“مجلس الشيوخ” .. غرفة برلمانية بلا جدوى ولا كفاءة يرأسها مَنْ حارب الديمقراطية والمجالس المُنتخبة

- ‎فيتقارير
-

منذ تأسيسه في أعقاب تعديلات دستور 2019، التي هدفت إلى تمديد ولاية المنقلب عبد الفتاح السيسي، ظل مجلس الشيوخ المصري جسماً سياسياً بلا أنياب، تفتقر تشكيلته إلى الكفاءة أو التمثيل الحقيقي، وبلا دور يُذكر في الرقابة أو التشريع، بل إن الغاية من إنشائه، بحسب مراقبين، لم تتجاوز محاولة إرضاء عدد من الموالين للنظام، سواء كانوا من رؤساء الأحزاب أو الإعلاميين أو الفنانين، وسط غياب شبه كامل للخبرات العلمية أو التشريعية.

وترأس المجلس عدو الديمقراطية عبد الوهاب عبد الرازق، القاضي الذي ارتبط اسمه بإصدار عدد من الأحكام القضائية المثيرة للجدل والتي ساهمت في تقويض مكتسبات ثورة يناير، ففي عامي 2012 و2013، أصدر عبد الرازق بوصفه رئيساً للمحكمة الدستورية العليا، حكمين ببطلان مجلسي الشعب والشورى المنتخبين ديمقراطياً، وأجهز بذلك على المسار السياسي الذي انبثق عن الثورة، كما حكم بعدم دستورية قانون العزل السياسي، ممهداً الطريق لعودة الفريق أحمد شفيق إلى المشهد الرئاسي، وفي 2016، لعب دوراً محورياً في تمرير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، والتي تنازلت مصر بموجبها عن جزيرتي تيران وصنافير، عبر إصدار حكم بعدم الاعتداد بقرارات مجلس الدولة بشأن بطلان الاتفاقية.

كل ذلك يجعل من عبد الرازق تجسيداً لمفارقة سياسية، إذ يقود مجلساً بلا صلاحيات، بعد أن كان أحد أبرز أدوات تصفية المسار الديمقراطي في البلاد.

وفيما كانت مجالس الشورى في عهد حسني مبارك تُستغل على الأقل كمنابر لتبرير السياسات الحكومية، فإن مجلس الشيوخ الحالي لم يحقق حتى هذا الدور، مع افتقاده لأي حضور في النقاشات العامة أو معالجة القضايا الوطنية، خصوصاً في ظل أوضاع اقتصادية حرجة، بل إن إنفاق الدولة عليه بلغ نحو 880 مليون جنيه في الموازنة العامة للعام المالي الجديد، يُنفق معظمها على مكافآت وامتيازات لأعضاء يفتقرون إلى التأثير أو الإنجاز.

وبدل أن يضم المجلس خبرات أكاديمية وتشريعية تسهم في إثراء السياسات العامة، أصبح منصة للمجاملات السياسية، ومكاناً لتكريم من رضي عنهم النظام، بمن فيهم فنانون وصحافيون ومسؤولون سابقون، في مشهد يعكس كيف تحولت المؤسسات الدستورية إلى أدوات رمزية تستهلك المليارات بلا عائد حقيقي على الدولة أو المجتمع.