عادت إلى ذاكرة الليبيين خلال الأيام الماضية كارثة الفيضانات المدمّرة التي ضربت مدينة درنة في سبتمبر من العام الماضي (2023)، وأودت بحياة آلاف الأشخاص ودمّرت البنية التحتية، بعدما اجتاح إعصار “دانيال” عدة مناطق شرق ليبيا، أبرزها مدن بنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، بالإضافة إلى درنة التي كانت المتضرر الأكبر، إذ انهار أحد أكبر سدودها، مخلفا آلاف القتلى والمفقودين إلى جانب أضرار مادية كبيرة.
وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ، صباح الجمعة، وفاة 3 أطفال في تهالة جراء السيول، التي اجتاحت عدة مدن في الجنوب الليبي، غامرة أحياء برمتها في حين تستمر الجهود لإنقاذ باقي العالقين.
ففي منطقة تهالا القريبة من الحدود الليبية الجزائرية، غمرت المياه خلال الساعات الماضية شوارع وأغرقت مزارع.
أوضح عميد البلدية أحمد كليكلي في تصريحات صحفية، أن مياه الأمطار غمرت أحياء البلدية بالكامل، مشيرا إلى الحاجة لأغطية وخيام في أقرب وقت ممكن.
إلى ذلك، أفاد شهود عيان بانقطاع الاتصالات في مناطق العوينيات وتهالة وبركت وغات، فضلا عن انهيار طريق التوم الحدودي بين مدينة القطرون و تشاد و النيجر.
إعلان تهالة بلدية منكوبة
وقال المجلس البلدي في تهالة: إن “السيول اجتاحت جميع مناطق البلدية، معلنا أنها بلدية منكوبة”.
ووجه المجلس، في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، نداء استغاثة إلى جميع المؤسسات والمنظمات والجمعيات الإنسانية، من أجل مد يد العون والمساهمة في جهود الإنقاذ بالبلدية، مشيرا إلى استمرار اندفاع السيل وسط انقطاع كامل للكهرباء وشبكات الاتصال والإنترنت، حسب بيان على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
انهيار منازل في القطرون
أكد عميد المجلس البلدي في القطرون عمر محمد عمورة تشكيل فريق طوارئ، يقوم بتقييم الأضرار التي خلفتها السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلدية الواقعة في جنوب غرب ليبيا اليوم الأربعاء.
وقال عمورة: إن «أمطارا غزيرة هطلت على منطقة القطرون، لكن حتى الآن لم تصل أي حالة إلى مستشفى القطرون، فيما يقوم فريق الطوارئ المكلف من البلدية بتقييم الأضرار في هذه الأثناء».
وتسببت السيول في انهيار عدد من المنازل في بلدية القطرون التي تشهد موجة من الطقس السيئ تجتاح مناطق جنوب ليبيا هذا الأسبوع، والتي بدأت بمناطق الكفرة والجنوب الشرقي خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ، الأربعاء الماضي، حالة الطوارئ في جميع فروعه ومكاتبه بالمنطقة الجنوبية.
ووجه وزير الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية بدر الدين التومي بتشكيل لجنة فرعية للطوارئ والاستجابة السريعة برئاسة عميد المجلس البلدي العوينات، وعضوية عمداء المجالس البلدية غات وبركت وتهالة.
كارثة إعصار درنة
وفي سبتمبر الماضي، دمرت العاصفة المتوسطية «دانيال» مساحات شاسعة من مدينة درنة بعد ما أدى الهطول الغزير للأمطار المصاحبة للعاصفة دانيال لانهيار سدين قديمين، مما تسبب في فيضانات أغرقت مناطق بأكملها في البحر المتوسط.
وجاء في تقرير صادر عن البنك الدولي أن السيول الجارفة التي شهدتها ليبيا في سبتمبر الماضي شكلت كارثة مناخية وبيئية تتطلب 1.8 مليار دولار لإعادة الإعمار والتعافي، إذ ألحقت أضرارا بنحو 1.5 مليون شخص أو 22% من سكان ليبيا، وأشار إلى بيانات لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، تفيد بوفاة 4352 شخصا فيما لا يزال ثمانية آلاف في عداد المفقودين.