نقلت وسائل إعلام محلية عن وزير الإسكان بحكومة السيسي قوله: إنه "قد لا يتم تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر بنظام الإيجار القديم في بعض الحالات الإنسانية التي تقتضي ذلك".
وهو ما دعا مراقبين إلى التساؤل عما يمكن أن يحدث إذا لم يصدر قانون الإيجار القديم خلال الشهرين المقبلين، لاسيما مع اقتراب نهاية دور الانعقاد البرلماني الحالي – وهو الأخير قبل انتخابات مجلس النواب المقبلة – يتبقى للنواب والحكومة وقت محدود للغاية لإصدار قانون جديد ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر في عقود الإيجار القديم.
ورفض مراقبون منحازون ضد القانون المفصل مكن حكومة السيسي، تطبيق نفس الأحكام على الوحدات السكنية والتجارية، مؤكدين أن المحكمة الدستورية لم تتطرق للوحدات التجارية في حكمها الأخير. كما هاجموا "الحلول البديلة" التي طرحتها الحكومة، معتبرين إياها غير واقعية ولا تراعي ظروف كبار السن وأصحاب المعاشات المنخفضة.
وأشار المؤتمر إلى أن أغلب المستأجرين سبق أن دفعوا مبالغ كبيرة عند استئجار الوحدات (خُلُوات)، وأن الدولة دعمت الملاك في أسعار مواد البناء، مما يُحتم تعويض المستأجرين عند تعديل العلاقة الإيجارية، بما يعادل تلك المبالغ وفق أسعار الذهب الحالية.
وعلقت المستشارة سامية عبد الغفار، على الجدل الدائر حول تعديلات قانون الإيجارات القديمة، مؤكدة أن العقود المبرمة لمدة 59 عامًا بعد صدور القانون المدني عام 1996 لا تخضع لحكم المحكمة الدستورية الأخير، بل تحكمها مبادئ "العقد شريعة المتعاقدين"، وأضافت أن هذه العقود تنتهي بانتهاء مدتها المتفق عليها، ولا تمتد تلقائيًا، ولا يجوز تعديل شروطها إلا باتفاق الطرفين او بانقضاء المدة.
ونشر مراقبون أبرز السيناريوهات القانونية والاجتماعية الخطيرة المتوقعة:
1 فسخ العقود القديمة تلقائيًا حيث (ستنتهي العلاقة القانونية بين المالك والمستأجر دون حكم قضائي).
2 تطبيق حكم المحكمة الدستورية العليا و(يبدأ فور انتهاء الدورة البرلمانية، ويلغي استمرارية العقود القديمة بقوة القانون).
3 لجوء جماعي للمحاكم و(يتجه المالكون لرفع دعاوى قضائية للمطالبة بتحرير القيمة الإيجارية).
4 فتح آلاف الدعاوى القضائية و(المحاكم ستواجه طوفانًا من النزاعات القانونية المعقدة).
5 فوضى قانونية في العلاقة الإيجارية و(غياب التشريع المنظم سيفتح الباب للارتباك والخلل في تطبيق الأحكام)
6- مخاوف من أزمة اجتماعية حيث (احتمالات طرد السكان غير القادرين على تحمل الزيادات قد تؤدي لموجة غضب ومعاناة اجتماعية حادة)
وحذر المراقبون من هذه السيناريوهات المحتملة خطيرة وتمس حياة ملايين المصريين، القضية لم تعد قانونية فقط، بل تمس الاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي لملايين المواطنين، والحسم بات ضرورة قبل فوات الأوان.
ومن جهة أولى، لخص الباحث المهندس إبراهيم عز الدين @ibrahim3ezz كارثة إقرار مشروع قانون الإيجار القديم، موضحا أن المؤشرات على مشروع الحكومة تقول إن هناك مصيبة تتجهز، بضرر للطرفين: المالك والمستأجر، ومفيش حد منهم يكسب.
وأوضح 7 نقاط مهمة أبرزها أن هناك حوالي مليون ونصف المليون أسرة تعيش في بيوت بإيجار قديم، مقابل مليون ونصف المليون مالك متضرر، موضحا أن كليهما عنوان التداخل المشكل من تشريعات قديمة من حكومات متعاقبة ويدفع الناس ثمنها حتى اليوم.
ورأى أن الحل لابد أن يراعي حق الطرفين، فالمستأجر من حقه يعيش في سكن مستقر وبإيجار مناسب لدخله، والمالك من حقه يستفيد من أملاكه والدولة تتحمل مسؤولية إيجاد علاج للمشكلة لا أن تكون سببا فيها.
المشكلة في مشروع القانون الجديد؟
وأوضح أن مشكلة مشروع حكومة السيسي تحديده بعد 5 سنوات، أن يكون للمالك حق رفع قضية طرد، وأن يأخذ المستأجر شقة تمليك أو إيجار من شقق هيئة المجتمعات العمرانية، وهي شقق ذات أسعار غير متحملة أعلى من دخل المصريين، فضلا عن كونها في أماكن بعيدة عن أعمالهم وحيواتهم.
وأنه نتيجة لذلك "آلاف الأسر لن تجد إلا الشارع، حيث لا يوجد آليات تمنع الطرد، ولا يوجد سكن بديل مناسب، كما لا توجد خطة حقيقية لحل المشكلة.
واستدرك أنه أيضا (المالك) لن يأخذ حقه، حيث أغلب العقارات تقع في مناطق (شبرا، الوايلي، الساحل، الدويقة)، وجميعها في إطار مخطط حكومي لتطوير القاهرة 2025. والمانع الوحيد الذي أوقفهم من "نزع الملكية" كان قانون الإيجار القديم، وأنه حين تنتهي علاقة الايجارات سيكون من السهل على هيئة المجتمعات العمرانية نزع الأراضي والوحدات السكنية فسيجد المالك نفسه بعد فترة ليست بالطويلة بموقع الخسران.
ونبه إلى المستفيد الأكبر من هذا المشروع الذي تعد حكومة السيسي هو: "مستثمر قاعد دلوقتي في مكتبه، مستني اللحظة اللي العلاقة بين المالك والمستأجر تخلص، علشان يأخذ العقارات دي والحتت دي تتباع وتتسلم على طبق من دهب، لا المالك هيرجع له ملكه، ولا المستأجر هيلاقي سكن، واللعبة كلها ماشية لحساب اللي قاعد بيخطط من بعيد وبيحجز مكانه من دلوقتي.".
وخلص في النقطة الأخيرة إلى أن مصر الآن أمام "كارثة بتجهز ليها الحكومة، لا المالك هيستفيد، ولا المستأجر هيعرف يعيش، وفيه انتهاكات قانونية وإنسانية هتبدأ بعد 5 سنين.".
https://x.com/ibrahim3ezz/status/1919318601703604412
القانون القديم كان يسمح بتوريث عقد الإيجار لأجيال؛ فبموجب نسخ سابقة من القانون، كان من حق أسرة المستأجر البقاء في الشقة مدى الحياة بل وتمتد لخمسة أجيال بعده، ورغم أن المحكمة الدستورية حدّت التوريث إلى جيل واحد فقط في 2002، إلا أن كثيرًا من العقود الحالية هي امتداد لعقود أجداد وأباء المستأجرين.
كما لا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد الوحدات السكنية الخاضعة لهذا القانون اليوم، لكن التقديرات تشير إلى نحو 1.8 مليون وحدة مؤجرة بنظام الإيجار القديم في مصر، والأدهى أن جزءًا كبيرًا من هذه الوحدات مغلق وغير مستغل؛ وقدّر رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي عدد الشقق القديمة المغلقة بحوالي مليوني وحدة قيمتها السوقية تتجاوز تريليون جنيه مصري (نحو ٢٠،٦ مليار دولار).
وشكّل قانون الإيجار القديم طوق نجاة لكثير من الأسر لعشرات السنين؛ فبفضله تمكن محدودو الدخل من السكن بتكاليف زهيدة وثابتة، مما وفر استقرارًا سكنيًا نسبيًا في فترات اضطرابات اقتصادية، اليوم، نسبة كبيرة ممن يعيشون في شقق الإيجار القديم هم من المتقاعدين وكبار السن وذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون كليًا على رخص الإيجار هذا. كثير من هؤلاء المستأجرين لا يملكون أي بديل آخر، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتضخم تجاوز 26% هذا العام، بحسب الباحث سامح مسلم (Sameh Mesallum).