قال الخبير الاجتماعي والأكاديمي المصري د. رضوان جاب الله: "ما انفكت أذرع الشركات العالمية الرأسمالية الكبرى تصنع المشكلات وتغذيها على مراحل، وهي شركات طامعة ذات نهم وجشع في الأراضي العربية، وبخاصة الأرض القليلة الكثافة السكانية متعددة المزايا المليئة بالثروات، مثل سيناء 6٪من مساحة مصر ومطروح 16٪من مساحة مصر..".
وعبر (فيس بوك) أشار إلى 3 مراحل تمر بها تصفية التجمعات السكانية الكبيرة (البدوية) وغيرها :
أولا: مرحلة التمهيد
تقوم سياسة السلطات التابعة للفلك الغربي الرأس مالي بانتهاج سياسات انعدام تنمية وإهمال، وحرص على عزل المجموعات السكانية التي تعيش فيها على المدى البعيد وإفقارها.
ثانيا: مرحلة التوتر والمواجهة
حيث تضعف سلطة القانون وسلطة الدولة، وتترك المسألة لأهواء رجال الأمن ومصالحهم، وتنمو سياسات تفكك اجتماعي، وقيام شبكة مصالح، وتنتشر عوامل تضرب البنية الاجتماعية والقيم الأخلاقية والأعراف الحاكمة للمنطقة، مما يسهل ويبرر البطش بالجميع الصالح والطالح، وهنا تتمكن السلطة بسهولة من قمع السكان ،أو حتى تهجيرهم وكسر شركتهم تمهيدا لنقل ملكية الأراضي للشركات الأجنبية أو الوكلاء.
ثالثا: تمكن الشركات وبدء الاستثمار وتدفق العمال التابعين للشركات، والسماح لبعض أهل الأرض بالعودة، ولكن وفق هندسة اجتماعية جديدة يرضى فيها صاحب الأرض بالخضوع وخدمة الشركات والسلطة الجاهلة تعامله بعنف مفرط وإهانة والشركة تعامله بلطف ومنفعة شخصية، وبالتالي تتمكن الشركات الرأسمالية من الأرض العربية ومن قلوب أهلها الطيبين، وتصبح البلد تحت التهديد والخوف من التقسم.
أعجزوا الغزاة
وعن تاريخية تجمع البدو في مطروح، أكد "جاب الله" أن أهل مطروح لم تتمكن بريطانيا ولا ألمانيا ولا بريطانيا من إقامة ميناء قبالة صحرائهم، وحافظوا على الأرض في أحلك الظروف، حيث ينحازون إلى أعماق الصحراء وقت صليات المدافع وقصف الطيران، وسرعان ما يعودون إلى المحتل في مجموعات صغيرة يهاجمونه، ويقطعون الإمداد عنه ويخطفون جنوده ومهندسيه ويقطعون طريقه، ويحولون حياة المحتل المدنية إلى جحيم فيضطر للانسحاب.".
وأكد أن "الدولة عندما يكون فيها حياة سياسية، تستطيع تجعل من البدو عنصر قوة للدولة تحفظ عاداتهم وأعرافهَ وتنمي مناطقهم، وتحتضن نوابغهم وتنزلهم المنزلة اللائقة بتاريخهم وفروسيتهم..".
وعن الوضع الحالي في مطروح وصلت الشركات لاستلام الأراضي للشركات الغربية في رأس الحكمة وما بعدها، وطرد البدو من أراضيهم ونزع ملكيتهم قائم على قدم وساق، بحسب الواقع.
وفي فبراير 2024، أصدر السيسي قرارا رقم 55 لسنة 2024 بتخصيص قطعة أرض مساحتها 170.8 مليون متر مربع ناحية محافظة مطروح لصالح هيئة المجتمعات العمرانية، لاستخدامها في إقامة مدينة رأس الحكمة، وذلك نقلا من الأراضي المملوكة للقوات المسلحة، ونشر القرار في الجريدة الرسمية.
وبحسب (جريدة المال) التي تصدر في القاهرة فإن الإمارات اشترت رأس الحكمة مقابل ٣٠ دولار للمتر، والخطوة القادمة مطار للإمارات ومنفذ خاص بأرض مصر للدخول والخروج بلا رقيب أو حسيب، حيث لم يخضع حاكم رأس الحكمة للرقابة والإدارة المصرية، والأمر أن من يبني رأس الحكمة وفق التصور الإماراتي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة .
الكيلو 9
وقبل نحو أسبوع من أحداث النجيلة ، والتي سبق أن قتل فيها ضابط مواطن بدوي من مطروح وإلى الآن لا يزال ذووه الذين تظاهروا لإرجاع حقه محبوسين بسجون السيسي، قرر الجيش إزالة لمنازل أهالي بمطروح في الكيلو 9 ، لصالح مشروع إسكان إجتماعي، والأهالي يطالبون بالتقنين وتغيير مكان المشروع.
وقال سكان المنطقة: "إن أجهزة المحافظة وبمعاونة الجيش في المنطقة الغربية للقوات المسلحة، تلاحقهم لإخلاء بيوتهم (ملكية خاصة) إلى سكان بديل (إيجارشهري) بدعوى تطوير المنطقة مع الوعد بالعودة إلى بيوتهم من جديد على غرار ما يحدث في رأس الحكمة وجميمة وشاطئ عجيبة وشواطئ أخرى بالمحافظة".
وأضاف أحد السكان في مداخلة تلفزيونية مع قناة الشرق أن محاولات التهجير القسري المستمرة مرتبطة أيضا بانقطاع مستمر ولشهور لمياه الشرب، وهو ما شعر به ضيوف مطروح خلال مواسم التصييف في العامين الماضيين وبقوة ومن المتوقع أن يتكرر هذا العام.
وأشار متداخل آخر إلى أن بيوتهم يسكنون فيها ولديهم بها عقود مسجلة بالشهر العقاري، وتريد أجهزة الدولة إزاحتهم إلى سكن بديل أقل حجما وبالإيجار، وأنهم لا يجدون أذانا صاغية من المسؤولين الذين يعلنون أنها أوامر، وأن أصغى المسؤول يكشف أنه عاجز عن اتخاذ أي إجراء أمام قرار التهجير بدعوى التطوير.
ويأتي تهجير قرية جميمة و6 قرى بمطروح ضمن حالة من التهجير القسري للمواطنين الأحياء والأموات في مصر تحت مزاعم التطوير، ومنها ما حدث في منطقة ألماظة بالقرب من مطار القاهرة الدولي، وبعض الشوارع بمنطقتي المرج وعزبة النخل لإقامة محور مروري، وأزال نظام الانقلاب مئات من العقارات المأهولة بالسكان من أجل توسعة الطريق الدائري، الذي يربط بين محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، مقابل منح المواطنين تعويضات هزيلة تبلغ 40 ألف جنيه للغرفة الواحدة، مع اعتبار صالة الاستقبال والمطبخ غرفة واحدة، أي ما يصل إلى 160 ألف جنيه عن الوحدة السكنية المكونة من ثلاث غرف، إضافة لممارسة الإجراء الانقلابي نفسه بشمال سيناء (رفح والشيخ زويد والعريش) ومناطق نزلة السمان والوراق وجزيرة الذهب بالجيزة وغيرها بمحافظات مصر، وعلى امتداد الطريق الدائري (القاهرة) بحجة توسعته، إضافة لما شهدته إزالات مقابر المماليك والسيدة نفيسة والسيدة عائشة والإمام الشافعي.