في خِضم التوجّه الحكومي بسلطة الانقلاب في مصر نحو خصخصة قطاع الكهرباء كجزء من خطة "التحوّل الأخضر" ودفع عجلة التنمية المستدامة، تتصاعد تحذيرات الخبراء من تداعيات هذه الخطوة، التي قد تحمل مخاطرَ تتجاوز حدود تحسين الكفاءة.
فرغم التأكيدات الرسمية على أن إشراك القطاع الخاص سيُعزز من القدرة التنافسية ويجذب الاستثمارات، يرى متخصصون أن خصخصة الكهرباء دون إطار رقابيّ واضح قد تفتح الباب أمام الاحتكار ورفع الأسعار، على حساب العدالة الاجتماعية والأمن الطاقي.
ويؤكد د. سامي عبد الوهاب، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن "خصخصةَ قطاعٍ حساسٍ مثل الكهرباء دون ضوابط قد تؤدي إلى تضييق الوصول إلى الخدمة ورفع التعريفات، خاصة مع غياب شفافية التسعير أو رقابة فعالة على الأداء".
من جانبها، ترى مهندسة . فاطمة الشاذلي، خبيرة الطاقة المستقلة، أن "القطاع الخاص بطبيعته يسعى إلى الربح، لا إلى العدالة في توزيع الطاقة، وقد يؤدي ذلك إلى تهميش المناطق الأقل ربحيةً، مثل القرى والمناطق الحدودية، في مقابل خدمة المدن الكبرى"..
وتعتمد مصر حاليًا على الغاز الطبيعي—الذي يُعد ملوثًا أكثر من الفحم— في نحو 79% من إنتاج الكهرباء، وهو ما يتناقض مع أهداف "التحوّل الأخضر".
كما تواجه البلاد تراجعًا في إنتاج الغاز والنفط المحلي، ما اضطرها إلى الاعتماد المتزايد على الاستيراد لتغطية احتياجاتها من الطاقة.
ويحذر م. حسين العراقي، استشاري شبكات الكهرباء، من أن خصخصة القطاع "بدون جهاز تنظيمي قوي وفاعل، قد تؤدي إلى مشكلات مزمنة في استقرار الشبكة، خاصة في ظل ضعف الجدوى الاقتصادية لبعض المناطق بالنسبة للمستثمرين".
وفيما تُطرح الخصخصة كحل سحري لإنقاذ القطاع، تلفت د. مها شوقي، الباحثة في سياسات الطاقة، إلى أن "تجارب خصخصة الكهرباء في بعض الدول أظهرت نتائج متباينة، منها ارتفاع فواتير المستهلكين وتباطؤ الاستثمار في الطاقة النظيفة".
أما أحمد منصور، عضو لجنة الطاقة السابق بمجلس النواب بسلطة الانقلاب العسكري، فيطالب الحكومة بـ"ضمانات واضحة تحمي الفئات الفقيرة وتُبقي على دور الدولة كمنظم قوي للخدمة، وإلا فإن خصخصة الكهرباء قد تتحول إلى عبء جديد على المواطنين وليس إصلاحًا، في ظل هذه المعطيات، تبدو الخصخصة في قطاع الكهرباء رهانًا محفوفًا بالتعقيدات، يتطلب شفافية، وضمانات اجتماعية، وخططًا واقعية للتحوّل إلى الطاقة المتجددة، لا مجرد فتح الباب أمام السوق.