تعيش منطقة العتبة حالة من الفوضى لم تشهدها عبر تاريخها إلا فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبد الفتاح السيسي ما تسبب فى تشويه تاريخها الحضارى ومعالمها الجمالية كوجهة سياحية وتجارية متميزة.
العتبة تحولت إلى ساحة عشوائية حيث يحتل الباعة الجائلون الشوارع والأرصفة فى انتهاك صارخ للقانون، ما يتسبب فى تعطيل حركة المرور ويعرقل وصول سيارات الطوارئ فى حالات الأزمات، مما يعرض حياة المواطنين للخطر.
الوضع فى العتبة يزداد تفاقماً بسبب غياب الرقابة وتجاهل محليات الانقلاب للأزمة، ولذلك يعانى المواطنون من انتشار المخلفات، وحركة المرور المزدحمة، وتهديدات الباعة الجائلين، ورغم الشكاوى التى تقدم بها أهالى المنطقة لحى الموسكى إلا أنه لا توجد أى استجابة بل هناك تساهل وتواطؤ مع المخالفات مقابل مصالح شخصية، مما يزيد من حجم المعاناة ويفتح الباب أمام المزيد من الفوضى.
كابوس مستمر
من جانبه كشف سمير سيد، 45 عامًا، أحد سكان العتبة، عن معاناته اليومية، متهمًا موظفى حى الموسكى بالتقصير الشديد فى أداء واجبهم، ما أسهم فى تفاقم الأزمة وتحويل حياتهم إلى كابوس مستمر.
وقال سيد: حى الموسكى لا يتخذ أى إجراءات جدية تجاه هذه الكارثة، الباعة الجائلون يحتلون الأرصفة والطرقات، يتركون خلفهم كميات هائلة من المخلفات يوميًا، ومع ذلك، يتعامل موظفو الحى مع الوضع وكأنه أمر طبيعى، أين الرقابة؟ وأين تطبيق القانون؟ نحن نشعر أن المنطقة تركت للفوضى والعشوائية.
وأشار إلى أن عمليات التنظيف التى يقوم بها حى الموسكى، مثل الكنس ورش ميدان العتبة أمام مبنى البريد ومبنى المطافئ، ليست سوى محاولات شكلية لا تعالج أصل المشكلة، متسائلا ما فائدة تنظيف الميدان إذا عاد الباعة فى نفس اللحظة لاحتلاله وتركوا المزيد من المخلفات؟.
وأكد سيد أن بعض موظفى الحى متورطون فى التغاضى عن مخالفات الباعة الجائلين مقابل مصالح شخصية، قائلاً هناك تساؤلات كثيرة بين الأهالى عن استمرار هذه الفوضى، رغم الشكاوى ، دون رد واضح أو استجابة فورية نحن نعتقد أن هناك من يغض الطرف عن هذه التجاوزات عمدًا، إما بسبب الإهمال أو بسبب وجود مصالح شخصية.
ساحة غير منظمة
وأكدت نرمين السيد، موظفة، 52 عامًا، أن منطقة العتبة، تحولت إلى منطقة احتلال غير قانونى من قبل الباعة الجائلين، لافتة إلى أن ميدان العتبة يجب أن يخصص للمواطنين، لكنه أصبح محتلًا من الباعة الجائلين الذين يسيطرون على الأرصفة ، لدرجة أن المواطن لم يعد يستطيع السير على الرصيف ويضطرً للمشى وسط الطريق بين السيارات.
وقالت «نرمين السيد»: العتبة تحولت إلى ساحة غير منظمة، وأصبح من المستحيل القيام بجولة بسيطة فى هذا الميدان، حيث يزحف الباعة الجائلون على كل متر من الأرصفة، ومن يعترض على هذا الوضع يتعرض للاعتداء من هؤلاء الباعة.
وأشارت إلى أن هذه الفوضى ناتجة عن إهمال واضح من حى الموسكى وموظفى إدارة الإشغالات الذين يلتزمون الصمت تجاه ما يحدث، مستبعدة أن يحدث كل هذا دون موافقة رئيس حى الموسكى وموظفى الإشغالات على استمرار هذه الفوضى والتخاذل فى تطبيق القانون.
حى الموسكى
وأعرب أحمد فؤاد، أحد سكان حى الموسكى، عن استيائه مشيرًا إلى أن السايس لم يكتفِ بممارسة دوره المعتاد، بل أصبح يسيطر على الأرصفة التى لا يلتحق بها البائعون الجاهلون، والمواطنون أصبحوا مضطرين للسير فى وسط الطريق بين السيارات، وهو ما يعرضهم للخطر يوميًا.
وقال «فؤاد»: “الأسوأ من ذلك هو عدم تحرك حى الموسكى أو أى من مسئولي الانقلاب لحل هذه الأزمة، وهكذا أصبحت الأرصفة الوسطى تحت سيطرة السايس.”
وأضاف أن الوضع أصبح غير قابل للتحمل، مشيرًا إلى أن السايس لا يقتصر دوره على ترتيب السيارات فقط، بل يتحكم فى الأرصفة ويجبر المواطنين على السير وسط الطريق، وإذا حاول أحدهم الاعتراض، يتم تهديده أو الاعتداء عليه من قبل السايس والأشخاص العاملين معه.
وأكد «فؤاد» أن حى الموسكى لا يتخذ أى إجراءات قانونية أو رقابية للحد من هذه الفوضى، رغم أن الوضع يتسبب فى مشاكل يومية للمواطنين مشيرا إلى أن العتبة تعانى من فوضى مزمنة بسبب ضعف الرقابة وغياب الإجراءات الصارمة من حى الموسكى، والوضع يزداد سوءًا ، حيث لم تتم معالجة هذه الظاهرة رغم شكاوى المواطنين.
أسواق عشوائية
وأعرب الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية عن استيائه البالغ من تجاهل ملف الباعة الجائلين وانتشار الأسواق العشوائية فى منطقة العتبة، التى تعد أحد أهم معالم وسط القاهرة، محذراً من أن هذا الإهمال يضر بسمعة مصر السياحية، خصوصاً وأن العتبة مقصد للسياح العرب والأجانب.
وأكد «عرفة» فى تصريحات صحفية أن وجود الباعة الجائلين بهذه الصورة المخالفة يعد انتهاكاً صريحاً للقانون، مشيرا إلى إن 96٪ منهم لا يحملون أى تراخيص رسمية، مما أدى إلى احتلال الأرصفة والطرقات وتعطيل الحركة المرورية، وشدد على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة لإعادة الانضباط لهذه المناطق الحيوية، التى يجب أن تكون نموذجاً للحضارة والتنظيم.
وطالب بالتنسيق مع القطاع الخاص لدمج هؤلاء الباعة فى المشروعات الصغيرة، بما يسهم فى تقليل معدلات البطالة وتعزيز الاقتصاد موضحًا أن الحل الأمثل يكمن فى تطبيق قانون الباعة الجائلين بصرامة، مع توفير بدائل لهم من خلال إنشاء أسواق منظمة أو أكشاك مرخصة تضمن توفير مصادر دخل قانونية ومستدامة.
وشدد «عرفة» على أن الأزمة تتطلب تحركاً سريعاً من الأجهزة المعنية، بدءاً من حى الموسكى حتى وزارة التنمية المحلية بحكومة الانقلاب محذرًا من أن إهمال هذا الملف لا يهدد فقط المشهد الحضارى، بل يفتح المجال أمام المزيد من العشوائية التى تعوق تحقيق التنمية المستدامة.