يحاصر غزة و يبتز ملايين الدولارات من مرضاها .. لماذا يتجاهل السيسي المصريين العالقين بالقطاع؟

- ‎فيتقارير
رغم الادعاءات المتكررة عن دور "إنساني" تلعبه مصر في الحرب على غزة، تكشف الوقائع أن المنقلب السفاح عبد الفتاح السيسي لا يؤدي سوى الدور المرسوم له في حصار القطاع، مستخدمًا معبر رفح كورقة ضغط، وأداة ابتزاز سياسي ومالي. ففي الوقت الذي تُفتح فيه بوابات المعبر مقابل آلاف الدولارات عبر "شركة هلا" المملوكة لرجل الأعمال المقرب من الأجهزة السيادية إبراهيم العرجاني، يُترك مئات المواطنين المصريين في غزة لمصيرهم، بلا استجابة من الحكومة، ولا حتى اتصال من وزارة الخارجية.

"مواطن من الدرجة الثانية"

الشاعر المصري محمد العزب، واحد من عشرات العالقين الذين حملوا الجنسية المصرية، لكنهم وجدوا أنفسهم بلا دولة. "ولا حد كلمنا.. ولا حتى أعطونا أمل"، يقول في شهادة لمدى مصر، بعد شهور من القصف والنزوح والمبيت في الخيام. قصته تتكرر في مئات العائلات التي سجلت أسماءها عبر منصات إلكترونية فتحتها الخارجية المصرية ثم تجاهلتها تمامًا، بينما عبر آلاف الأجانب والأجانب مزدوجي الجنسية بالتنسيق مع الحكومات الأجنبية، عبر مصر.

"أولوية للمال لا للدم"

يرى الباحث في الشأن الفلسطيني أنس البلتاجي أن ما يجري هو "خصخصة للمعبر"، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية لم تفوّت فرصة لتحويل معاناة الغزيين إلى مورد دخل، حتى في أحلك لحظاتهم. ويضيف: "بينما يموت الناس تحت القصف، ويُقتل مصريون يحملون الجنسية في منازلهم، يُطلب من أسرهم دفع مبالغ باهظة فقط ليُسمح لهم بالعبور. هذه ليست سياسة وطنية، بل سمسرة رسمية على المعاناة".

من جهته، يصف الصحفي و الحقوقي المقيم في أوروبا شريف منصور تعامل الدولة المصرية مع العالقين بأنه "جزء من استراتيجية أوسع تتعامل مع المواطن كعبء، ما لم يكن مصدر دخل أو تهديد أمني". ويضيف: "ما يجري على معبر رفح ليس إلا تجليًا لهذه العقلية، التي ترى في الفلسطيني فريسة، وفي المصري عبئًا، وتمنح الأولوية فقط لمن يدفع".

"الدور المصري.. خدمة للمهمة الإسرائيلية"

وتعليقًا على غياب الدولة عن ملف إجلاء المصريين من غزة، يقول الباحث الأمريكي من أصول فلسطينية يوسف منير: "ما يهم القيادة المصرية هو حفظ التنسيق الأمني مع إسرائيل والولايات المتحدة، والحفاظ على صورة ‘الوسيط الموثوق’. أما الدم المصري، حتى وإن سُفك على أرض غزة، فلا يدخل في حسابات القرار، بل قد يُعتبر ثمناً مقبولاً لبقاء هذا الدور".

حصار مزدوج.. ومعاناة مستمرة

ومع احتلال الجيش الإسرائيلي لمعبر رفح في مايو 2024، دخل المصريون العالقون في غزة مرحلة جديدة من الانسداد، وسط تجاهل رسمي مطبق، وتكرار مشاهد الابتزاز المالي، وحتى السمسرة من جهات مجهولة تتحدث باسم الدولة.

"دور وظيفي بغطاء وطني"

في السياق نفسه، تقول الناشطة السياسية المقيمة في باريس سارة عبد العظيم: "ما يقوم به نظام السيسي هو تنفيذ لدور وظيفي في الحصار، لا أكثر. الوطنية التي يتحدثون عنها تنهار أمام حقيقة أن مصريين يُتركون للموت، بينما تُدار بوابة الخروج كفرع تابع لشركة خاصة".