تصاعدت حدة الاضرابات عن العمل فى الشركات والمصانع المصرية احتجاجًا على تدنى الأجور وعدم حصول العمال على حقوقهم رغم زيادة ساعات العمل وعدم الحصول على النسبة المقررة سنويًا فى الأرباح بالإضافة إلى أوضاع العمل المأساوية.
فى المقابل تتجاهل حكومة الانقلاب هذه الإضرابات وتتآمر مع رجال الأعمال وأصحاب المصانع ضد العمال وتقوم ميلشيات أمن الانقلاب بتهديد العمال وترويعهم إذا لم يفضوا اضراباتهم دون الحصول على حقوقهم.
شركة “تي آند سي”
فى هذا السياق قرر عمال شركة “تي آند سي” لصناعة الملابس، تصعيد احتجاجاتهم، بعد الإعلان عن إضراب عن العمل، بسبب رفض الإدارة زيادة رواتبهم وتحسين الظروف المعيشية.
وأعلن عمال الشركة وعددهم قرابة الـ7 آلاف عامل الدخول في إضراب مفتوح عن العمل، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتوفير وسائل نقل مناسبة لهم، ورفع قيمة الوجبة اليومية وصرفها طوال العام، وعدم وقفها خلال شهر رمضان.
وكان العمال قد نظموا في 5 ديسمبر 2024، وقفة احتجاجية لتلبية مطالبهم، بصرف بدل نقدي لرصيد الإجازات السنوية، بعد قيام الشركة بخصم أيام الرصيد، والإجازات الرسمية التي عملوا خلالها ولم يتم احتسابها.
يشار إلى أن الشركة عبارة عن مجموعة صناعة ملابس بشراكة بين “طلبة المصرية” و”تاي التركية”، وتتكون من مصنع يحتوي على 30 خط إنتاج، وتصاعدت الاحتجاجات بعد حديث العمال عن تجاهل الإدارة لمطلبهم بعقد جلسة تفاوض حول الزيادة السنوية، والتهديد بفصل عمال بدلا من حل المشكلات.
إضراب مفتوح
حول الأزمة قالت دار الخدمات النقابية والعمالية إن عمال تي أند سي للملابس بالمنطقة الصناعية في العبور دخلوا في إضراب مفتوح عن العمل، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وإيقاف الاستقطاعات التي تتجاوز 20% من رواتبهم. مشيرة إلى أنه في تطور مقلق، قامت إدارة المصنع باحتجاز أحد العمال وهددت بتسليمه إلى قوات أمن الانقلاب المنتشرة حول الموقع.
فى المقابل أكد العمال أن إضرابهم سيستمر حتى يتم تلبية مطالبهم، والتي تشمل زيادة الأجور بنسبة لا تقل عن 50%، بما يتماشى مع الحد الأدنى للأجور المحددة بـ6000 جنيه، مع مراعاة التدرج الوظيفي وسنوات الخبرة.
وذكرت دار الخدمات في بيان لها، أن العمال طالبوا بتوفير وسائل نقل مناسبة دون خصم تكلفتها من رواتبهم، حيث تقوم الإدارة حاليًا بخصم 1000 جنيه شهريًا من أجورهم مقابل النقل، رغم بعد المصنع عن مناطق سكن العمال في المنطقة الصناعية بالعبور.
وأشارت إلى أن من بين المطالب الأخرى للعمال: رفع قيمة الوجبة اليومية إلى 1200 جنيه بدلًا من 600 جنيه، مع ضمان صرفها على مدار العام دون انقطاع خلال العطلات أو شهر رمضان، خاصة في ظل وجود فترات عمل إضافية. وتحسين ظروف العمل في المغسلة التي تعمل على مدار ورديتين، كل وردية تستمر لمدة 12 ساعة.
نقابة عمالية
وقالت دار الخدامت إن إدارة المصنع تجاهلت مطالب العمال في البداية، وطالبتهم بالعودة إلى العمل دون فتح أي قنوات للتفاوض. إلا أنها أعلنت لاحقًا أنها ستتخذ قرارًا بشأن مسألة الزيادة، مع التأكيد على أن أيام الإضراب لن تكون مدفوعة الأجر بأي حال من الأحوال.
وقًال شهود عيان من داخل المصنع، إن الإدارة قامت باحتجاز أحد العمال وحاولت تسليمه إلى قوات أمن الانقلاب، إلا أن العمال رفضوا مغادرة المصنع حتى يتم الإفراج عن زميلهم. كما واصلت الإدارة تهديد العمال بالفصل أو الاعتقال في حال استمرارهم في الإضراب.
وأكدوا أن متوسط أجور العمال في المصنع حوالي 4500 جنيه شهريًا، وذلك في ظل أزمة اقتصادية خانقة. موضحين أن إدارة المصنع ترفض السماح بتأسيس أي نقابة عمالية، رغم أن عدد العمال يتجاوز 7000 عامل، وتلجأ إلى تهديدهم بالفصل في حال محاولتهم تنظيم أنفسهم.
سيراميكا إينوفا
من جهة آخرى واصل نحو أربعة آلاف عامل بمصنع سيراميكا إينوفا (الفراعنة سابقًا) بالفيوم، إضرابًا عن العمل للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وصرف رواتبهم المتأخرة منذ شهرين، وتوفير وسائل مواصلات تُقلهم من ضواحي ومراكز الفيوم إلى المصنع، بالإضافة إلى عدم خصم أجر أيام الإجازات الإجبارية التي يمنحها المصنع للعمال.
وقال العمال إن جميع خطوط الإنتاج بالمصنع، البالغة 22 خطًا توقفت، مشيرين إلى أنهم قطعوا الطريق أمام المصنع، لدقائق معدودة.
وأضاف العمال: «كنا واقفين محدش سأل فينا.. بعد قطع الطريق الدنيا اتقلبت”، مؤكدين حضور «ناس من أمن الانقلاب» و«ناس من المحافظة» عقدوا جلسة تفاوض مع إدارة المصنع، كانت نتيجتها وعود من المصنع بصرف الرواتب، وهو ما رفضه العمال وصاغوا منشورًا جماعيًا بكامل مطالبهم لعرضها على إدارة المصنع، وانتهت المفاوضات إلى اصطحاب عشرة ممثلين للعمال للقاء محافظ الفيوم، لبحث مطالب العمال.
تعديل الرواتب
وقال أحد العمال إنهم طالبوا الإدارة كثيرًا بتعديل رواتبهم لكنها كانت دائمًا تماطل، متسائلا: “الأسعار في ارتفاع شديد كل يوم، مين في البلد يقدر يعيش بـ4 آلاف جنيه أكل وشرب ومصاريف مدارس لأولاده في الغلا ده، ده غير مواصلاتنا رايح جاي للشغل واللي بقت على حسابنا من وقت ما منعت الشركة الأوتوبيسات من شهر 8 اللي فات”.
وحسب العاملين، تعرض المئات من عمال سيراميكا إينوفا للتسريح خلال عام 2024، وأغلقت الكثير من خطوط الشركة، جراء الأزمات المالية التي لاحقت الشركة.
وأكدوا أن الفئة الأكبر من عمال المصنع تتراوح أجورهم الشاملة ما بين 3700 و4500 جنيه، بينما يصل متوسط أجور عدد قليل من العمال، الذين يعملون منذ أكثر من 20 عامًا، إلى خمسة آلاف جنيه. بجانب ضعف أجور العمال، أوقفت إدارة المصنع، منذ أغسطس الماضي، حركة الأتوبيسات التي تنقل العمال من ضواحي ومراكز الفيوم إلى المصنع.
وقال العمال أن إدارة المصنع طلبت منهم حينها تدوين مصروفات المواصلات حتى يتم ردها لهم، لكن منذ سبتمبر الماضي لم يتلق العمال أي مقابل للمواصلات بالإضافة إلى ذلك، يعطي المصنع العمال إجازات إجبارية، تُخصم من رصيد الإجازات أو الأجر، بالإضافة إلى تأخر صرف الرواتب باستمرار.
وقفة احتجاجية
وقال العمال إنهم سبق أن نظموا، في يناير من العام الماضي، إضرابًا للمطالبة بزيادة أجورهم التي كان تبلغ ثلاثة آلاف جنيه في المتوسط، بما يقل عن الحد الأدنى للأجور حينها (3500 جنيه)، واستجابت الإدارة لمطالبهم «وكل واحد زاد.. من 900 إلى 1000 جنيه». وفي ديسمبر الماضي، نظم العمال وقفة احتجاجية بنفس مطالب الإضراب الحالي، قبل أن يتلقوا وعودًا من الإدارة بتنفيذ مطالبهم، وهو ما لم يتحقق، ما دفعهم إلى الإضراب عن العمل.
وكشفوا أن «الإدارة قالتنا في ديسمبر الماضي.. اقفوا جنب مصنعكم لأنه متعثر»، متسائلين : «عايزين نعرف إزاي المصنع بيطلّع إنتاج ومتعثر؟”.