القمامة والروائح الكريهة المنبعثة منها من أهم المشكلات التى تواجه محافظات الجمهورية خاصة المناطق الشعبية فى القاهرة الكبرى مثل إمبابة والمنيب وأرض اللواء وبولاق الدكرور، والمرج وعين شمس، والمطرية ومصر القديمة ودار السلام والسيدة عائشة حيث تعانى هذه الأحياء من روائح تشمئز منها الأنوف نتيجة انتشار تلال قمامة على جوانب الطرق، يرتع فيها الذباب والحشرات المختلفة.
أزمة انتشار القمامة تكشف عن فشل المحليات فى السيطرة على هذه المشكلة وإيجاد حلول فعالة لها .
يشار الى أن البيانات الرسمية تشير الى ان المتولد اليومى للمخلفات الصلبة من القمامة يبلغ 47 ألف طن على مستوى الجمهورية، ويبلغ نصيب محافظات القاهرة الكبرى وحدها حوالى 19.5 ألف طن منها.
ويتطلب التخلص من مشكلة القمامة وروائحها الكريهة، جهودًا مشتركة من حكومة الانقلاب والمجتمع المحلي، حيث يجب على سلطات الانقلاب توفير خطط لإدارة النفايات وتحسين البنية التحتية لجمع وتخزين القمامة، كما يجب تشجيع المواطنين على التخلص من القمامة بشكل صحيح والحد من إلقاء النفايات فى الأماكن غير المخصصة لذلك، بجانب توعية المجتمع المحلى بأهمية الحفاظ على نظافة البيئة وتبنى سلوكيات صحية فى التخلص من القمامة.
ومصر ليست الدولة الوحيدة التى تنتج كميات كبيرة من القمامة، لكن المشكلة فى كيفية التعامل معها، ففى أوربا تتم إعادة تدوير 40% من القمامة، أما فى مصر فوفقًا لآخر تقارير صادرة عن مجلس وزراء الانقلاب هناك 28 مصنعًا لإعادة التدوير، وجار العمل لزيادة العدد إلى 56 مصنعًا، فى حين يتم جمع أكثر من نصف نفايات محافظة القاهرة من قبل القطاع غير الرسمي، والذى يتكون من 50 ألف معالج نفايات و150 ألفًا من جامعى النفايات وفارزيها والتجار وسائقى شاحنات، وتتم إعادة تدوير نحو 80% من نفايات محافظة القاهرة، ومنها 290 ألف طن من البلاستيك سنويًا.
روائح كريهة
حول هذه الأزمة قال جمال حسانين من أهالى إمبابة: فى الصيف تزداد الروائح الكريهة التى تخرج من القمامة، مما يجعلنا نشعر بالانزعاج والضيق.
وأضاف : كثير من الناس يعانون من تأثيرات الصيف على صحتهم العامة، مشيرا الى أن أكوام القمامة الموجودة بالمنطقة عادة ما تكون سببا فى انتشار الأمراض بين المواطنين بسبب تكاثر الذباب والحشرات عليها.
واكدت نوال محمد من السيدة عائشة أن تلال القمامة المتواجدة فى الشوارع تؤذينا فى منازلنا، حيث تزكم أنوفنا فى كل وقت .
وقالت نوال محمد : عجزنا عن إيجاد حلول لهذه المشكلة، حتى انها لا تتركنا حينما نخرج من المنزل، حيث تلتصق الرائحة بالملابس التى يتم تجفيفها فى البلكونات.
تهديدات صحية
فى كثير من المناطق يتعرض السكان لتهديدات صحية خطيرة نتيجة لتكاثر الحشرات الضارة والزواحف، مما يؤدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة بشكل خطير، ويعانى من ذلك الجميع خاصة الأطفال وكبار السن والأشخاص ذوى المناعة الضعيفة.
هذه الظاهرة أثارت غضب المواطنين والخبراء الذين ينتقدون عجز أجهزة الانقلاب التنفيذية عن مواجهة هذه الأزمة بشكل فعال .
وطالبوا باتخاذ إجراءات عاجلة لتنظيف المناطق وإزالة تلال القمامة الضارة، بالإضافة إلى توفير حلول دائمة لهذه المشكلة والحفاظ على صحة وسلامة السكان، وذلك بإيجاد خطط واضحة وفعالة لإدارة النفايات وتحسين بيئة المجتمع .
وشدد الخبراء على ضرورة توعية الموطنين بأهمية التخلص من القمامة بشكل صحيح والحفاظ على نظافة الشوارع. مطالبين بضرورة تعزيز التشريعات وفرض عقوبات على من يلوث البيئة ويسهم فى تفاقم المشكلة، لضمان بيئة نظيفة وصحية للجميع.
الجهاز التنفسى
فى هذا السياق أكد الدكتور محمود عبدالمجيد، استشارى الأمراض الصدرية أن مشكلة تراكم القمامة فى الشوارع لا تقتصر فقط على المظهر الحضارى وإنما تنعكس آثارها على صحة المواطنين وحياتهم مشيرًا إلى أنّ التعرض لروائح القمامة خاصة مع فصل الصيف له تأثير ضار على صحة المواطنين .
وقال عبدالمجيد فى تصريحات صحفية : مع ارتفاع درجات الحرارة تتعرض القمامة الملقاه فى الشوارع لعملية تفاعل ينجم عنه غازات وروائح كريهة، مما يسبب تلوثًا بيئيًا ويؤثر سلبًا على الجهاز التنفسى.
وأضاف أن هذه الروائح تصيب المواطنين بالعديد من الأمراض مثل: الانسداد الرئوى المزمن، الذى يمكن أن يؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، وأعراضه هي: صعوبة فى التنفس، سعال مستمر، إفرازات رغوية، التعب الشديد، وارتفاع درجة الحرارة، كما يمكن أن يصاحب هذه الأعراض صوت مزعج عند التنفس وصعوبة فى ممارسة الحركة .
وحذر عبدالمجيد من هذا المرض لأنه قد يؤدى إلى التهابات فى المجارى التنفسية وتفاقم حالة المريض مؤكدا أن استمرار التعرض لهذه الروائح الكريهة قد يؤدى فى حالات متقدمة إلى فشل فى وظائف الجهاز التنفسى.
وشدد على ضرورة الحرص على الوقاية من تلوث البيئة والحفاظ على نظافتها للحفاظ على صحة الأفراد والمجتمع بشكل عام محملا مسئولية هذه الأزمة لمحليات الانقلاب التى ينتشر فيه الفساد ولا تقوم بدورها وتكتفى بالشكليات .
صعوبة العلاج
وقالت الخبير القانونية إنجى محمد ، إنّ القانون رقم 202 لسنة 2020 لتنظيم وإدارة المخلفات والتى اصدرته حكومة الانقلاب حذر من إلقاء المخلفات والقمامة فى غير أماكنها، ووضع عقوبات رادعة لمن يخالف أحكامه .
وأشارت إنجى محمد فى تصريحات صحفية الى ان القانون نص فى المادة 71 على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه كل من ألقى أو تخلص من المخلفات غير الخطرة فى غير المواقع أو الأماكن المخصصة لذلك، وفى حالة العود تكون العقوبة الحبس والغرامة معًا.
وأعربت عن اسفها لأن هذا القانون لا يطبق وتتجاهله المحليات وكأنه صدر فى دولة آخرى لأن مشكلة القمامة يبدو أنه أصبح من الصعب علاجها فى زمن عصابة العسكر .