لم يتحرر 100 ألف معتقل من سجنهم اللعين، يقضون سنوات من العزل تزيد معاناتهم النفسية في رمضان والأعياد، بسبب منع الزياراتٍ لسنوات عند قسم من المعتقلين والزيارات الخاطفة (10/ 15 دقيقة على الأكثر) وتقتير الزيارة بجعلها من خلف زجاج وحواجز لعينة، وعيون ترقب دموع أحبائها وتسمع صوتهم بالكاد، أو عبر سمّاعة هاتف السجن خلال الزيارة، وتحلم بذاك اليوم الذي تحتضنهم فيه، المعاناة تزيد عند امتداد أثر الاعتقال إلى منع عائلاتهم من السفر ضمن سجن كبير، وأحيانا يكون الاطمئنان بسبب الابتعاد إلى الخارج.
يحكي حساب “المرابطون” المعني بشأن المعتقلين عبر (إكس) عن رمضان بين القهر والجوع، وكيف أن أكثر من 100 ألف مائدة إفطار مصرية تفتقد حبيب لها، بينما يجتمع الناس على موائد الإفطار.
ويكمل كيف تعيش أسر المعتقلين في مصر السيسي معاناة مضاعفة بعد فقدان المُعيل، وجعل توفير لقمة العيش معركة يومية، وتكاليف الزيارات ترهقهم وسط غلاء لا يرحم.
وعن وضع الزيارة (إن سمحت بها إدارات سجون الظلم) أردف، “وحتى حين يصلون إلى السجون، يتعرضون للتفتيش المهين، وقد تُفسد محتويات الزيارة بوحشية، أي عدل هذا الذي يحاصرهم بالجوع والقهر؟”.
وتساءل @morabetoooon عن “متى ينتهي هذا القهر؟” فرحلة العذاب لزيارة الأحباب، زيارة المعتقل ليست لقاءً عائليًا، بل رحلة إذلال ممنهجة، ساعات من الانتظار في طوابير التفتيش المهين، تعذيب للأمهات والزوجات والأطفال قبل أن يُسمح لهم برؤية أحبابهم لدقائق معدودة خلف الأسلاك. “.
والأسوأ برأيه “أن البعض يكرر هذا المشهد عدة مرات، لأن له أكثر من معتقل في سجون مختلفة، ناهيكم أن الزيارة تتكلف أكثر من 3 آلاف جنيه على الأقل ،#رمضان_بلا_أحباب .. #الحرية_للمعتقلين”.
https://x.com/morabetoooon/status/1899457429013733448
مطلب عشرات المعتقلين
أحمد عبدالمنعم أبوالفتوح ينقل كيف تكون زيارة والده وكيف أن د. أبو الفتوح رفض يحضر الزيارة في الكابينة الزجاجية أو المقبرة الزجاجية على حد وصفه وطلب الزيارة تكون طبيعية.
وأضاف كما نقل عنه المحامي أحمد أبوالعلا ماضي المحامي بالنقض عبر @Ahmed_Aboulela أنه حتى ديسمبر الماضي كانت السنة الخامسة للزيارة بهذا الشكل (في كابينة زجاجية) غرفة (متر في متر) فيها تليفون وحائل زجاجي يفصل بيننا، طوال الفترة لم تتوقف عن طلب الرجوع للزيارة الطبيعية ولم نتوقف عن رفضنا لأسلوب الزيارة.
وأوضح عن مواضع الزيارات أن “مكان الزيارة في سجن شديد الحراسة 2 سابقاً أو حالياً في سجن بدر مكان مش إنساني فعلاً، بسبب الحر الشديد و مفيش داخل الكابينة مروحة أو حتي شباك أو أي مصدر للتنفس، النَفَس بيتقطع جوه، اشتكينا لإدراة السجن كثيرا وهم بيحاولوا يساعدوا في حدود إمكانيتهم وصلاحيتهم، لكن للأسف سنين بتعدي ومفيش فايدة. “.
المعاناة التي تقهر المعتقل وعائلته تدعو البعض إلى أن يتمنى ألاّ تتم الزيارة بالمطلق وأن يكونوا أحرارا بالسلامة أو الزيارة ، تكون بشكل طبيعي وإنساني”.
https://x.com/Ahmed_Aboulela/status/1838336998228267387
ممنوعون حتى القتل
وفي 2024 استشهد المعتقل مجدي الشبراوي ، صاحب مكتبة زهرة المدائن بالمنصورة، داخل سجن بدر سيئ السمعة، بسبب الإهمال الطبي وهو معتقل منذ 4 يناير 2020، وهو ممنوع من الزيارة منذ اعتقاله سواء كان في سجن العقرب أو سجن بدر.
وفي 29 يوليو المقبل، يمر 12 عاماً على سجن النائب السابق والمحامي عصام سلطان ، الذي يمضي سنوات عمره في هزلية محاكمة فض رابعة، التي حُكم عليه فيها بالسجن المؤبد، ويمضي “سلطان” هذه السنوات في حبس انفرادي وآخر 6 سنوات ممنوع من الزيارة سواء لأسرته أو محاميه .
وفي ديسمبر الماضي تمر 7 سنوات على منع الزيارة لوزير الغلابة وزير التموين الدكتور باسم عودة، وتمر 8 سنوات على منع الزيارة عن المحامي والبرلماني وعضو مجلس النقابة العامة للمحامين صبحي صالح.
لقاء بعد سنوات
وفي مارس 2023 أشارت زوجة المعتقل خالد حمدي أن زوجها المعتقل اليوم لنحو 12 سنة حرم من الزيارة ل7 سنوات في سجن العقرب ثم بدر3، تقول: “شاءت إرادة الله للشمل أن يلتئم بدقائق معدودة بيني وبين زوجي وأبنائي في زيارة بعد نقله لسجن تأهيل 5 بوادي النطرون”.
وفي العام الماضي اعتقلت سلطات الانقلاب نعمة هشام (زوجة أحد المعتقلين بسجن بدر 1) من منزلها فجرا، بعدما كشفت عن الاعتداء على الحقوقيين والناشطين بالسجن، والسبب كان الزيارة ، ربما لمثل هذا تمنعها إدارة السجن خشية افتضاح جرائمها.
بيان مشترك لمنظمات حقوقية قال: إن “نعمة هشام التي لم ترتكب جرما، وإنما استغاثت مما يتعرض له زوجها من عنف من إدارة سجن بدر 1 بعد أن رأته في الزيارة أمس مصابا في فمه وضلوعه ومعصمه جراء ما تعرض له هو وزملائه في الزنزانة من تعدٍ عليهم بالضرب”.
الأثر القاتل
وبعد سنوات من مغادرة السجن يحكي أحدهم عن توابع أحد الزيارات ، وكيف يكون لها أثر مباشر على المعتقل ياسين منسي؟ @yassindraws يشير إلى لوحة رسمها (وقت كان معتقلا) “لمسجون جاتله زوجته في الزيارة وجابت ليه ورد بمناسبة عيد زواجهم لما خلص زيارته عدى علينا وقسم الورد معانا وحطينا الورد في إزازة فيها مياه وسكر وقعد شهر كامل مفتح وألوانه لسه حلوة، ولما دبل بقى أجمل بس مؤلم ” الحادث كان في سجن استقبال طرة ٢٠١٨ – زنزانة ١/٤
https://x.com/yassindraws/status/1757826226595451068
محاولات الانتحار على منع الزيارة أشارت له رسائل من السجون، وفي 2023 وصلت رسالة قالت: إن “رسالة من المعتقلين في سجن بدر 3 تحدثت عن تكتم على وفاة أحد المنتحرين في السجن”.
ألف معتقل في السجن طالبوا بفتح الزيارة عليهم، وعندما تفشل جهودهم منهم من يقدم على محاولة الانتحار مرة واثتين وثلاثة.
الرسالة قالت: إن “منع الزيارة دفع 3 معتقلين إلى محاولة بعضهم الانتحار بالشنق، أو تناول العقاقير التي يؤدي كثرتها للتسمم والوفاة، ردا علي تردي أوضاعهم المعيشية ومنعهم من الزيارة وتدويرهم علي قضايا جديده بعد انتهاء مدة حبسهم الاحتياطي”.
وترفض إدارة سجن بدر تحرير أي محضر بوقائع الانتحار حتى لا يتم تحويل المحاضر للنيابة العامة التي من المفترض أن تعاين السجن، وتستمتع للمعتقلين وتحقق في الأسباب التي دفعتهم إلى الانتحار ويهدد المعتقلون بالاضراب علي الطعام مع أول أيام شهر رمضان، مؤكدين أنهم في كل الأحوال جائعون نتيجة تقليل الطعام ومنع الزيارة وغلق كافيتريا السجن.