بين اضطرار أمني أو اقتصادي .. لهذا تُدفع النخبة المصرية إلى الهجرة الأكاديمية

- ‎فيتقارير

 

حكمة وردت على لسان نجل رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق وأستاذ القانون المعروف، د. أيمن المحجوب وأوردها عبر حسابه على فيسبوك Ayman El-Mahgoub يقول هازئا : "عدالة إقتصادية..!!" وفين يا دكتور Ayman El-Mahgoub .. في مصر؟!!.

ويضيف "أنا لازلت عند رأيي الخاص جدا،  لوعايز تعيش بكرامتك وواخد حقك تالت ومتلت ؛ فلازم تكون عندك قبة عالية ؛ أو صاحب ملايين، غير كده ؛ إقصر الشر وشوفلك بلد تانية تلمك".
 

ولهذا فضّل عبدالرحمن الجندي الحصول على منحة أكاديمية لتفوقه من الخارج، بسبب المخاطرة الكبيرة من الانتهاكات والتوقيفات، وخطر الاعتقال الذي كان يزحف باتجاهه.

ماجستير بعد 5 سنوات اعتقال

وعبر Abdelrahman ElGendy  يحكي عبدالرحمن قصة حصوله (قبل نحو أسبوعين) رسميا على ماجستير الكتابة الإبداعية من جامعة بتسبرج بأمريكا، مضيفا هي الدرجة العلمية الثانية على التوالي، التي حرمه منها نظام ديكتاتوري من يوم تخرّجه.

 

وأضاف "النظام المصري سرق مني سنين الجامعة كلها، اتحبست قبل أول يوم دراسة بمنحة في الجامعة الألمانية لهندسة الميكاترونيكس، بعد سنة، الجامعة سحبت المنحة وفصلتني، فحوّلت لهندسة عين شمس، وبدأت دراسة ميكانيكا من السجن".

 

وعن معاناته قال: "كل تيرم كان أهلي بيستنوا لآخر وقت قبل ما نقدم على امتحانات السنة الجديدة على أمل أني أخرج وامتحن برا، بس مخرجتش لخمس سنين، قضيت حبستي مذاكرة من غير شرح أو تطبيق عملي من مجرد المَلازم والمراجع وإجابات زمايلي على أسئلتي مُهرّبة في ورق مدفون وسط أكياس الزيارة، في 2019، تخرّجت من هندسة عين شمس من غير ما أحضر محاضرة ولا سكشن ولا أعتب الجامعة، زمايلي في الدفعة عملوا لي دقيقة صمت مع بانر بصورتي يوم تخرجهم كمشاركة رمزية للزميل اللي عمرهم ما قابلوه".

وأضاف "مشيت من مصر بعد خروجي مضطرا بعد ما كتاباتي عن السجن وصحابي اللي لسه جوا، بدأت تثير خطر من تاني، بعد سنة، حصلت على منحة كاملة لدراسة ماجستير الكتابة الإبداعية في جامعة بيتسبرج في أمريكا، ول٣ سنوات، اشتغلت على الماجستير ومشروع كتابي يوثق تجربة الاعتقال في مصر".
 

وعن تكرار التجربة في أمريكا أوضح "بعد الإبادة في غزة عشان تشمل انتقاد النظام العالمي اللي اعتقالي نفسه كان جزء من تبعات قمعه، وانتقاد الإمبريالية الأمريكية وتمويلها للاحتلال ومشاركتها المباشرة في قمعنا ودبحنا ودعم ديكتاتورياتنا المحلية.

بعد تولي إدارة ترامب والسعار الديكتاتوري اللي انفجر، والاعتقالات اللي بدأت للطلاب المناصرين لفلسطين خصوصًا العرب والمسلمين، بقيت في خطر كبير للاعتقال من تاني، كنت مستهدفا من أحد المجموعات الصهيونية الكبيرة بالاسم ومنشور عني، والمحاميين قالوا لي إن خطر اعتقالي وترحيلي لمصر كبير".
 

 

وعن لحظة أكاديمية فضّل أن تكون عائلية شرح تضحيات منها 3 سنوات "ببني حياة، والخساير النفسية والمادية لقرار المشي كبيرة، لكن وجعني بشكل استثنائي إني اضطريت أهرب قبل حفلة تخرجي ب١٠ أيام، كنت شغال بإيديا وسناني وبحوّش عشان أحاول أجيب لأهلي تأشيرة زيارة عشان يجوا يحضروا حفلة تخرجي، اشتريت لبس التخرج، وفضلت بتخيل اليوم وإزاي أخيرًا هنعيش اللحظة دي سوا كعيلة بعد ما سرقها منا النظام المصري، كان لليوم رمزية كبيرة فوق كونه مجرد حفلة: كان يوم هنسترجع فيه حاجة سُرقت مننا".
 

وأضاف هربا من أمريكا "مشيت بلبس تخرجي محشورا في شنطة من شنط السفر، للمرة التانية، نظام ديكتاتوري آخر يسلبني وأسرتي يوم تخرجي، بدأت أتقبل إن يمكن مش مكتوب لي أتخرج في حياتي غير من بعيد، مرة في زنزانة، مرة في منفى جوه منفى".
 

https://www.facebook.com/gendywrites/posts/pfbid0p8RuNZdueqWMcFKqd2teZBs6MP7fLYi8n7eJPFQ4oPi4tMqHhFcijWQfiK4xT6eFl

وبسبب أنه أكاديمي يرفض الفنكوش أدرك مبكرا سراب الانقلاب وأعتذر لضحايا رابعة العدوية، بل ورد للدكتور مرسي حقه العلمي الذي انتقصه منه كثيرون، إنه العالم المصري في بوكالة ناسا والأستاذ في الجامعات الامريكية د.عصام حجي الذي يعاقبه الانقلاب من خلال لجانه على كل دراسة يحذر فيها المصريين من خلل في الدلتا أو بسبب سد النهضة أو في تآكل الاسكندرية ومخاطر انهيار 7000 عقار في الإسكندرية بسبب تآكل سواحل المدينة .
 

د. عصام حجي @essamheggy سأله  أحدهم: أنت مش عايش في أمريكا وفرنسا؟ بتفكر في مصر ليه؟ ما تركز في شغلك في ناسا وسيبك من مصر؟ مين مصلتك علينا؟

وقال: إنه "من 22 سنة تركت جامعة القاهرة كعضو هيئة تدريس، بسبب الظلم الاداري بعد حصولي على الدكتوراة من جامعة باريس بفرنسا وجاءني عقد اسافر للعمل في وكالة ناسا في أمريكا، قبل ما أسافر رحت أو دع جدتي في قريتنا وشكيت لها الظلم الي شوفته، وإن ربنا أخيرا عوضني وسأسافر في وظيفة مرموقة بمرتب كبير".
 

وأضاف، "جدتي لم تتكلم كلمة واحدة وأنا خارج من بيتها قلعت طرحتها وحطتها في إيدي بلطف وقالت لي بصوت هادئ : أكيد حتنفعك هناك يا ولدي،  مشيت لدقائق في الشارع والطرحة في إيدي ثم إلتفت وعدت جاريا لبيت جدتي وقد فهمت الدرس، فتحت لي الباب وهي تبتسم ونظرت لها والبستها طرحتها السوداء التي ترتديها منذ وفاة عمي في جبهة قناة السويس، وكان هذا القاء الأخير بيننا رحمها الله، جدتي كانت ست غلبانة ومتعلمتش لكنها علمتني أهم درس".

 

ومنذ ذلك اليوم، لا أنتظر العدالة من شفقة الناس، بل أحارب من أجلها، وأخصص جزءا من وقتي ومالي لدراسة مشاكل منطقتنا وأساعد في إيجاد حلول لها عبر الأبحاث التي ننشرها.

https://x.com/essamheggy/status/1880754917951881562

الأكاديمي والوزير
 

وعن التفاوت الطبقي الذي أكل الأخضر واليابس وأخذ معه المكانة الأكاديمية مقابل سطوة وزراء الانقلاب، يحكي د.أيمن رفعت المحجوب، أستاذ الاقتصاد السياسي والمالية العامة والضرائب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة عن قصة له مع وزير من طلابه.

وعبر حساب فيسبوك (السالف) كتب تحت عنوان : "طالما الوزير بيعيد يبقي لازم يسافر  درجة أولى ".

إنه ذهب في العيد في رحلة إلى دولة أوروبية وحجز  بشق الأنفس  تذكرة سفر على  درجة رجال الأعمال  بشركة مصر للطيران، وقدّم الحجز وأدخل الحقائب فطلب منه موظف مصر للطيران بكل أدب واحترام ، حتركب بدل درجة رجال الأعمال من فضلك درجة اقتصادية، قلت ؛  أنا حاجز ودافع ومؤكد الحجز من قبل ومعي التأكيد، هل هناك خطأ أو شيء من هذا القبيل، قال : لا مشكلة ولا شيء، فقط عندنا خطأ في عدد ٦ تذاكر إضافة  على درجة رجال الأعمال، وحضرتك ( يقصدني أنا طبعا ) وصلت متأخرا، فقلت له : أبدا هذا ليس صحيحا، أنا معك الآن وقبل الرحلة ب٣ ساعات".
 

"المحجوب" أصّر على الركوب في نفس اليوم وعدم تأجيل السفر ، ووصل والركاب إلى سلم الطائرة، ووقف الأتوبيس نحو 15 دقيقة ، الباب لا يفتح، حتي وصل أتوبيس صغير (VIP)  به أسرة وحرس وأمن وموظفين علاقات عامة المطار، وناس كثير تهرول خلف رجل وزوجتة وأولادة وكانوا 6 أفراد.

 

وأشار إلى أنهم صعدوا  هم أولا إلى الطائرة، ثم فتح باب الأتوبيس الخاص بنا،  وسُمح لنا ( نحن المظاليم ) بعد ذلك بصعود سلم الطائرة.

واستأنف: "وبعد أن دخلنا الطائرة وأنا في طريقي إلى مقعدي خلف درجة رجال الأعمال  في الدرجة الاقتصادية،  تنبهت إلى أن هذا الرجل وأسرتة وعددهم ٦ أفراد هوأحد أعضاء مجلس الوزراء،  وكان تلميذي في جامعة القاهرة من حوالي 25 عاما، ورحّب الرجل بيّ وتبادلنا أطراف الحديث، ولم أذكر له أي شيء بخصوص التذاكر ونقلنا بسببه إلى الدرجة الاقتصادية.

وتابع: "وللعلم أنا لا أعرف إن كان قد دفع ثمن تذاكر درجة رجال الأعمال أم الدرجة الاقتصادية، وشركة مصر للطيران عملت له ترقية upgrade؛ لأنه وزير ويخدم البلد ويضحي من أجل الأو طان أكثر منا نحن أساتذة الجامعة والشعب، ورغم أننا ندفع، مش زي ناس".

على كل حال العلم عند الله " إن كان دفع أم لا؟".
 

وأشار إلى أنه "في كل الأحوال من حق أي مواطن طالما دفع ثمن الخدمة، أن يحصل عليها كاملة،  غير ذلك تسقط العدالة الاقتصادية،  ويجب أن ترد لنا الشركة الوطنية فرق السعر ليّ ولغيري إن كان هناك غيري فعلا ضُحك عليه".
 

وأضاف "تذكرت ما  درّسته للوزير وغيره من طلاب الجامعة في مادة المالية العامة( فى نظرية الإنفاق العام والإنفاق الخاص والعدالة الاجتماعية ) مبدأ  الاستغلال العام ؛ عندما يسافر المسؤول في رحلة خاصة هو وأفراد أسرته، عليه أن يدفع كامل الثمن مثل أي مواطن عادي.

وإن كان مسافرا في مهمه رسمية، الجهة التابع لها، سواء كانت وزارة أو هيئة حكومية، تسدد عنه تكاليف الرحلة.

وأشار إلى أنه "تُقدم أوراق وفواتير رسمية  إلى الجهاز المركزي للمحاسبات، للتأكد من عدم استغلال المال العام في إنفاق خاص، حتي لا يحدث إهدار للمال العام، إهدار لأموال دافعي الضرائب والشعب"، مضيفا أنه "في أمريكا من أكثر من 30 عاما حينما سافر رئيس أمريكا " كلينتون " إلى الصين في زيارة رسمية واصطحب ابنتة، وعندما عاد إلى أمريكا، أجبره  الكونجرس  الأمريكي  على دفع 12 ألف دولار، بسبب ما أنفقته  ابنته من أكل ومشتريات خاصة من أموال الدولة، والتي ليست ضمن ميزانية الوفد الرسمي الأمريكي للصين".
 

وكأنه يحكي مشهد من مسرحية "الزعيم"، يستدرك "ولكن لأن الوزير  بيتعب علشان مصر، يبقى لازم يسافر على درجة رجال الأعمال، حتى ولوعلى حساب شخص آخر، ونحن الشعب ( حتي لودفعين كامل الثمن)، نستحمل شوية  من أجل راحة الوزير وأسرته).

واستكمل مشهد الضاحك الباكي "على فكره أنا لا ألوم الرجل ولا عيب عليه، فقد لا يكون يعرف الموضوع  برمته، العيب كل العيب في من يتملقه، هو وأي مسؤول، على حساب أصحاب الحقوق، هكذا يجب أن نضحي جميعا من أجل مصر، وإلا أين الوطنية إذا..؟".

https://www.facebook.com/ayman.elmahgoub/posts/pfbid0Z3mBaHD1nUjSdKcM2rdeZ3k7hCxriKj7x6bvyngdykANnaRwEDeWmT1ChdbHnnqWl