وعود ثم وعود ثم قرارات معاكسة للوعود، تلك هي استراتيجية السيسي ونظامه الانقلابى للتلاعب بالمصريين، وإخمادغضبهم، والضحك على البسطاء الذين جربوه اأكثر من مرة، وعانوا أكاذيبه وخداعه، ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتقليص الاتفاق على الخدمات الاجتماعية وتقليص الدعم وتحويله لدعم عيني وتحرير أسعار الطاقة أكثر وأكثر مما في الأسواق العالمية، يأتي حديث رئيس الوزراء الهزاز ، مصطفى مدبولي، عن حزمة جديدة من الانفاق الاجتماعي، وهو ما قوبل باستغراب وعدم تصديق من المصريين، الذين يطالبون فقط بخفض الأسعار وليس أي زيادات في الرواتب أو إقامة معارض تباع بها السلع بأغلى من ثمنها في السوق العادي.
وكشف رئيس بحكومة الانقلاب مصطفى مدبولي، الأربعاء، أن السيسي كلف الحكومة إعداد حزمة من إجراءات الحماية الاجتماعية قريباً، في مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، مشيراً إلى تشكيل مجموعة عمل وزارية تضم وزيري المالية أحمد كجوك، والتضامن الاجتماعي مايا مرسي، لصياغة أهم ملامح الحزمة الاجتماعية والإعلان عنها قريباً.
مضيفا، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع الحكومة، أنه تقرر إقامة معارض “أهلاً رمضان” مع بداية شهر فبراير المقبل، بهدف توفير السلع الغذائية الأساسية للمواطنين بأسعار مخفضة قبل شهر رمضان، مؤكداً حرص الحكومة على نجاح مبادرة اللجان الاستشارية المتخصصة، وتحقيق مستهدفاتها في ما يخص التواصل مع القطاع الخاص.
وزعم مدبولي أن الدولة المصرية تجاوزت مرحلة شديدة صعوبة، و”ندعو الله أن تستمر معدلات التنمية في التحسن، وألا يحدث أي نوع من الأزمات التي تؤثر بالمنطقة”، مضيفاً أن هناك آلية لمتابعة أداء الشركات العامة بعد عملية طرح الأصول، وعدم الشروع بتنفيذ أي صفقة جديدة طالما أن العرض لا يتوافق مع القيمة العادلة للأصل.
وتابع أن مصر لديها أكبر شركات تطوير عقاري على مستوى المنطقة، وبالتالي شكلت لجنة متخصصة للتنمية وتصدير العقار، تهدف إلى تشجيع غير المصريين على شراء العقارات داخل الدولة، وحث المصريين العاملين في الخارج على الاستثمار في العقار، بما يوفر المزيد من العملة الصعبة للبلاد.
وكانت وسائل إعلام عربية، قد كشفت أن الحكومة تدرس رفع الحد الأدنى للأجور للعاملين في جهاز الدولة من 6000 إلى 7200 جنيه، بداية من مارس المقبل، استجابة لتوجيهات السيسي لمجلس الوزراء بإعداد حزمة الحماية الاجتماعية جديدة، تشمل أيضاً زيادة المعاشات المدنية والعسكرية بنسبة 15%.
ومن المقرر أن تشمل الحزمة تقديم موعد صرف العلاوة الدورية للمخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية، من العاملين في الحكومة، بنسبة 10% من الأجر الوظيفي، و15% من الأجر الأساسي لغير المخاطبين بالقانون، بحد أدنى 150 جنيهاً شهرياً، وصرف حافز إضافي يراوح بين 500 و900 جنيه بحسب الدرجة الوظيفية.
كذلك تشمل تخصيص مبالغ إضافية للمستفيدين من معاش “تكافل وكرامة” المخصص للأفراد والأسر الفقيرة، ورفع حد الإعفاء الضريبي للعاملين في القطاعين العام والخاص من 60 إلى 72 ألف جنيه سنوياً، وإقرار زيادات في رواتب أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم في الجامعات الحكومية، والأطباء والممرضين والمعلمين.
جدوى ضعيفة
وعلى الرغم من ترحيب المراقبين بتلك الإعلانات التي ما زالت مجرد شو يستهدف تعويم السيسي ونظامه، وسط غضب شعبي كبير من الأزمة الاقتصادية المتصاعدة بشدة منذ سنوات، فعت بملايين المصريين لدائرة الفقر والتخلف والبطالة والعوز والمشكلات النفسية والاجتماعية، إذ يعاني أغلب المصريين تداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، ويلزم الحكومة بتحرير أسعار السلع والخدمات الأساسية، وتطبيق سعر صرف مرن للعملة، من أجل الحصول على قرض قيمته الإجمالية ثمانية مليارات دولار.
سر الكرم السيساوي
ويرى متابعون للشأن المصري، أن تلك الحزمة المتوقعة، تسعى لدعم تأييد شعبي للسيسي ونظامه المنهار شعبيا سياسيا، قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية العام الجاري، بعد سلسلة من التراجعات والانكسارات للمواطنين امام الازمات الاقتصادية المتكررة، والتي يخشى معها عزوفا تاما عن المشاركة الانتخابية أو تاييد المعارضين للسيسي.
فيما تذهب ترجيحات أخرى إلى أن هدفها دعم النظام في مواجهة المطالب الأمريكية والصهيونية، بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو الأمر الذي أعلن النظام رفضه مؤخرا، ويخشى مع هذا الموقف أن يواجه السيسي ضغوطا أمريكية كبيرة وغربية وإسرائيلية، قد تنهي حكم السيسي وتنزع عنه ورقة الدعم الخارجي، وهو ما يخشى معه النظام فقدان أي تأييد شعبي، ما يسهل إزاحة السيسي ونظامه.
ولعل أهم ما في الأمر، هو أن حجم تلك الحزمة لا يرقى لمستوى التحديات التي يواجهها المصريون، وسط ارتفاعات جنونية بأسعار الخبز والزيوت واللحوم والخضراوت الفاكهة والمواصلات والاتصالات والإنترنت وغيرها.
ويبقى المصريون مع كذبة جديدة خلال الأيام المقبلة، التي من المتوقع أن تشهد تعويما جديدا للجنيه المصري يزيد معاناة الملايين، وسط عجز مالي كبير وتعطل سفن المساعدات المالية الموعودة بها مصر، على إثر سياسات النظام الإجرامية والعسكرة التي لا يريد الرجوع عنها أو تقليصها.
