أثار قرار حكومة الاحتلال الصهيوني بفرض قيود على دخول المصلين من الداخل الفلسطيني والقدس المحتلة إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وقصر دخول المسجد على فئات عمرية محددة ردود فعل غاضبة في الأراضي المحتلة وفي العالم كله، لكن لم يتجرأ واحد من الحكام الخونة على إدانة القرار الإرهابي الذي يتبناه نتنياهو.
وجاءت موافقة نتنياهو خلافا لتوصية أجهزة الأمن الصهيونية، إذ لم يلق طلب ايتمار بن جفير وزير الأمن القومي الصهيوني قبولا لدى كل من الجيش وجهاز الأمن الداخلي الصهيوني (الشاباك) خوفا من التصعيد في كل من الضفة الغربية والقدس المحتلة وتأجيج الصدامات بين فلسطينيي الداخل وشرطة الاحتلال .
ورغم تحذير دان هاريل، نائب رئيس الأركان السابق في جيش الاحتلال الصهيوني من عواقب مثل هذه الخطوة، مؤكدا أنها غير ضرورية وحمقاء ولا معنى لها، متوقعا أن تتسبب في إشعال العالم الإسلامي بأكمله ضد الاحتلال ورغم وصف وسائل إعلام صهيونية القرار، بأنه أخطر قرار اتخذته حكومة نتنياهو منذ بداية الحرب على قطاع غزة، مؤكدة أن نتنياهو فاشل، وتحذيرها من أن رؤيته أوصلت إسرائيل إلى حافة الهاوية، إلا أن حكومة الاحتلال أكدت نيتها تنفيذ هذا القرار لمزيد من التضييق على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
كان مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قد أعلن في بيان له أنه تم التوصل بالفعل إلى قرار دون الكشف عن ماهيته، لكن مسؤولين صهاينة مطلعين على مداولات بين نتنياهو وايتمار بن غفير وزير الأمن القومي الصهيوني الذي قدم توصية بمنع المصلين من دخول الأقصى، قالوا إن القرار النهائي لن يتم اتخاذه إلا بعد أن تتلقى حكومة الاحتلال توصيات من الأجهزة الأمنية في الأيام المقبلة.
يشار إلى أن الاحتلال الصهيوني كان قد فرض منذ فترة طويلة قيودا على وصول الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة إلى المسجد الأقصى، ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة، فرضت قيودا إضافية على فلسطيني الداخل المحتل.
وبحسب مسؤولين صهاينة كانت هناك مطالب بأن يتم رفع هذه القيود خلال شهر رمضان، لكن الحديث الآن يدور حول زيادتها بدلاً من ذلك.
إرهاب نتنياهو
من جانبه حذر مرصد الأزهر من عواقب خطط نتنياهو التي تستهدف إشعال التوترات القائمة بالفعل في الضفة والقدس، وما يتبع ذلك من زيادة التوترات في المنطقة .
ودعا مرصد الأزهر في تقرير له، من يطلقون على أنفسهم أصدقاء إسرائيل إلى الضغط على نتنياهو، من أجل وضع حد لإرهابه السياسي الذي يطال الجميع ويهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط بالكامل بل العالم بأسره.
وقال: إن “الأنباء الواردة عن موافقة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو على مقترح وزير الأمن المتطرف، إيتمار بن غفير، بتقييد دخول فلسطينيي الداخل إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان إنما هو بمثابة برميل البارود الذي ترغب حكومة الاحتلال في إلقائه داخل أتون النار المشتعل بالفعل في الأراضي المحتلة والمنطقة بأسرها”.
وأكد المرصد أن الممارسات الإجرامية التي تنفذها سلطات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر في الضفة الغربية والقدس هي دليل آخر على نية نتنياهو لتهيئة الظروف لحرب طويلة المدى تمكنه من البقاء في منصبه، خصوصا مع تقارب نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت حديثا بينه وبين جانتس منافسه وخصمه على منصب رئاسة الوزراء.
طوفان الأقصى
وأشار إلى أن المجرم نتنياهو الراغب في الانتصار بأية وسيلة يتخذ من قرار تقييد الصلاة في المسجد الأقصى في رمضان وسيلة للرد على المقاومة الفلسطينية التي أطلقت على عمليتها في السابع من أكتوبر اسم “طوفان الأقصى” بعد تزايد الانتهاكات الصهيونية والاقتحامات للمسجد المبارك .
وشدد المرصد على أن هذا القرار جاء بعد إخفاق نتنياهو في حسم حربه على قطاع غزة للشهر الرابع على التوالي، وزيادة حالة العصيان بين صفوف جنوده، وارتفاع حالات الإعاقة النفسية والبدنية بينهم نتيجة الإصابات المباشرة؛ فضلًا عن اشتداد الرفض العالمي الشعبي لجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال، ودخول عدد من الدول على خط الادعاء القانوني ضد الكيان المحتل.
وأوضح أن قرار نتنياهو يكشف حالة الانقسام الداخلي الشديد، مشيرا إلى أنه سبق قراره تحذير صادر من جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) الذي أوصى بدخول المصلين دون قيود، خوفا من التصعيد في القدس الشرقية المحتلة.
حرب دينية
وقال محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية: إن “نتنياهو وبن جفير، قررا إشعال حرب دينية، محذرا من أن هذا الإجراء سوف يفجر الأوضاع بشكل لا يتوقعه أحد أو يمكن السيطرة عليه”.
واعتبر الهباش في تصريحات صحفية أن هذه الخطوة الصهيونية بمثابة إمعان في إشعال للحرب الدينية التي سوف تطال نيرانها العالم كله، وسوف يعاني الجميع من تداعياتها ونتائجها التي لا يمكن أن يتوقعها أحد أو يسلم منها أحد.
وحذر من أن حكومة الاحتلال الصهيوني تحاول بشتى الطرق والوسائل تنفيذ مخططاتها القديمة والجديدة ضد الحرم القدسي الشريف لتهويده وإفراغه من هويته الإسلامية والعربية الفلسطينية، مستغلة انشغال العالم هذه الأيام بحرب الإبادة التي تشنها على أهلنا بقطاع غزة لتنفيذ مؤامرة التهويد التي طالما حلمت بها منذ عقود .
حماية دولية
وحذرت الدكتورة هبة شكري باحثة في الشأن الإسرائيلي من تزايد خطر التصعيد في الأراضي الفلسطينية، في ظل إصرار الاحتلال الصهيوني على انتهاك كافة القوانين والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مشددة على ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وقالت هبة شكري في تصريحات صحفية: “رغم أن المطالبات بحماية الشعب الفلسطيني ليست جديدة، إذ تتكرر بين الحين والآخر مع تصاعد الانتهاكات الصهيوينة ضد الفلسطينيين، إلا أنها قد تحرك المنظمات الدولية المعنية، وتنجح في كشف الممارسات الصهيونية الخطيرة أمام المجتمع الدولي وما تقوم به إسرائيل من انتهاكات لكافة الأعراف والقوانين الدولية”.
واعتبرت أن المطالبات لمجلس الأمن للوقوف عند مسؤولياته لحماية المدنيين الفلسطينيين من العنف الصهيونى، حتى وإن لم تنجح في تحقيق تحرك حقيقي على الأرض بسبب إعاقة الفيتو الأمريكي لأي مشروع قرار، إلا أنها تكشف عن ازدواجية معايير مجلس الأمن في استصدار قراراته وما يتبعه من سياسة الكيل بمكيالين تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأكدت هبة شكري أنه أصبح لزاما على المجتمع الدولي التحرك وتحمُل المسئولية القانونية والإنسانية والأخلاقية في التصدي للجرائم والاعتداءات الغاشمة التي تقوم بها قوات الاحتلال، والعمل على الوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات في مدينة القدس .
وحذرت من عدم إدراك القوى الفاعلة على المستوى الدولي والإقليمي من أن استمرار التصعيد في الأراضي الفلسطينية في ظل انسداد أفق التسوية السلمية، قد يرفع مؤشر الخطر الذي يرجح احتمالات الانفجار في المستقبل القريب، بصورة قد يصعب مواجهتها أو السيطرة عليها، وهو ما يهدد ليس فقط استقرار وأمن إسرائيل والأراضي الفلسطينية، بل يهدد أمن واستقرار المنطقة ككل.
وطالبت هبة شكري بضرورة التحرك السريع لإجبار دولة الاحتلال على وقف انتهاكاتها المستمرة وسياساتها الاستيطانية التي تقف عائقا أمام كافة فرص السلام الممكنة.