“المُدْخَلِية السلفية” الليبيةلماذا شاركت حفتر في السيطرة على المثلث الحدودي مع مصر والسودان؟!

- ‎فيتقارير

قال مراقبون: إن "كتيبة سُبل السلام ( السلفية المدخلية) هي إحدى الكتائب التابعة لحفتر، وتنتشر في مدينة الكُفرة جنوب شرق ليبيا، و يقودها أحد رموز التيار السلفي المدخلي في ليبيا  ويدعى عبدالرحمن الكيلاني ويكنى بأبي عبد الله الليبي"، ونشطت الحركة في الحرب الليبية، وتعمل تحت إمرة حفتر وشاركت في الهجوم اليوم مع الجنجويد على المثلث الحدودي مع مصر والسودان".

وكانت القوات المسلحة السودانية، قالت" إن "قوات الدعم السريع مسنودة بقوات من "كتيبة السلفية" الليبية هاجمت "نقاطا حدودية في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا بهدف الاستيلاء على المنطقة".

وأضافت في بيان لها، إن التدخل المباشر للجيش الليبي بقيادة "خليفة حفتر"، إلى جانب الدعم السريع في الحرب يعتبر تعدياً سافراً على السودان وأرضه وشعبه، مشددة على أنها ستتصدى بقوة لما وصفته بـ"العدوان السافر وسندافع عن بلدنا وسيادتنا الوطنية وسننتصر مهما بلغ حجم التآمر والعدوان".

ورقة بحثية

وطرح الباحث السوداني عادل عبد العاطي Adil Abdel Aati عبر منصته على فيسبوك ورقة بعنوان "التيار السلفي المدخلي والحرب في السودان: بين التناقض  الأيديولوجي والارتباطات المصلحية" كشف فيها عن أدلة منها تصريحات الجيش السوداني، وتسجيلات فيديو لأسرى ليبين نشرتها القوة المشتركة،  عن تورط  مليشيا "سبل السلام" ، التي تنتمي إلى التيار المدخلي السلفي في ليبيا، في دعم  مليشيا  الدعم السريع، في هجومها الأخير  في منطقة المثلث.

وأضاف أن "كتيبة (أبوعبد الله الليبي)، القائد السابق في مليشيا "ثوار الكُفرة"، وتتبع حالياً لخليفة حفتر مباشرة، "سبق اتهامها بارتكاب أعمال متطرفة مثل نبش قبور رموز صوفية، منها قبر المهدي السنوسي، كما أنها عنصر أساسي في عمليات إيصال السلاح والتموين والتشوين لمليشيا الدعم السريع".

وأورد بعض المحللين أن بعض المنتسبين لهذه المليشيا هم  أصدقاء أعزاء لمزمل فقيري (سلفي مدخلي سوداني)، وإن  بعضهم جاء إلى السودان من قبل  وألقى دروساً ومحاضرات، وأن هذه المليشيا تقدم الدعم والإسناد حالياً لمجموعة فقيري المتواجدة في ليبيا بقيادات وأسماء معروفة.

وأثبت "عبد العاطي" في ورقته أنه منذ "اندلاع الحرب الإماراتية على  السودان في أبريل 2023 بواسطة وكيلها المحلي (مليشيا الدعم السريع -الجنجويد)، برزت تساؤلات عميقة حول مواقف التيارات الإسلامية المختلفة، وعلى رأسها التيار السلفي المدخلي، الذي تتسم علاقاته وامتداداته بطبيعة تتجاوز الحدود الوطنية، من تلك الحرب".

وأشار إلى أن التساؤل يأتي في سياق اتهامات مباشرة قدمها  الجيش السوداني لقوات المتمرد الليبي خليفة حفتر، وقوات سلفية تابعة له، وعلى رأسها  مليشيا "سبل السلام" المشهورة بالكتيبة السلفية، بالمشاركة في  الهجوم على الأراضي السودانية، من مثلث الحدود السودانية-الليبية-المصرية مؤخراً.

وأضافت أنه "تأسست عدة تيارات سلفية مدخلية مسلحة، مثل مليشيات  "سبل السلام" و"كتيبة التوحيد السلفية" وكتيبة " طارق بن زياد" الخ التي تنضم تحت صفوف قوات خليفة حفتر، وفي اليمن نشطت مجاميع مدخلية موالية للإمارات ضد خصومها الإسلاميين، كما لوحظت تحركات لعناصر وخلايا مدخلية في المملكة العربية السعودية".

وأوضح أن التيار السلفي المدخلي في السودان  (عُرف برفضه للثورات، وبتحالفه غير المعلن في بعض المراحل مع الأجهزة الأمنية في عهد البشير) إلا أنه اتسم بحسب "عبد العاطي" بالازدواجية في المواقف والفتاوى، حيث قام ويقوم بعض رموزه مثل مزمل فقيري بإصدار فتاوى تنسجم مع المزاج السياسي لقوى الأمر الواقع، وبدلاً من إبراز موقف "فقهي"  واضح من الحرب، انتهى المطاف بمزمل فقيري و أبو بكر آداب وبعض رموز التيار السلفي  إلى الانخراط فعليًا في صفوف  المليشيا، تحت غطاء ديني.

واستدرك أن رموزا من السلفية المدخلية في السودان ومنهم (مزمل فقيري) ظهر في مقطع فيديو منشور على موقع "النيلين" قبل نحو 7 أشهر، يظهره وهو يروج لـنجاح الموسم الزراعي تحت رعاية المليشيا وإبان احتلالها لولاية الجزيرة، في إشارة واضحة لتبنيه لمواقف الدعم السريع وتعظيم دورهم على الأرض".

طبيعة التيار السلفي المدخلي :

وتقوم السلفية المدخلية، والتي نشأت على فتاوى شيوخ مثل السعودي ربيع المدخلي والأثيوبي محمد  أمان الجامي والجزائري محمد علي فركوس والمصري محمد سعيد رسلان، على رؤية دينية شديدة التخلف، وتتناقض مع روح الحداثة والديمقراطية، كما أنها توظف الدين لتبرير العنف ضد الخصوم السياسيين والفكريين.

في الغالب الأعم كان التيار السلفي المدخلي يتبع منهجًا دينيًا سلفيًا يتميز بالولاء المطلق لـ"ولي الأمر"، ويؤمن بمنع الخروج عليه مهما بلغ فساده، وقد رأي ربيع المدخلي أن كل حراك شعبي أو ثوري هو "فتنة"، وحرّم المشاركة فيه، لذلك تبنّت التيارات المدخلية في عدة بلدان، خطابًا عدائيًا ضد القوى الثورية والمدنية وضد محاولات التغيير الثورية.

اتحاد علماء السودان

ونشر (الاتحاد السوداني للعلماء والدُّعاة) بيانا، بخصوص مشاركة ما تسمى بالكتيبة السلفية للدعم السريع في الهجوم والاعتداء على السودان، معلقا على مشاركة (مليشيات سبل السلام الليبية) المنتسبة زورا وبهتانا إلى السلفية من هجوم غادر على الحدود السودانية بالتعاون مع قوات الدعم السريع المتمردة.

واستنكر الاتحاد السوداني للعلماء "الفعلة الشنيعة من هؤلاء المشبوهين يؤكد على أن ما قاموا به لا يمت للسلفية بصلة وأهل السنة بريئون منه، كما يدعو الاتحاد أهل السودان للاعتصام بحبل الله جميعا وعدم التفرق والوقوف مع القوات المسلحة في خندق واحد؛ لأنها تقوم بعمل مشروع يحبه الله ورسوله وهو دفع عدو صائل يريد أن يفسد الدين والدنيا، ولا واجب بعد الإيمان بالله أوجب من دفعه، وفق الله قيادة الجيش لكل ما يحبه ويرضاه وسدد خطاها في نصرة الحق والقيام بالذود عن حياض الدين والعرض والأرض".

وقال الاتحاد: إن "المدخلية  فرقة حديثة تنتسب إلى ربيع بن هادي المدخلي وهي فرقة منحرفة عن منهج السلف ، شاذة، كان همّها الأوّلُ والأخير الطعن في دعاة الإسلام ، وهدفهم الرئيس هو إسقاط العلماء والدعاة الذين يقودون الأمة ويوجهونها فتراهم يسعون في التفريق بينهم ، ونشر الحقد والضغينة، وإشاعة سوء الظن ويبدو أن فكرهم قد تطور من التحذير والتبديع  والطعن فيمن  خالفهم في منهجهم المنحرف وفي غلوهم في طاعة أولياء أمورهم وفي العمالة والتجسس إلى القتال وسفك دماء المسلمين ".

وأضاف أنه "من رموز هذه الفرقة في السودان مزمل فقيري وأبو  بكر آداب وشهاب الدين، الذين فروا قريبا من السودان عبر الحدود التشادية بمعاونة الدعم السريع . ".

واعتبر أنه من الواجب الشرعي تجاه "هذه الفئة الضالة التي انتشرت في بقاع شتى من بلاد المسلمين ، هو بيان منهجهم الفاسد وكشفهم وفضحهم والتحذير منهم حتى لا يغتر بهم العوام وينفق زيفهم وبهرجهم وتدليسهم على من لا يعرف أنهم عملاء مأجورون " موضحا أن "هذا الاتجاه الفكري يحظى بدعم أعداء الإسلام ، والحماية والرِّعاية من الطُّغاةِ اللِّئام ".

نماذج للأباطيل

وساق البيان بعض علاماتهم وأماراتهم التي يُعرفون بها، تحذيرا للأمة منهم ؛ نسأل الله أن يقطع دابرهم ويكفي المسلمين شرهم:

1- حيث يعتبرون كُلَّ الجماعات الإسلامية فرقا ضالة ، وأنّ الجماعات الدّعوية جماعات رِدة تسعى إلى هدم التوحيد ، وأنّهم أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى واللا دينيين ويجب تقديم حربهم على حرب اليهود.

ويُرَبّون صغارهم وأفراخهم على الجرأة في السب والشتم والتجريح لأكابر العلماء والدُّعاة.

وأوضح البيان أن "أعراض العلماء والدُّعاة ودماءهم لاقيمة لها عندهم، فكم وكم سوغوا وأغروا بألسنتهم وفتاويهم حتى سفكت دماء المصلحين وقدوات ونكل بهم، ومن الأمثلة على ذلك قتلهم الشيخ نادر العمراني رحمه الله تعالى وهذا في ليبيا"، مضيفا أن المدخلية " جعلوا معاقد الولاء والبراء على محبة واتباع مشايخهم و البغض والابتعاد عن العلماء الربانيين".

2- هم ينكرون توحيد الحُكم والتحاكم لله ؛ ويُلغون الولاء والبراء من أصول الإيمان والتوحيد.

3- إقامة الحُجّة على المخالف عندهم تكون بامتحانه وإلزامه بِسَبِّ الجماعات الإسلامية والعلماء والدُّعاة الذين تم تجريحهم من مشايخهم.

4- يُحرِّمون العمل الجماعي والتنظيم الدّعوي بدعوى أنّها حزبية، ويبيحونه لأنفسهم وأشياعهم، فالحزبية متجذّرة فيهم،  بل عملهم في تبديع وتفسيق الدعاة عمل حزبي منظم ودقيق

5- النميمة والتجسس للسلطان أصل من أصولهم فتراهم يستعينون بسوط السلطان لإسكات مخالفيهم بدلا من الحجة والبرهان.

6- من منهجهم أن الجهاد في هذا الزّمان يعتبر تكليف ما لا يُطاق ولا إثم في تركه ؟ وأنه لا قتال ولا جهاد إلا بوجود إمام عام ؛ ويعتبرون إنكار المنكر على الحاكم باللسان خروجا عليه ، و لايرون الأمر بمعروف والنهي عن المنكر واجبا إلا بإذن الإمام.

7 – يلحق بأصلهم هذا مناصرة الطغاة والظلمة الذين سفكوا الدماء بسلطانهم الغاشم حتى أوصلهم غلوهم في طاعة حكامهم إلى محاربة المسلمين والوقوف في صف الطغاة العلمانيين ومناصرة البغاة والمحاربين والمفسدين في الأرض.

تهديد خطير

من جهتها، وصفت وزارة الخارجية السودانية الهجوم على المثلث الحدودي على يد عناصر الدعم السريع بمشاركة القوات التابعة لخليفة حفتر بالاعتداء السافر على سيادة السودان، كما عدته تهديدًا خطيرًا للأمن الإقليمي والدولي.

 

وشددت على أن السودان يحتفظ بحقه المشروع كاملًا في القيام بما يتطلبه الدفاع عن سيادته وحدوده وأمنه وسلامة مواطنيه.

 

وقالت في بيان: إن "تدخل قوات حفتر في القتال المباشر إلى جانب “الميليشيا الإرهابية”، داخل الحدود السودانية، يمثل تصعيدًا خطيرًا للعدوان الخارجي على السودان الذي يرعاه نظام أبو ظبي "، وفقا للبيان.

 

وأضافت: “ظلت حدود السودان مع ليبيا معبرًا رئيسيًا للأسلحة والمرتزقة لدعم الميليشيا الإرهابية، بتمويل الإمارات وبتنسيق من قوات حفتر والجماعات الإرهابية التابعة لها”.

 

ورأت الخارجية أن تراخي مجلس الأمن والقوى الغربية حيال تلك التدخلات المكشوفة والموثقة هو الذي شجع الإمارات وتوابعها في المنطقة على الانتقال للمشاركة الفعلية في القتال.

 

ودعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية إلى إدانة هذا الاعتداء والتعامل بجدية وحزم مع هذا التهديد الخطير لسيادة ووحدة السودان والأمن والاستقرار الإقليميين، كما طالبت باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتصدي له وردع المعتدين.

 

ويتهم خليفة حفتر، الذي يسيطر على شرق ليبيا المحاذي للسودان، بتسهيل إيصال المساعدات العسكرية لقوات الدعم السريع، كما تلاحقه اتهامات باستضافة هذه القوات في قواعده، من بينها قاعدة “معطن السارة”، التي حولتها قوات الدعم السريع إلى مركز تدريب وتجميع للإمدادات القادمة من الإمارات العربية المتحدة.

 

وسبق أن شهدت المنطقة الحدودية بين السودان وليبيا وتشاد معارك عنيفة بين الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة ضد قوات الدعم السريع، حيث تسعى الأطراف إلى فرض سيطرتها على المنطقة الاستراتيجية، من أجل تأمين الإمداد أو قطعه.

 

وخلال الأشهر القليلة الماضية، دفع الجيش السوداني بتعزيزات عسكرية تمركزت في مناطق بالصحراء الكبرى، في المقابل، حققت قوات الدعم السريع مؤخرًا تقدمًا ملحوظًا في المنطقة الصحراوية، بسيطرتها على بلدة المالحة التابعة لولاية شمال دارفور، ومنطقة الراهب القريبة من الولاية الشمالية.