رغم تخاذل حكام العرب الخونة …الصمود الفلسطيني لن يتوقف عن مواجهة الإبادة الصهيونية والتوحش الأمريكي

- ‎فيتقارير

 

رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وبين دولة الاحتلال الصهيوني، إلا أن إسرائيل بدعم من الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس الإرهابي دونالد ترامب تواصل حرب الإبادة في الضفة الغربية وتخطط لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية نهائيا، وهو ما يتطلب موقفا موحدا من الدول العربية والإسلامية قبل فوات الأوان، لمواجهة هذا الطغيان الصهيوني والتوحش الأمريكي وإنهاء التخاذل المشين للحكام العرب الخونة الذين يعجزون عن التلفظ بكلمة حق أمام الصهاينة والأمريكان .

في المقابل يؤكد الفلسطينيون أن صراعهم مع العدو الصهيوني صراع وجود لا صراع حدود وأنهم اكتسبوا خبرة نضالية طويلة في مواجهة مشاريع التهجير، خاصة أن التهجير القسري ليس حدثًا جديدًا، بل هو جزء من سياسة استعمارية تمارسها الصهيونية العالمية  .

 وشددوا على أنهم اليوم هم أكثر إصرارًا في إثبات وجودهم وتمسكهم بأرضهم، مشيرين إلى أن الفلسطينيين في غزة، رغم الحصار المفروض عليهم منذ عام 2007، أظهروا صمودًا غير عادي، بمقاومة تاريخية باسلة كسرت شوكة العدو الصهيوني.

الرجل المجنون

من جانبه أكد الدكتور جهاد زكارنة، محاضر جامعي بالضفة الغربية، أن إسرائيل، بعد أن حصلت على الضوء الأخضر من إدارة ترامب، تعتبر نفسها محمية وتستغل هذه الفرصة لتنفيذ مخططاتها التوسعية، مستفيدة من نظرية الرجل المجنون التي تسمح لها بالتحرك بشكل غير محسوب ودون أي رادع دولي.

وقال “زكارنة” في تصريحات صحفية: إن “تصريحات قادة الاحتلال مثل سموتريتش وبن غفير، الذين يتحدثون عن ضرورة القضاء على غزة وتهجير أهلها، تعكس خطة ممنهجة لا تقتصر على القطاع فحسب، بل تمتد إلى الضفة الغربية ومخيماتها، مما يضع الشعب الفلسطيني أمام خيار واحد فقط، إما الصمود في وجه العدوان أو الموت تحت وطأة الحصار والتهجير”.

وأضاف، في ظل هذه التهديدات من الضروري أن يعيد العالم العربي النظر في تحالفاته ويبحث عن آليات جديدة لمواجهة هذا التوحش الأمريكي الذي يخالف كل القوانين الدولية وحقوق الإنسان.

صراع وجود 

وقال الشاعر والإعلامي الفلسطيني أحمد بشير العيلة: “صراعنا مع العدو الصهيوني صراع وجود لا صراع حدود مؤكدا أن الشعب الفلسطيني الأصيل اكتسب خبرة نضالية طويلة منذ أكثر من قرن في مواجهة مشاريع التهجير، خاصة أن التهجير القسري ليس حدثًا جديدًا، بل هو جزء من سياسة استعمارية تمارسها الصهيونية العالمية منذ 128 عامًا”.

وأضاف “العيلة” في تصريحات صحفية الفكر السياسي الاستعماري الغربي اعتبر فلسطين أرضًا بلا شعب، فلا ينظر أساسًا للشعب الفلسطيني من معادلة الوجود، موضحا أن التهجير المرتبط بحرب الإبادة التي بدأت منذ بداية القرن العشرين من مجازر مروعة فقد الفلسطينيون فيها الآلاف كان هدفها الأساسي هو التهجير، وإن نجح العدو بتهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم في 1948 في ظروف قاهرة سلحت فيها بريطانيا العصابات الصهيونية وتم سحب أي قطعة سلاح يمتلكها فلسطيني، وصاحب هذا كله ارتكاب مجازر جماعية ضد الفلسطينيين العزل، لكن الفلسطينيين اليوم هم أكثر إصرارًا في إثبات وجودهم وتمسكهم بأرضهم، انظروا إلى الفلسطينيين في غزة، رغم الحصار المفروض عليهم منذ 2007، يظهرون صمودًا غير عادي، بمقاومة تاريخية باسلة كسرت شوكة العدو الصهيوني .

واشار إلى أن تصريحات نتنياهو الأخيرة تشير إلى نية متجددة لفرض واقع جديد على الأرض، وهم يجاهرون بمشاريعهم علانية حين قال: “سيتم توسيع السيادة الكيان الصهيوني في المناطق التي نعتبرها جزءًا من الكيان الصهيوني التاريخية” وكذا تصريح ترامب في تهجير الفلسطينيين وأخد غزة لصالح أمريكا، هذه التصريحات تعكس نية واضحة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية، بل على امتداد جغرافي أوسع من النيل إلى الفرات، وهو ما تسعى إليه الصهيونية العسكرية والدليل أن هذه الخارطة مطبوعة على أذرع جنود الاحتلال.

وتابع “العيلة” نحن أصحاب هذه الأرض التاريخية، وأصحاب الحق الثابت الذي لا يُنكره إلا جاحد، ونعلن بصمودنا الأسطوري طوال حرب إبادة استمرت 14 شهرًا في مساحة ضيقة من الأرض وقد فقد 6% من السكان و98% من المباني، أننا لم ولن نرحل، ولن نترك أرضنا، ولن نتخلى عن حقنا في العودة إلى ديارنا التي هُجّرنا منها قسرًا. بل سنعود إلى قرانا ومدننا الفلسطينية في 1948 عاجلًا غير آجل.

وشدد على أن الفلسطيني يمتلك من قوة الحق قوة رفض هائلة لأنه هو المتجذر في عمق الأرض والتاريخ، وأي مخطط استعماري عنصري يهدف إلى طمس هويتنا وتهجيرنا من أرضنا وتكريس الاحتلال والإبادة البطيئة بحق شعب أعزل .

واستطرد : ترامب تقوده العنجهية في قفز على الواقعية وتهميشٍ لكل ما وصل إليه الفكر البشري من قوانين تحترم كيانية الإنسان، وتصريحاته حول التهجير القسري، وفرضه على الجميع واعتباره أمرًا مسلمًا به ولا جدال فيه حين قال: “الفلسطينيون يجب أن يقبلوا بالواقع الجديد”، هذا في أقل مستويات التحليل يعكس سياسة أمريكية منحازة بشكل صارخ للكيان الصهيوني مشددا على أن هذه التصريحات ليست مجرد ضغط سياسي، بل تهديد حقيقي، خاصة في ظل خطة “صفقة القرن” التي أعلنها ترامب سابقًا، وخطة “ريفيرا غزة” حاليًا، التي تهدف إلى إضفاء الشرعية لتهجير شعبٍ من أرضه دون أي اعتبارات إنسانية ومنطقية. ما يجعل هذا الهذيان “خارج العقل وليس خارج الصندوق” فهذه الخطة رفضها المجتمع الدولي وهي غير قابلة للتنفيذ حتى برغبة شعبٍ تعرض للإبادة الجماعية وضحى بمئات الآلاف من أجل التمسك بأرضه وحقوقه، ومهما استخدم ترامب مع أنصاره الصهاينة من وسائل ضاغطة مدمرة، فالفلسطيني لن يرحل ولن يسلم ولن يتنازل .

 

قرارات حاسمة

 

قال الشاب الفلسطيني “يوسف المصري”، 39 عامًا، لدينا مخاوف حقيقية تهدد وجود القضية الفلسطينية، فمخطط التهجير الذي تسعى القوى الصهيوأمريكية لتنفيذه لن يمحو الحقوق الفلسطينية فحسب، بل سيمحو القضية برمتها إلى الأبد، موضحا أن السيناريو الأسوأ الذي يسيطر على عقولنا هو تنفيذ مخطط التهجير تحت ضغوط متصاعدة .

وأضاف “المصري”: في تصريحات صحفية في حال تطورت الأمور نحو التهجير القسري، سواجه الشعب الفلسطيني في غزة مصيره المحتوم، إذ لن يقبل الفلسطينيون أبدًا بفكرة التهجير التي تمس كرامتهم وأرضهم، لافتا إلى أن التخوفات من استخدام القوة والتصعيد العسكري وما قد يترتب عليه من تداعيات خطيرة، مثل إعادة إشعال الحرب ونزوح أهل غزة، تظل تشكل هاجسًا يفرض نفسه.

وأعرب عن أمله فى أن تتحد الأمة العربية والمجتمع الدولي تحت شعار واحد لا للتهجير، وأن تكون قراراتهم حاسمة وحازمة، مشددا على أن القضية الفلسطينية أكبر من كل الخلافات والتجاذبات السياسية، ولا يمكن أن يكون هناك بديل عن غزة ولا حل إلا بوحدتنا العربية التي تعد سيدة الموقف في هذه المرحلة الحرجة، حيث نشهد اليوم حالة من التخبط  والضياع نتيجة الحرب والمجهول تحيط بنا من كل جانب؛ خوفًا من ضياع القضية الفلسطينية، لا يزال بعض أقاربي يحملون جروح النزوح السابقة ويخشون تكرار تلك المأساة .

فيما يتعلق بعملية إعادة الإعمار؛ قال: “توجد حالة تكتم تخيم على هذا الملف، ولم يُصرح بعد عن أي خطوات عملية أو ملامح لخطة إعادة الإعمار، الجميع يتحدث عن ضرورة إعادة بناء ما دمره الاحتلال المجرم، ولكن لا يوجد شيء ملموس على الأرض حتى الآن”.

وأكد “المصري” أن المساعدات التي تدخل غزة غير كافية في ظل نقص البضائع في الأسواق نتيجة الحرب التي دامت نحو 15 شهراً، موضحا أن المساعدات الحالية تتراوح بين الطعام والملابس، أما الأمور التقنية الضرورية مثل الجوالات والطاقات الشمسية والبطاريات فلم تدخل بعد إلى الأراضي الفلسطينية، ونحن بحاجة ماسة إلى أعداد كبيرة من البيوت المتنقلة مثل الكرفانات والخيم التي تأوينا من برد الشتاء القارس والمنخفضات العاصفة التي عصفت بمخيمات اللجوء في مواصي خان يونس قبل أيام، وتسببت في تدمير الخيام، فضلًا عن النقص الشديد في الأدوية والمعدات الطبية.

وطالب الجميع بوقفة جادة وشاملة لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، واستعادة الحياة في هذه الأرض المباركة، لأننا بحاجة إلى تكاتف الجهود لتجاوز هذه المرحلة الصعبة .  

نكبة أخرى

وتساءلت الكاتبة والإعلامية الفلسطينية قمر عبدالرحمن : منذ متى كان التمسك بالأرض جريمة يُعاقب عليها إلا هنا في فلسطين؟ مؤكدة أن ما يحدث في غزة أعاد الناس لأكثر من نكبة .

وقالت قمر في تصريحات صحفية : “أخشى أن يصر العجوز المجنون على موقفه، أو أن يجبر الدول العربية على تنفيذ قراره الطائش، من خلال التهديد الاقتصادي والتجاري، أخشى أن نبدأ من الصفر بعد ما اجتزناه، ومن ثم فإن فكرة إثبات الحق وهو حق، أمرٌ يبعث على الألم الشديد، منذ متى الدفاع عن الأرض يستحق كل هذا العقاب والقسوة؟ أتمنى أن تتحد الدول العربية في وجه هذا الباطل المهول”.

وحذرت من أن الموافقة على فكرة التهجير تعني نكبة أخرى، ومعاناة ممتدة لا أحد سيعرف أن يلملمها من جديد، لأن فكرة التهجير يطبقها العدو هنا وهناك بشكل جزئي ومؤقت كما حدث في غزة، وكما يحدث في جنين، فإذا كان التهجير بصورة مصغرة مربكا وكارثيا، فكيف سيكون حالنا إن طبق التهجير بالصورة الموسعة التي يتحدث عنها ذلك المجنون؟.

وشددت قمر على ضرورة أن تتحد الدول العربية لإحقاق الحق والتخلص من هذا العذاب، مؤكدة أن الدول العربية لو اعتمدت وحدة القرار، سيضطر ترامب أن يفكر في حل آخر يتوافق مع شروط المقاومة وموقف العرب، وليس العكس بالانصياع لقراره الأهوج غير المسؤول، التهجير مرفوض قطعًا، نحن نقترب من التحرير، لا يمكننا أن نرجع إلى الوراء ثمانون عامًا بعد كل ما حدث، وبعد التضحيات الهائلة التي قدمها قطاع غزة، بدل تفريغ هذه الأرض من أبنائها وتهجيرهم، يمكن لترامب اقتطاع قطعة أرض من أي بقعة في العالم، ومنحها للإسرائيليين، إن كان صادقًا في سعيه نحو استقرار المنطقة.

وأكدت أن التهجير قرار جائر بحق الشعب الفلسطيني، فمنذ السايع من اكتوبر، رحل آلالاف من الإسرائيليين لخارج البلاد بسبب الذعر والخوف، لماذا نحن الآن نسمح بتهجيرنا مرة أخرى؟ هذه مسألة تعني إعادة فكرة الأمان لمن رحلوا من الإسرائيليين وإعادة جذبهم للمنطقة، وهذا عكس ما نريد، أنا كغيري من أبناء شعبي سمعت حكايات عديدة عن قسوة التهجير ومآسي النزوح من أجدادي وجداتي، لكني رجعت ورأيت ذلك مترجمًا على أرض غزة، كنا نسأل أجدادنا دائمًا لماذا لم تتمسكوا بأرضكم؟ لماذا قبلتم بالتهجير حينها؟ وكان الجواب دائمًا تنهيدة طويلة، يتبعها القول المشهور: قالولنا يومين وبنرجع، واليومين صاروا ثمانين سنة، أتمنى أن لا نُجبر على ترك بلادنا، أجدادنا أصبحوا جميعهم تحت التراب ولم يحظوا ببرهة عودة للبلاد، ونحن أخذنا عنهم الرسالة والمفاتيح .