تواصل السيسي مع إيران .. علاقة عابرة أم استعراض أوراق أمام الرياض وواشنطن؟

- ‎فيتقارير

 

رصد مراقبون أن التواصل بين حكومة السيسي والحكومة الايرانية منذ قيام الثورة الإيرانية في الثمانينات هي علاقة عابرة ضمن منحنى يتصاعد أحيانا ويهبط في غالب الأحيان، ومع الحديث عن قواعد عسكرية أمريكية جديدة في البحر الأحمر وتحديدا في تيران وصنافير بطلب من الرياض وبالقرب من قناة السويس، فإن التواصل مع إيران الذي بدأ مع الانقلاب بترحيب طهران بنتيجة "انتخابات 2014" ومن ثم بحضور الرئيس الراحل روحاني حفل تنصيب المنقلب رئيسا للانقلاب في مصر.

الكثير من المقالات والدراسات والتصريحات عبر قنوات "المتحدة" باتت تطالب إدارة الانقلاب بفتح صفحة جديدة في العلاقات مع نظام طهران، لاسيما بعد تغيير خريطة الشرق الأو سط، الذي بدأ مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج، وإن هذا ليس معناه أبداً غزة أو الضفة أو حتى إيران، فلا خرائط بلا مصر، بحسب عبدالناصر سلامة.

وأضاف رئيس تحرير الأهرام السابق أن "الاعتراض الإسرائيلي على وجود بنية تحتية عسكرية مصرية في سيناء، يأتي في إطار التمهيد لما يجري من جهة، حتى تستجيب مصر للأحداث، ومن جهة أخرى تمهيد واضح لمواجهة قادمة مع مصر، شئنا أم أبينا. ".

والتقارب مع إيران مجددا كان المشهد قبل الأخير في قصر العاصمة الإدارية بلقاء بين الرئيس الإيراني بوزشكيان والسيسي، ثم بعد توقيع الاتفاق النووي في 2015، وجدها البعض فرصة لمصر أن تستعين بخبراء إيرانيين في بناء مشروع نووي سلمي من ناحية أخرى، وهو جاء على لسان الكاتبان وقتئذ محمد سعيد إدريس وعبد الله السناوي.

 

واعتبر البعض أن العلاقة مع إيران مجرد ورقة، ففي ذلك اليوم نشرت صحف محلية أن جهات سيادية وراء رفض استيراد الطاقة من إيران، بالرغم من انخفاض أسعارها  .

 

ومن مذكرات وزير الخارجية الإيراني السابق أمير عبد اللهيان بعد تنصيب عبد الفتاح السيسي في 2014، أوكل إلى عمرو موسى مهمة إيصال ثلاث رسائل هامة إلى إيران وهي؛ مصر لن تكون أداة في يد الآخرين (السعودية والخليج)، ومصر لن تقف ضد بشار، ومصر لن تعارض برنامج إيران النووي.

قضايا خلافية

وهناك كثير من القضايا الخلافية بين السعودية ومصر، وعلى رأسها القضية السورية والليبية، وقضايا أخرى بين الأمير محمد بن سلمان والسيسي يتسرب منها الكثير المثير إلى العلن، وتستغل الإدارة المصرية تصاعد منحنى العلاقة بين طهران والرياض، لاسيما العسكرية منها وعلى مستوى التدريب ودور إيران بالمقابل في التنسيق مع الحوثيين ووقف صواريخهم على المملكة، فضلا عن زيارات على أعلى مستوى بين البلدين وصلت إلى زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، إلى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة رسمية رافقه خلالها وفد رفيع، وعقد سلسلة لقاءات لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.

 

وحتى وقت قريب، وعقب صعود الملك سلمان إلى سدة الحكم، وسياسته التي تحاول تشكيل تحالف سني مناهض للتوسع الشيعي، ظهرت بوادر الخلافات إلى الأفق العلني؛ حيث انتقد الأستاذ حسنين هيكل الإدارة الجديدة للسعودية، وهو الذي يلقب "بالعرّاب"، وبأنه من أهم مدبري الانقلاب العسكري، والذي يعرف بقربه الشديد من دوائر صنع القرار في الإدارة المصرية الحالية، فقد وصف الدول الخليجية بأنها "دولا متخلفة"، كما أنه من أهم أنصار التقارب المصري الإيراني.
 

ويمكن النظر إليها كنوع من المغازلة السياسية للنظام السعودي؛ من أجل الرضوخ للمطالب المصرية الساعية إلى منع أي محاولة من محاولات التقارب السعودي – الإخواني، وإلا سيكون التعاون الإيراني هو البديل المباشر كردة فعل على ذلك التقارب.

ولكن المرحلة المقبلة قد توضح المزيد من الأمور الغامضة، خاصة أن التحالفات في أوقات الأزمات والثورات، تتسم بالسيولة وعدم الاستقرار؛ بحيث يغلب عليها التغيير المستمر.
 

فطن المصريون للخديعة، فاليوم يتقارب الانقلاب ورئيسه السيسي مع إيران كما تقارب مع قطر وتركيا ولم يتكلم أحد، في حين كان التهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور مع زيارة أحمدي نجاد إلى القاهرة  في عهد الرئيس الشهيد د.محمد مرسي.
 

https://x.com/HamzaweSalah/status/1910345604401709360

وضمن سلسلة التقارب تسمح الأجهزة لشخصيات بارزة في "المعارضة" بالعمل في قناة الميادين الإيرانية وليس مجرد الظهور عليها، كما تسمح لإعلام الأجهزة بالظهور عبر الوكالات الإيرانية مثل تصريح "بكري مان" لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية: "إن الجيش المصري يستطيع السيطرة على تل أبيب خلال يوم واحد، إذا ارتكبت إسرائيل خطأ استراتيجياً".

الأمر كان مفاجئا لشخص مثل د. فايز أبوشمالة الذي تمنى "أن يتحقق ذلك، وسأكون سعيداً وفخوراً، ولكن مصطفى بكري يذكرنا بصواريخ القاهر والظافر التي كانت ستدمر إسرائيل سنة 1967".

https://x.com/FayezShamm18239/status/1891065494913864146

إلا أن البعض طالب بتخفيف وطأة تصديق ثورة يوليو الأمريكية مثل د.مصطفى جاو يش @drmgaweesh فكبت "وقتها قال أحمد سعيد:" ياعرب …جبل المكبر "، وغنت فايدة كامل "القاهر والظافر..، اضرب تل أبيب "، وكان صوت “إسرائيل” يذيع أغنية صباح " أكلك منين يابطة" في حين كان هيكل يبدع في صياغة خطاب التنحي، واستحداث مصطلح #النكسة".

https://x.com/drmgaweesh/status/1890520804976173155

تحديات أمام التقارب المصري الإيراني

الدكتور محمد الدوح لمجلة "جيوبولوتيكال مونيتور قال: إن "تحديات التقارب بين القاهرة وطهران، وهي".

 

أولا: البرنامج النووي الإيراني وقدرات الصواريخ الباليستية لهذه الدولة لا تزالان تشكلان تهديدا كبيرًا لأمن الدول العربية، وهو الأمن الذي توليه مصر أهمية كبيرة.

 

ثانيا: التقارب مع إيران قد يشكل ضغطا على التحالف الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة، ومن المهم مراعاة ذلك العنصر.

 

ثالثا: لا تزال مصر تقيم  علاقات سلام طويلة الأمد مع إسرائيل، والأخيرة تناصب إيران العداء وتعتبرها أبرز عدو لها خلال العشر سنوات الماضية، ومن الآن فصاعدا، تواجه مصر معضلة جيوسياسية تتمثل في استنباط استراتيجية لإيجاد توازن بين الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل وتعزيز العلاقات الودية مع إيران.