صحيفة فرنسية: آلاف عائلات المستوطنين يهربون بشكل غير مسبوق بعد حرب غزة

- ‎فيتقارير

أكدت صحيفة “lemonde” الفرنسية أن آلاف المستوطنين يغادرون وفي بعض الأحيان عائلات بأكملها تهرب من “إسرائيل” للاستقرار في الخارج.

 

وأشارت الصحيفة الفرنسية أن ذلك يرجع لعدة أسباب تشمل “انعدام الأمن والحرب في غزة، ولكن أيضاً سياسات حكومة بنيامين نتنياهو وثقل الدين في “إسرائيل”.

لافتة إلى أن “مع مرور الأشهر، بعد بدء الحرب في غزة ثم في لبنان، أصبح هذا الاتجاه أكثر وضوحاً”.

 

وحذرت من أنه “إذا لم يتغيّر شيء في الانتخابات المقبلة، فسيكون هناك المزيد من المستوطنين الذين يغادرون”.

 

واستقت الصحيفة أن هذه التحذيرات، اعتمدت على مصادر حيثة حيث نقلت عن إيلان ريفيفو، الذي يملك شركة “يونيفرس ترانزيت” المتخصصة في مساعدة اليهود على الاستقرار في “إسرائيل”، وخاصة من فرنسا، إنّ “ما يحدث هو العكس”، على نحو “لم يشاهد شيئاً مثله على الإطلاق خلال ثلاثين عاماً من مسيرته المهنية”.

 

وقال “ريفيفو”: “ما يحدث هو أنّ “عائلات بأكملها تغادر إلى البرتغال أو قبرص أو اليونان، وهم يبيعون كل ممتلكاتهم، الأمر الذي يعدّ غير مسبوق”.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن الوضع الاقتصادي له تأثير في ذلك، ولكن انعدام الأمن والحرب في غزة وسياسات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمكانة المتعاظمة للدين في المجتمع؛ كلها عوامل جعلت هذا الاتجاه يتسارع.

 

الصحيفة استندت إلى قصة الموسيقي روي (34 عامًا) الذي لم يعد يرى مستقبلاً له في “إسرائيل” التي ولد فيها، رغم أنه منتج ومغنّ وعازف قيثارة ناجح.

 

وهذا الشاب -الذي لا يريد الكشف عن هويته- يستعد، وفقًا للصحيفة، للهجرة إلى إسبانيا مع زوجته، ويقول “نحن لا نصرخ من فوق أسطح المنازل، لأننا نخجل من المغادرة قبل أن تنتهي الحرب تمامًا، إنها لحظة معقدة. أنا أحب بلدي، لكني أرى أن سنوات مظلمة في انتظارنا”. ويضيف “لقد تجاوزت حكومة نتنياهو عتبات عدة تشكل خطرًا على الديمقراطية، وثمة تناقض بين القانون والدين، كما أن عدد المتطرفين ما فتئ يزداد”.

 

واتخذ ميكي (30 عامًا)  الخطوة بالفعل، وانتقل مؤخرًا مع زوجته وطفليه الصغيرين إلى بافوس، حيث أسس شركة للتجارة الإلكترونية في البلدة الواقعة على الساحل الغربي لقبرص، وهو لا يرغب في الكشف عن اسمه، كما تقول المراسلة.

 

وقال ميكي: “كان اتخاذ القرار صعبًا ولكن بين الصعوبات الاقتصادية المتزايدة في “إسرائيل” وانعدام الأمن، أدركنا أن علينا أن نرحل.. في كل مرة كنت أخرج مع أطفالي، كنت أحمل سلاحًا مثل كثير من المدنيين الإسرائيليين”.

 

الصحيفة الفرنسية لفتت إلى أن مدينة بافوس أصبحت وجهة جذابة بشكلٍ متزايد، كما تؤكد أليس شاني، وهي “إسرائيلية” تملك شركة عقارات أُسّست هناك منذ سنوات، وقالت في اتصال هاتفي “في العام الماضي وصلت 200 أسرة ولا يزال المزيد يصلون”، وأضافت “أتلقى كل يوم أسئلة عن المدارس والحياة اليومية. معظم الوافدين أعمارهم في الثلاثينيات ويعملون في مجال التكنولوجيا الفائقة”.

 

وبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء الصادرة في ديسمبر 2024، وصلت أعداد المغادرين إلى مستويات قياسية، إذ غادر البلاد 82 ألفا و700 إسرائيلي من دون أن تكون الحرب هي السبب. ويوضح إسحاق ساسون وهو أستاذ لعلم الاجتماع في جامعة تل أبيب أن 24 ألف إسرائيلي فقط عادوا في عام 2024 حسب التقرير، مما يعني أن هذه الفجوة “تمثل تغييرًا جذريًا مقارنة بالعقد السابق”.

 

إسحاق ساسون قال إن “العديد من المهاجرين غادروا قبل السابع من أكتوبر، أعتقد أن بعضهم غادر البلاد بسبب عدم الاستقرار السياسي في “إسرائيل” والإصلاح القضائي المثير للجدل. هذه الزيادة في الهجرة مثيرة للقلق؛ هناك اعتقاد بأن المهاجرين لديهم مستويات تعليمية أعلى من المتوسط. إن الخطر الرئيسي هو أن تشهد “إسرائيل” هجرة للأدمغة”.

 

ومع مرور الأشهر الأولى على بدء الحرب في غزة ثم في لبنان، أصبح هذا الاتجاه أكثر وضوحًا -كما تقول المراسلة- إذ يقول إيلان ريفيفو (50 عامًا) “لم أشاهد شيئا مثل هذا على الإطلاق خلال 30 عاما من مسيرتي المهنية”، علمًا أن شركته متخصصة في مساعدة اليهود القادمين للاستقرار في “إسرائيل”، وهو يقول الآن إن ما يحدث هو العكس.

 

ويرى رجل الأعمال هذا أن الحرب ليست الدافع الوحيد وراء هذا الخروج، قائلاً “إن الذين يغادرون هم أكثر خوفًا من الوضع السياسي، وهم غير متفائلين بالمستقبل ويفكرون في أطفالهم، ويسعون للحصول على جنسية ثانية. أعتقد أن ثقل التدين في البلاد يلعب دورا كبيرا في قرارهم”.

 

ونبهت “لوموند” إلى أن “لا أحد يعرف اليوم هل الهدنة الهشة في غزة ستكون كافية لوقف النزوح خاصة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حذر من أن الحكومة تحتفظ “بالحق” في استئناف الحرب إذا رأت ذلك مناسبا، والحقيقة هي أن العديد من الإسرائيليين معادون للسياسات التي ينتهجها الائتلاف الحاكم الذي يهيمن عليه اليمين المتطرف، وذلك ما يلخصه روي في جملة واحدة قائلا “إذا لم يتغير شيء في الانتخابات المقبلة سوف يغادر مزيد من الناس”.