قالت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها: إن “الكونجرس الأمريكي بدأ بالوقوف ضد عبدالفتاح السيسي ديكتاتور مصر بعد رشى تافهة لأمريكا وترويع دائم لشعبه، وأن مجلس الشيوخ الأمريكي شارك الكونجرس وقفته”.
وجاءت الافتتاحية لأكبر الصحف الأمريكية معنفة للسيسي، بعدما تعهد الرئيس الجديد للجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، بن كاردين (ديمقراطي عن ميريلاند) بإرسال رسالة مهمة لمصر بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، حيث إنه سيمنع 235 مليون دولار من المساعدة العسكرية التي أقرتها إدارة بايدن، قبل عدة أسابيع فقط، وأنه سيحاول منع الدعم العسكري وصفقات السلاح في المستقبل لو لم تتخذ مصر خطوات قوية وذات معنى ومستدامة لتحسين ظروف حقوق الإنسان.
ورغم أن بعض المراقبين رأوا التعهدات على سبيل الابتزاز لمزيد من الركوع، إلى أن الصحيفة رأت أن عبد الفتاح أفلت لوقت طويل من المحاسبة لتحويله مصر إلى قبو اعتقل فيه عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين، وقمعهم بلا رحمة وحبس حرية التعبير والرأي، وأبرزت بين المعتقلين حالة هشام قاسم، الناشط المعروف والداعي للديمقراطية والمعارض والناشر السابق الذي اعتقله السيسي.
وقالت: إن “هشام قاسم، الصحفي المستقل، حكم عليه بالسجن 6 أشهر، بتهمة السب والقذف ضد وزير سابق ولأنه هاجم كلاميا ضباطا في مركز شرطة، ولأنه أيضا انتقد السيسي وحكمه العسكري، في وقت تواجه مصر أزمة اقتصادية عميقة”.
وأضافت أن القضية جزءا من الهجوم الواسع المستمر على المجتمع المدني في مصر، المستمر منذ عقد من الزمان، والذي يشمل استخدام الاعتقال قبل المحاكمة للمحتجين والصحافيين والمعارضين لفترات طويلة بدون توجيه اتهامات رسمية.
تبييض صفحته
وأشارت واشنطن بوست إلى أن السيسي يترأس نظام تناوب في انتهاكات حقوق الإنسان، حيث يفرج عن المعتقلين ثم يعتقلون مرة ثانية، وحاول أيضا تبييض قمعه المتواصل بالإعلان عن “الحوار الوطني” مع المعارضة والناشطين، ولكن لم تُناقش فيه قضية حقوق الإنسان.
وعن منع 320 مليون دولار من المساعدات الخارجية الأمريكية إلى مصر، لفتت الصحيفة إلى القانون الذي اشترط تحسين سجل حقوق الإنسان، وفرض معايير لحماية حرية التعبير والمشاركة والتجمع السلمي والسماح للإعلام الحر ومنظمات العمل المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان بالعمل بدون تدخل، والإفراج عن المعتقلين السياسيين ومنح السجناء محاكمة قانونية..
تعهد البيت الأبيض
ورأت الافتتاحية أنه رغم إعلان إدارة بايدن في 14 سبتمبر، إنها ستسمح لمصر بالحصول على 235 مليون دولار من المساعدات المشروطة، بعدما علقت مبلغ 85 مليون دولار فقط، إلا أن إعلان كاردين وجريجوري ميكس (الديمقراطي عن نيوجيرسي) يعلق فعليا 320 مليون دولار من المساعدات لمصر، وأن مجموع المعلقات في كل عام 1.3 مليار دولار، تصل للقاهرة وهي واحدة من أكبر المتلقين للدعم الأمريكي الخارجي.
وأشارت إلى أن تعهدات السناتور كاردين ارتبطت في وقت اتُهمت مصر بخطط فساد جريئة في الولايات المتحدة، فقد تولى كاردين رئاسة لجنة الشؤون الخارجية بعد استقالة السناتور الديمقراطي بوب ميننديز، في أعقاب توجيه اتهامات له بتلقي رشى.
وأشارت إلى لائحة الاتهامات إلى أن مصر حاولت الحصول على دعم ميننديز مقابل دفعات بمئات الآلاف من الدولارات على شكل شيكات ونقدا وسبائك من الذهب.
ونبهت إلى أن “ميننديز” وافق لقاء هذا على استخدام نفوذه للدفع بتمرير اللجنة للدعم العسكري من الولايات المتحدة إلى مصر، ويُزعم أن السناتور قد مرر معلومات حساسة جدا، حول تشكيلة طاقم السفارة الأمريكية في القاهرة، وكذا معلومات عن قرارات بيع الأسلحة الأمريكية لمصر، كما كتب وحرر رسالة نيابة عن مصر لإقناع أعضاء مجلس الشيوخ للإفراج عن 300 مليون دولار.
وقالت: إن “الاتهامات توصف بأنها محاولة مصرية لإفساد العملية التشريعية في الولايات المتحدة، وهي إهانة لدافعي الضرائب الأمريكيين”.
وختم المقال بأن الأحداث تستدعي محاسبة المسؤولين المتورطين في الصفقات القذرة المزعومة، وتقديم جردة حساب مفصلة للولايات المتحدة، وكل هذا ليس مبررا للإفراج عن الأموال التي جمدها كاردين، فقد انتهك قادة مصر حقوق شعبهم لوقت طويل، وأرهبوا المعارضة وهاجموا الإعلام المستقل.
