تعمل عصابة العسكر على استنزاف وابتزاز المصريين فى كل مكان فى الداخل والخارج والاستيلاء على أموالهم وتحويشة العمر التى جمعوها طوال سنوات من الشقاء وذلك من خلال طرح مبادرات فشنك ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه السرقة والفساد .
ولأن المصريين فى الخارج عددهم يتجاوز الـ 12 مليونا أغلبهم "طفشوا" من المآسى التى واجهوها مع حكومة الانقلاب أو لم يجدوا فرصة عمل ولا حياة كريمة فاتجهوا إلى دول العالم يبحثون عن لقمة العيش وعدد منهم حقق ثروات كبيرة لذلك وجدتها حكومة الانقلاب فرصة للاستيلاء على أموالهم عبر مشروعات وهمية فنكوشية لا طائل من ورائها وثبت فشلها أكثر من مرة لأن الهدف هو الحصول على الأموال لتغطية العجز ومجاراة الفساد وليس انشاء مشروعات حقيقية يكون لها عائد على المستثمرين وعلى الشعب المصرى بصفة عامة .
فى هذا السياق طرحت حكومة الانقلاب مبادرات مثل مبادرة بيتك فى مصر ومبادرة مزرعتك فى مصر ومبادرة تيسير استيراد سيارات المصريين فى الخارج وكلها لم تحقق أى نتيجة .
يُشار إلى أن تحويلات المصريين فى الخارج سجلت عام 2024 نحو 29.6 مليار دولار، مقابل نحو 19.5 مليار دولار خلال 2023.
محول دولارات
من جانبه قال الخبير الاقتصادى الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، وكيل وزارة التجارة سابقاً : فى عام 2011 عندما كنا نستعرض زيادة تحويلات المصريين فى الخارج التى ارتفعت من 9 مليارات دولار فى نهاية يونيو 2010 إلى 18 مليار دولار فى نهاية يونيو 2011، طالبت بأن تكون هناك مبادرات لربط العاملين المصريين بالخارج بالوطن الأم، واقترحت تخصيص قطع من الأراضى لبناء ما يسمى وقتها بيت الوطن.
وأضاف عبدالمطلب فى تصريحات صحفية : هذه المبادرات تستلزم مجموعة من الشروط والمعايير، أهمها أن يكون هناك إحساس لدى المواطن المصرى فى الخارج بأن دولة العسكر تسعى إلى ربطه بالوطن ولا تسعى إلى ابتزازه أو أنها تنظر إليه على أنه محول دولارات، أى أن المصرى سواء فى الداخل أو فى الخارج يحتاج إلى أن يشعر بأن دولة العسكر تعامله كمصرى وليس كمواطن مدر للدخل فقط.
وأعرب عن أسفه لأن دولة العسكر كل هدفها اجتذاب الكثير من العملة الصعبة، وزيادة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، ومشاركة المصريين هناك في أرزاقهم .
وطالب عبدالمطلب بأن يكون لدى دولة العسكر خطة ورؤية تصل إلى المصريين فى الخارج بأن الهدف هو ربطهم بالوطن وتنمية الشعور بالانتماء لدى الأجيال الحالية والأجيال القادمة من العاملين فى الخارج موضحا أنه حتى تنجح مثل هذه المبادرات فى جذب المصريين فى الخارج للاستثمار فى مصر، لا بد من توافر مجموعة شروط أهمها أن يشعر المستثمر بأنه سوف يحقق أقصى ربح ممكن فى المجال الذى يضخ أمواله فيه، وأن يكون هناك أقل نسبة مخاطرة، ونوع من الأمان والاستقرار وضمان استمرارية هذه الاستثمارات.
مناخ ثقة
وأوضح أنه حتى تجذب هذه المبادرات جزءا من مدخرات المصريين العاملين فى الخارج، والشركات المصرية المملوكة للمصريين فى الخارج للاستثمار بمصر، يجب توافر مناخ الثقة ما بين المصريين فى الخارج وحكومة الانقلاب فى الداخل.
وشدد عبدالمطلب على ضرورة إشاعة مناخ الثقة وأن تكون هناك قناعة لدى حكومة الانقلاب ولدى المصريين فى الخارج بأن التنمية فى مصر سوف تعود ثمارها على الجميع، وعلى المصريين بشكل عام سواء كانوا فى الداخل أو فى الخارج، وأن يكون لدى دولة العسكر خطة واضحة للتنمية وجذب الاستثمارات الخارجية، تنعكس آثارها ونتائجها وعوائدها على الجميع.
وأشار إلى أنه فى حالة نجاح هذه المبادرات وهذا لم يتحقق حتى الآن ستكون العوائد والنتائج كبيرة جداً، أبرزها زيادة تحويلات المصريين بشكل أكبر وتوفير مزيد من العملة الصعبة وتقليل الضغوط على الجنيه المصرى، وجذب جزء غير قليل من مدخرات المصريين فى الخارج للاستثمار فى عملية التنمية، وإفساح المجال لعودة بعض العقليات والشخصيات ورجال الأعمال المصريين الذين حققوا نجاحات كبيرة فى الخارج، وبالتالى تعود بالنفع على الاقتصاد المصرى ككل.
دراسات جدوى
واعتبر الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، ان مبادرة مزرعتك فى مصر غير جادة ومن الصعب إقناع المصريين فى الخارج بضخ أموالهم فيها، مشيرا إلى أن مشروع المليون ونصف المليون فدان الذى أطلق منذ عام 2016 وقيل وقتها أنه سيتم طرح 80% من هذه المساحة على المستثمرين و20% على الشباب، لكن الإقبال لم يكن كبيراً على هذا المشروع.
وكشف صيام فى تصريحات صحفية، أن المشكلة الأساسية فى هذا المشروع تتمثل فى أن جزءاً كبيراً من الأراضى تتم زراعتها بالمياه الجوفية، التى تحتاج إلى تكاليف عالية للوصول إليها تحت الأرض لأنها على أعماق كبيرة، وبالتالى الزراعة أو الاستثمار فيها غير اقتصادى.
وقال إن بئر المياه الجوفية الواحدة تخدم مساحة تصل إلى 200 فدان، وإذا كانت مصادر المياه غير مستمرة فإن المشروع سوف يفشل فى النهاية، وهذه مشكلة الأراضى الجديدة عموماً، مشددا على ضرورة حل مشكلة تقنين الأراضى التى تستغرق وقتا طويلا وتكاليف مرتفعة.
وطالب صيام دولة العسكر بالإعلان عن تفاصيل الخدمات التى سيتم تقديمها للمستثمرين فى هذه الأراضى بشكل مفصل، سواء خدمات الإرشاد الزراعى أو التسويق أو توفير مستلزمات الإنتاج وأسعارها وغيرها من العناصر الأساسية التى يحتاجها المستثمر لتحديد قراره الاستثمارى.
وشدد على ضرورة إعداد دراسات جدوى لهذه المشروعات لتوضيح مدى استمرارية كل مشروع ومساهمته فى التنمية الاقتصادية والزراعية والإعلان عن تفاصيله بكل وضوح، مؤكدا أن المصرى فى الخارج أو أى مستثمر لن يدفع أموالاً فى مشروع لا يعرف تفاصيله الدقيقة، ويجب أن توضح هذه الدراسات معدل العائد على الاستثمار بشكل دقيق، ووقتها سيتجه المواطن للاستثمار بدلاً من وضع أمواله فى البنوك، إذا وجد أن العائد 20 أو 30%.
وأشار صيام إلى أن نجاح هذه المشروعات يتطلب أن تخلق دولة العسكر مناخ ثقة مع المصريين فى الخارج وتعمل لانجاح المرحلة الأولى من هذه المبادرات، لأن الانطباع الأول هو الأهم، وفى حالة الإخفاق فيه، فإن المبادرات ستفشل فى النهاية مشددا على ضرورة ضمان دولة العسكر تسويق الإنتاج سواء فى السوق المحلى أو التصدير.