الرئيس محمد مرسي كأول رئيس منتخب، أما ما حدث بعد ذلك من انتخابات صورية وشكلية لمحاولة اكتساب شرعية مفقودة، فهي لا يمكن أن نطلق عليها انتخابات، بل هي جرائم شاهدناها في 2014 م،وفي 2018م، وفي انتخابات برلمان غير حقيقي ولا يُعبِّر عن إرادة الشعب المصري بشكل حقيقي، والشاهد على ذلك أن هذه الإنتخابات المزعومة لم يذهب إلى صناديقها أكثر من اثنين ونصف بالمائة من الشعب المصري 2.5% من شعب مصر ذهبوا إلى الانتخابات هل توجد فضيحة أكبر من ذلك؟ بينما تجد في تركيا يذهب 89 % من الناخبين إلى الانتخابات، هذا هو الفرق بين انتخابات تجرى في ظل انقلاب عسكري، وانتخابات تجرى في ظل مسار ديمقراطي مستقر.
- الانقلابات تأتي لتستمر ولا تنتهي إلا بفعل شعبي أو مؤثر داخلي في هيكلة النظام ، فمتى ينتهي هذا الكابوس، وكيف يحدث ذلك في ظل حالة الطغيان الأمني التي دفعت الناس للخوف من أي حراك ثوري ؟
-الشعب سيفعل ذلك – بوحدته وعزمه على العودة إلى المسار الديمقراطي – والمتابع يرصد مؤشرات كثيرة على حالة الوعي المتزايدة لدى الشعب المصري، وهذه الحالة ستتحول في القريب – بإذن الله تعالى – إلى فعل يجمع عليه الشعب.
صحيح قد لا نستطيع التكهن بشكل التغيير ولا بمساراته، ولكننا نجد إرهاصاته واضحة تؤكد أن هذا الوضع الذي ترتب على الانقلاب اقتصاديا، وسياسيا، وفي مجال حقوق الإنسان، وفي مجال الحريات العامة وحرية الصحافة والإعلام، لا يمكن بحال من الأحوال أن يستمر كثيرا، فسيأتي الوقت الذي يحدث فيه التغيير وسينهار هذا الانقلاب بفعل جرائمه التي يرتكبها، وفشله الذي وصل إلى غايته، وبفعل الوعي الشعبي المتزايد.
ولذلك أنا أؤكد أن التغيير لن يتم إلا إذا كانت هناك حالة من الإجماع الشعبي عليه من كافة طوائف ومكونات الشعب، وهو ما يتشكل الآن بصورة تدرجية، ولكن الإرهاصات تقول إن هذا التغيير لن يكون بعيدا.
- كيف يمكن للمجتمع في ظل حالة التجريف السياسي أن يفرز شخصيات صالحة لقيادة البلد في ظل هذه السطوة الاستبدادية غير المسبوقة ؟
صحيح هناك مشكلة حقيقية في هذا الأمر، خاصة أن المهمة الأساسية التي يقوم بها الانقلاب تجريف الحياة السياسية من كافة الشخصيات التي يمكن أن تكون قادرة على قيادة الشعب، والتحرك به بعيدا عن حالة الفشل التي خلفها الانقلاب.
ولاشك أن المنقلب يراهن على طرح شخصيات ضعيفة تظهر أمامه على الساحة السياسية حتى يدعي أنه يتفوق عليها ، ولكن نؤكد أن قدرة الشعب المصري على إفراز قيادات جديدة قادرة على التصدي لهذا الانقلاب بشكل حقيقي في ظل حالة من الإجماع الوطني لن تكون مستحيلة، وستتحقق وستَمُرُّ مصر من هذه المرحلة الصعبة إلى مرحلة جديدة تستعيد فيها المسار الديمقراطي.
- من وجهة نظركم لماذا أحبت الشعوب العربية والإسلامية الرئيس مرسي وارتبطت به ؟
– سأروي لكم قصة ربما الكثير لم يسمعها من قبل، عندما كان الرئيس مرسي في الأمم المتحدة2012م، وبعد أن ألقى كلمته، وذهب إلى إلى القاعة الجانبية التي من المعتاد أن يجلس فيها الرؤساء لبعض الوقت بعد إلقاء الكلمة ، حدث شيء عجيب جدا، القاعة الرئيسة كادت أن تفرغ تقريبا، وانتقل كل من كان يستمع للدكتور مرسي للقاعة الجانبية للسلام على الدكتورمرسي سواء من الحكام، أوالرؤساء، أوالأمراء، أوالوزراء ، مما جعل مدير القاعة يقول للدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية والذي كان ينسق الرحلات الخارجية للرئيس، أنا أعمل هنا منذ عشرين عاما ولم أرَ مثل هذا المشهد، أنا أذكر هذه القصة لكي يدرك الناس مدى حُبّ ووجاهة الدكتور مرسي في العالم كله.
أما لماذا أحبته الشعوب؛ فلأنها شعرت أنه منّا من أفراد شعب مصر، اختاره الشعب اختيارا حرا مباشرا طبقا للأدوات الديمقراطية العالمية، وأذكر أن بعد وفاة الدكتور مرسي انتشر في بلاد متعددة وكثيرة – في ملاعب كرة القدم- نداء غريب جدا وهو “لا إله إلا الله مرسي حبيب الله والسيسي عدو الله” سمعنا هذا في موريتانيا والمغرب وتونس والجزائروليبيا والسودان ولبنان وفلسطين والأردن والعراق ودول كثيرة، وهذا النداء يدل على مدى حب هذه الشعوب للدكتور مرسي وكرهها للانقلاب العسكري.
- هل ترون فشل مسار30 يونيو يمكن أن يكون له وجه إيجابي على مستقبل المسار الديمقراطي في مصر؟
– نعم، بالقطع لأن وعي الناس قد ارتفع بدرجة كبيرة جدًا، وعرف بعدما لامس حالة الفشل هذه، ما معنى عسكر، وما معنى الاستبداد، وما معنى الإجرام، وما معنى سرقة الشعوب وما معنى تدخل الجش في شؤون الحياة وسيطرته على الأمور.
ولذلك نجد حالة من الوعي تزايدت وقناعات كثير من المترددين استقرت الآن على حالة من اليقين أن الحكم العسكري لا يأتي بخير، ولا يمكن أن تتحقق أي إنجازات سياسية أو اقتصادية مفيدة في ظل استمراره وبقائه.
- هل ترون ما حدث في تركيا من انتخابات تنافسية كان له أثر على إحياء الرغبة الشعبية للعودة إلى المسار الديمقراطي، خاصة وأنه مرَّ بتجربة مشابهة لها في انتخابات 2012م والتي فاز فيها الرئيس الشهيد محمد مرسي ؟
– نعم، إنها تجربة ملهمة ليست لمصر وحدها، بل للشعوب العربية والإسلامية، وهي تجربة مخيفة لبعض الأنظمة التي لا تتخيل أنها من الممكن أن تعيش بشكل ديمقراطي إطلاقا، فهذه الأنظمة مرعوبة، والشعوب راغبة أن تعيش الديمقراطية التي تمكنها من أن تختار بنفسها من يحكمها، فلا تُفرض عليها الحكومات، ولا تُستغل من خلال الآخرين، لو نظرت إلى أغلب الدول العربية لا تجد منها ما يضاهي تركيا في العملية الديمقراطية، بل لا يوجد عندها ديمقراطية أصلا، فالشعوب ترى في التجربة التركية تجربة ملهمة لكل شعوب المنطقة، بل لكل شعوب العالم.
- ماذا ترون في موقف الدكتور مرسي ورفضه الجازم للتنازل عن الشرعية وثباته على موقفه حتى لقي ربه ؟
-هذا الموقف حقيقة من المواقف التي سيسجلها التاريخ لهذا الرجل الصامد الذي قدم مصلحة وطنه على حياته التي ضحى بها رخيصة؛ من أجل أن يحافظ على حق الشعب المصري في اختيار من يحكمه، لقد وَعَد فما أخلف شيئًا على الإطلاق، ثبت رغم معرفته وعلمه بما يدور حوله، ولم يغيِّر موقفه، ولم يبدِّل ولم يخن شعبه، ولم يفرط في الشرعية الديمقراطية.
لقد تحمل الرئيس الخيانات التي تمت ضده، سواء من السيسي أو من رئيس الحرس الجمهوري حينها محمد زكي والذي كان مخوَّلا به حماية الرئيس والدفاع عنه، ولكنه قام بتسليم الرئيس محمد مرسي ومساعديه إلى الانقلاب العسكري، ورغم ذلك ظل ثابتا على مبادئه وفيا لشعبه، يقدم المصلحة العليا للوطن، ولم يقدم على أي قرارات يمكن أن تؤثر على تماسك الجيش، أو تؤدي إلى تفكيكه أو انقسامه.
وقد جاءت أشتون وطلبت من الرئيس التنازل مقابل سلامته الشخصية داخل مصر أو خارجها، ولكنه رفض بشكل قاطع التخلي عن المبدأ،أو شرعنة الانقلاب والاعتراف به.
وربما أذكر هنا أن هذه المحاولات تمت أيضا مع الفريق الرئاسي، حيث عرضوا على الدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية أن ينتقل هو وجميع أفراد عائلته على طائرة خاصة إلى أمريكا، ولكنه رفض أيضا حتى لا يُكسبوا الانقلاب شرعية مفقودة.
- ما السيناريو المتوقع لو تنازل الرئيس مرسي وقَبِل التفاوض مع العسكر وترك الحكم والشرعية ؟ وما أثر هذا الأمر – لو كان قد حدث – على مستقبل المسار الديمقراطي في مصر ؟
– لو اعترف الدكتور مرسي بالانقلاب العسكري، لضاع الأمل الآن ومستقبلا في عودة المسار الديمقراطي، ولاكتسب الانقلاب العسكري شرعية طالما كان يحلم بها، ولكنه لم ينلها حتى الآن، وظل فاقدا للشرعية.
والأثر الأكبر على حالة الإحباط التي يمكن أن تتولد لدى جموع الشعب المصري التي خرجت تؤيد المسار الديمقراطي، وتسعى لإعادة الحرية من جديد ، ماذا كان موقف هذه الملايين لو وجدوا رئيسهم المنتخب يقدم التنازلات للعسكر، وسلمهم البلد على طبق من ذهب، وما هو موقف الملايين التي أدلت بأصواتها للرئيس في أول انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تشهدها مصر، وهم يرون الرئيس الذي أولوه ثقتهم وصبروا معه حتى انتزع كافة السلطات من العسكر يعود ويسلمها لهم بيده.
ولكنه بحمد الله صبر وتحمل ولم يُسلِّم، ولم يُقدِّم أي تنازل، وظل صادما حتى لقي ربه على ذلك.
- إحالة المرشد العام ونائبه للمفتي في أتون الحديث عن 30 يونيو، كيف ترون دلالاته ؟
-هذه محاولة لتشويه الإخوان المسلمين؛ ولمحاولة إرهابهم، إرهاب منظم في محاولة للضغط عليهم للاعتراف بهذا الانقلاب، ولكنهم بحول الله صامدون مثل رئيسهم، يرفضون النزول على رأي الفسدة أو التفريط في حق الشعب المصري في اختيار حكامه.
هؤلاء الرجال هم أبطال سيسجل التاريخ أسماءهم في صحائف من نور، وسيدرك الجميع أنهم حافظوا بثباتهم وصبرهم على حقوق الشعب المصري في اختيار حكامه، ولو فعلوا وتنازلوا واعترفوا لكان ذلك بمثابة صَك لاستمرار حكم العسكر دون قيد أوشرط، ولكان سببًا في نهاية المسار الديمقراطي، وانعدام الأمل في استئناف هذا المسار من جديد.
ولكن طالما ظل هؤلاء صامدين ثابتين على مواقفهم ومبادئهم، يرفضون المُصالحة المزعومة مع الانقلاب، أو التنازل عن حق الشعب أو الاعتراف بالحكم العسكري المستبد فالأمل في زوال هذا الانقلاب قائم، والأمل في استئناف المسار الديمقراطي وعودة الشعب للحكم من جديد سيظل قائمًا إن شاء الله.
- هل ترون عودة التجربة الديمقراطية واستئنافها من جديد أمرا مستحيلا في مصر ؟
-إطلاقا، لا يمكن أن نعتقد ذلك، بل رجوع المسار الديمقراطي إلى مصرأمر حتمي، وستكون إن شاء الله خلال فترة قصيرة ربما تكون أقصر مما نظن، فبمجرد انتهاء فترة حكم العسكر، وكسر هذا القيد المفروض على شعب مصر من قبل العسكر، ستعود الديمقراطية ولو بالتدريج أو بمراحل كما بينها الإخوان المسلمون في بيانهم على ثلاث مراحل ، التوافق ثم التشارك ثم التنافس.
فنحن واثقون بأن عدم التنازل أو الاعتراف بالحكم العسكري هو بداية الطريق الحقيقي لانبعاث الأمل في عودة المسار الديمقراطي مع زيادة الوعي لدى الشعب بأهمية الخلاص من هذا الوضع، كل ذلك سيؤدي إلى عودة المسار الديمقراطي وما أظن أن بيننا وبين ذلك الأمل كثير من الوقت.
وأضرب هنا مثالا لما حدث في تركيا حيث مر الشعب التركي بأربعة انقلابات عسكرية مدمرة، خربت البلاد وأهلكت الحرث والنسل، وقتل في طريقها الآلاف، واعتقل فيها مئات الآلاف، ولكن في نهاية المطاف استطاع الشعب التركي – بجهود وتضحيات كبيرة -أن يتخلص من هذه الحقبة السوداء وأن يعود إلى المسار الديمقراطي من جديد وحق الشعب في اختيار حكامه.