قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن سلطات الانقلاب صعدت من قمعها للمعارضة ضد المعارضين السياسيين والمحتجين السلميين وغيرهم من المنتقدين قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في الفترة ما بين 10 و12 ديسمبر، وسط أزمة مالية واقتصادية متصاعدة، مع منع مرشحي المعارضة الحقيقيين من الترشح.
ومنذ 1 أكتوبر، اعتقلت سلطات الانقلاب واستجوبت ما لا يقل عن 196 شخصا بسبب مشاركتهم في احتجاجات غير مصرح بها، وكذلك بناء على مزاعم بالانخراط في أنشطة تتعلق بالإرهاب ونشر “أخبار كاذبة”. كما أنها تحاكم السياسي المصري المعارض والمرشح الرئاسي السابق أحمد الطنطاوي وأعضاء حملته الانتخابية انتقاما منهم لممارستهم حقوقهم في المشاركة السياسية وحرية التعبير وتكوين الجمعيات. ومن المقرر عقد الجلسة التالية في القضية في 28 نوفمبر.
وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، “ومرة أخرى، تكشف السلطات المصرية عن عدم تسامحها المطلق حتى مع أضعف همس المعارضة، إن المتورطين في شبكة القمع الخانقة ليسوا فقط الأفراد الذين يجرؤون على تصور مستقبل سياسي بديل، بل أيضا أولئك الذين انحرفوا عن الخطاب المدعوم من الدولة ومناطق الاحتجاج المحددة، بتعبيرهم السلمي عن التضامن المؤيد للفلسطينيين”.
وأضاف لوثر “يجب على السلطات المصرية أن تضع حدا لحملتها المشينة من القمع ضد المعارضة، وأن تفرج فورا عن جميع الذين اعتقلوا تعسفا لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. وقبل الانتخابات الرئاسية التي ستجرى الشهر المقبل، من الأهمية بمكان رفع القيود الشاملة المفروضة على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، والتجمع السلمي”.
قمع أنصار المرشح الرئاسي السابق
وفي 7 نوفمبر، بدأت محاكمة جنائية ضد أحمد الطنطاوي، ومدير حملته محمد أبو الديار، و21 من أنصاره، فيما يتعلق بمحاولته الفاشلة لجمع ما يكفي من التأييد الشعبي للترشح للانتخابات الرئاسية.
يواجه أحمد الطنطاوي ومحمد أبو الديار تهما بموجب القانون رقم 45 لعام 2014، الذي ينظم ممارسة الحقوق السياسية. وهم متهمون بالتآمر وتحريض الآخرين على نشر مواد متعلقة بالانتخابات دون تصريح. أما المتهمون الباقون فهم متهمون بطباعة وتوزيع هذه المواد. وتنبع هذه الاتهامات من الدعوات التي وجهها حملة أحمد الطنطاوي في 8 أكتوبر لحث المؤيدين على ملء استمارات التأييد عبر الإنترنت. وواجه أولئك الذين حاولوا تسجيل تصديقات له في مكاتب كاتب العدل العام عقبات وترهيب.
في حالة إدانتهم، يواجه المتهمون أحكاما بالسجن لمدة عام و/أو غرامات، فضلا عن منعهم من السعي للحصول على منصب سياسي لمدة خمس سنوات. ولا يزال أحمد الطنطاوي ومدير حملته مطلقي السراح، بينما يقبع المتهمون ال 21 الآخرون رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة.
وتأتي المحاكمة على خلفية أشهر من المضايقات والترهيب لحملة الطنطاوي وأقاربه وأنصاره. وفي 13 أكتوبر، أعلن عجزه عن حشد ما يكفي من التأييد بسبب العراقيل المؤسسية، وهي ادعاءات رفضتها الهيئة الوطنية للانتخابات. وبعد أسبوع، في 21 أكتوبر، نشر أسماء 137 عضوا في حملته قال إنهم ما زالوا محتجزين تعسفيا.
في سبتمبر، أكد سيتيزن لاب أن هاتف الطنطاوي مصاب ببرنامج تجسس بريداتور، وقيم “بثقة عالية” تورط حكومة السيسي.
قمع الاحتجاجات السلمية
بين 20 و29 أكتوبر، اعتقلت قوات أمن الانقلاب تعسفا عشرات الأشخاص، من بينهم أطفال، فيما يتصل باحتجاجات التضامن مع فلسطين في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والدقهلية.
على الرغم من أن الاحتجاجات الجماهيرية المنسقة المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء مصر قد حظيت في البداية بتأييد الأحزاب السياسية الموالية لحكومة السيسي وغيرها من الجهات الفاعلة في مناطق محددة، إلا أن قوات أمن الانقلاب لجأت إلى تكتيكاتها المتقنة المتمثلة في قمع الاحتجاجات السلمية بعنف عندما يتم انتقاد السيسي والمطالبة بالحرية أو العدالة الاجتماعية أو عندما تندلع احتجاجات عفوية خارج المناطق المحددة.
وفي 20 أكتوبر، قبض على معظمهم بالقرب من ميدان التحرير الشهير، بعد أن طوقت قوات أمن الانقلاب المنطقة وأمرت الحشود بالتفرق، وسط مشاهد فوضوية لرجال يرتدون ملابس مدنية يضربون المحتجين بالهراوات والعصي. وفي 27 أكتوبر، وبعد صلاة الجمعة في الجامع الأزهر، قام رجال يرتدون ملابس مدنية بضرب المحتجين بعد أن رفضوا الانصياع لأوامر قوات الأمن بالتفرق.
وفي 21 أكتوبر، اعتقلت قوات أمن السيسي أيضا أربعة آخرين من منازلهم في القاهرة والجيزة، بعد أن نشروا مقاطع فيديو للاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي. وكان علي محمد علي أبو المجد، وهو طالب جامعي، من بين الذين اعتقلوا من منزله في الجيزة واختفى قسرا لمدة أسبوع قبل استجوابه من قبل نيابة أمن الدولة العليا. لا يزال علي محمد علي أبو المجد وما لا يقل عن 56 متظاهرا آخرين رهن الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيقات في تهم تتعلق بالإرهاب، والمشاركة في تجمعات غير مصرح بها تضر بالأمن القومي والنظام العام، والتخريب، وفقا لمنظمات حقوقية مصرية. ولا يزال ما لا يقل عن ستة آخرين مختفين قسرا.
احتجز المتظاهرون الذين تعرضوا للاختفاء القسري في معسكرات قوات الأمن المركزي (شرطة مكافحة الشغب) أو في مقر الأمن الوطني لمدة تصل إلى سبعة أيام.
وفي 15 أكتوبر، فرقت سلطات الانقلاب بعنف تجمعا سلميا للمعلمين أمام وزارة التربية والتعليم احتجاجا على استبعادهم من التعيينات، في أعقاب فرض شروط جديدة على المرشحين للوظائف في الخدمة المدنية لحضور دورة مدتها ستة أشهر في الأكاديمية الحربية، والتي قال الحاضرون إنها تضمنت دروسا في “الأمن القومي” واختبارات بدنية. واشتكى بعض المرشحين من استبعادهن لأسباب أمنية أو لكونهن حوامل أو زائدات الوزن. وقبض على 14 معلما فيما يتصل بالاحتجاجات، وما زالوا محتجزين تعسفيا على ذمة التحقيقات في تهم الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر “أخبار كاذبة”، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي حادث منفصل وقع في 23 أكتوبر، أطلق جيش السيسي الذخيرة الحية بشكل غير قانوني لتفريق مئات المحتجين السلميين الذين نظموا اعتصامات في رفح مطالبين بالسماح لهم بالعودة إلى مدنهم وقراهم في شمال سيناء، حيث نزحوا قسرا منذ عام 2014 بسبب العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة. وفقا لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، وهي منظمة حقوقية، أمرت محكمة الإسماعيلية العسكرية بالحبس الاحتياطي على ذمة التحقيقات مع 47 شخصا على الأقل اعتقلوا تعسفا على صلة بالاحتجاجات.
https://www.amnesty.org/en/latest/news/2023/11/egypt-authorities-step-up-repression-ahead-of-presidential-elections/
