لمنعها من  الكشف عن جرائمها فى حق الشعب.. حكومة الانقلاب تخصص ملايين الجنيهات لحجب المواقع المعارضة

- ‎فيتقارير

يواصل نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي حجب المواقع المعارضة لسياساته والرافضة لانقلابه على أول رئيس مدنى منتخب فى التاريخ المصرى الشهيد محمد مرسي .

ورغم التكاليف المالية والتقنية التى تحتاجها عملية الحجب إلا أن حكومة الانقلاب لا تبخل في الانفاق على هذه العملية وتخصص ملايين الجنيهات لهذا الغرض للحيلولة دون وصول الحقائق إلى الشعب المصرى والكشف عن الجرائم التى يرتكبها الانقلاب فى حقه.

يُشار إلى أن أعداد المواقع الصحفية المحجوبة في زمن الانقلاب تُقدَّر بالمئات، وتشير تقارير موثوقة إلى أن سلطات الانقلاب حجبت نحو 424 موقعًا على الأقل بحلول سبتمبر 2017، وارتفع العدد إلى أكثر من 500 موقع بحلول عام 2019.

وواصلت حكومة الانقلاب الحجب خلال الأعوام التالية ليشمل عشرات المواقع الإضافية حتى عام 2025، ليصل إجمالي المواقع المحجوبة إلى 600 موقع، وتشمل هذه القائمة 126 موقعًا صحفيًا وقناة تلفزيونية، بالإضافة إلى مواقع بروكسي (Proxy)، وشبكات افتراضية خاصة (VPN)، فضلًا عن مواقع حقوقية وسياسية.

 

شركات أجنبية

فى هذا السياق كشفت تقارير حديثة أن سلطات الانقلاب تستخدم تقنيات تفتيش حزم البيانات العميق (Deep Packet Inspection – DPI) لاعتراض الاتصالات وفرض الرقابة على الإنترنت​، مشيرة إلى أن حكومة الانقلاب تعاقدت مع شركات أجنبية متخصصة لتوفير هذه التقنية، من أبرزها شركة ساندفاين (Sandvine) الكندية التي زوَّدت حكومة الانقلاب بأجهزة DPI استخدمت في حجب مئات المواقع وتعقّب أنشطة المعارضين​ وأشارت التقارير إلى أنه رغم عدم الإفصاح رسميًا عن قيمة هذه العقود التقنية، فإن حجم التعاملات يوحي بتكاليف عالية .

وقالت ان شركة ساندفاين أعلنت في عام 2024 إنهاء شراكتها مع حكومة الانقلاب وسحب تقنياتها إثر جدل حول استخدام منتجاتها في انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدة أن هذا يكشف أن حكومة الانقلاب كانت قد أنفقت مبالغ كبيرة للحصول على هذه التقنيات المتقدمة طوال السنوات الماضية.

وأوضحت التقارير أن هناك نفقات اخرى تتعلق بتكلفة شراء وتجهيز معدات الحجب، وهناك تكلفة تشغيلية مستمرة تتحملها الجهات الحكومية لضمان فعالية أنظمة الرقابة. يشمل ذلك نفقات صيانة الأجهزة وتحديث قوائم المواقع المحظورة بشكل دوري، إضافة إلى رواتب الفرق الفنية والأمنية المكلَّفة بالمراقبة وتنفيذ قرارات الحجب

وأشارت إلى أن أعباء حجب المواقع لا تقتصر على حكومة الانقلاب وحدها، بل تمتد أيضًا إلى شركات الاتصالات والإنترنت الخاصة المكلَّفة فنيًا بتنفيذ قرارات الحجب على شبكاتها، موضحة أن هذه الشركات تضطر إلى تركيب معدات وبرمجيات خاصة بفلترة المحتوى استجابة لقرارات حكومة الانقلاب التي تفرض حجب مواقع معينة.

 

الحرية

من جانبها قالت الكاتبة الصحفية إيمان عوف إن الحجب يشكل ضربة اقتصادية مباشرة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية المستقلة، موضحة أنه حين يتم حجب موقع صحفي يصبح الوصول إليه معقدًا، مما يقلل من حجم التفاعل والمشاهدات، ويؤثر على العائدات الإعلانية، حيث تعتمد الإعلانات بشكل أساسي على نسب المشاهدة والتفاعل .

وأكدت إيمان عوف فى تصريحات صحفية أن الإعلانات، باعتبارها مصدرًا أساسيًا لتمويل المواقع الصحفية، تتأثر بالحجب بشكل كبير، إذ لا يمكن لأي موقع محجوب أن يجذب الإعلانات، ما يؤدي إلى تراجع الإيرادات، وانعكاس ذلك على رواتب الصحفيين، مشيرة إلى أنه مع تدهور الوضع الاقتصادي لهذه المؤسسات، تصبح غير قادرة على دفع الرواتب، ما يدفعها إلى تسريح الصحفيين، وبالتالي تزداد البطالة في الوسط الصحفي.

وأشارت إلى أن الحرية هي الوجه الآخر للعيش الكريم، فحين يُسمح للمواقع المستقلة بالعمل بحرية دون حجب أو تضييق، فإنها تستطيع تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي للعاملين بها، وتوفر لهم حياة كريمة تتناسب مع تكاليف المعيشة المتزايدة.

 

خطوة قمعية

واعتبرت إيمان عوف، أن حجب المواقع الصحفية المستقلة يمثل اعتداءً مباشرًا على حق المواطنين في المعرفة، وحق الصحفيين في ممارسة مهنتهم بحرية، لافتة إلى ان المواقع التي تم حجبها ليست مجرد منصات إعلامية عادية، بل هي مواقع اختارت أن تكون غير خاضعة لتوجهات سلطات الانقلاب، وتعمل على تقديم صحافة مهنية حقيقية تناقش أزمات المواطنين وقضاياهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وأوضحت أن التدقيق في طبيعة المواقع المحجوبة  يكشف أنها جميعًا منصات مستقلة، منحازة للمواطنين ومشاكلهم، وليست منصات تابعة للسلطات الانقلاب، لافتة إلى انه حين ينجح الصحفيون في تجاوز القيود المفروضة عليهم، يأتي الحجب كخطوة قمعية أخيرة لمنع وصول المعلومة إلى المواطنين .

وكشفت إيمان عوف أنه إلى جانب الحجب، يواجه الصحفيون أيضًا حملات ملاحقة وتضييق، والدليل على ذلك أن أكثر من 25 صحفيًا قُبض عليهم في الفترة الأخيرة، وهو ما يعكس استهدافًا ممنهجا للصحفيين الذين يصرون على ممارسة مهنتهم بمهنية واستقلالية.

سياسات الحجب

قال الخبير القانوني محمد سيد، إن الحجب يستند إلى عدة قوانين تمنح سلطات الانقلاب صلاحيات واسعة، من أبرزها ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، الذي ينظم المحتوى الرقمي ويمنح الانقلاب الحق في حجب المواقع التي تُعتبر تهديدًا للأمن القومي أو الاقتصاد الوطني، مع فرض غرامات على زوار هذه المواقع.

وأكد سيد فى تصريحات صحفية أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، يلزم وسائل الإعلام الرقمية بالحصول على تراخيص، ويمنح المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام صلاحيات حجب المواقع المخالفة. مشيرا إلى أن هذه القوانين تُستخدم لحجب المواقع الإخبارية المستقلة، ما يتعارض مع المادة 57 من الدستور المصري التي تكفل الحق في المعرفة، ومع الالتزامات الدولية لمصر بشأن حرية التعبير.

وأعرب عن اسفه لأن هذه القوانين تُستخدم على نطاق واسع لحجب المواقع الإخبارية المستقلة، مما يُعد، تقييدًا لحرية الصحافة وقد يُضعف ذلك مناخ الإعلام الحر .

وكشف سيد أن بعض سياسات الحجب لا تتماشى مع نصوص الدستور المصري، الذي يكفل في المادة 57 منه حرية الصحافة وحق المواطنين في الوصول إلى المعلومات، ويحظر تعطيل أو وقف وسائل الاتصال العامة بشكل تعسفي، مؤكدا أن هذه السياسات تتعارض مع التزامات مصر الدولية المتعلقة بحرية التعبير وحرية الإعلام.