صكوك السيسي ترهن “رأس شقير ” للكويت .. وصكوك مرسي شيطنها الأذرع وخبراء السبوبة

- ‎فيتقارير

 

أصدرت حكومة السيسي أخيرا صكوكاً سيادية بقيمة مليار دولار لصالح الكويت الخميس 19 يونيو 2025، وخصص الإصدار لسداد سندات دولية مستحقة (ديون جديدة لتسديد ديون قديمة)، حيث يُستخدم لتمويل سداد قسط سندات مصر الدولية البالغ قيمتها حوالي 1.5 مليار دولار التي كانت تسدد خلال فترة الأيام الأخيرة.

 

ورغم أن الإصدار يعكس مرونة مصر في إدارة التزاماتها المالية عبر أدوات إسلامية (الصكوك)، ونجاحها في الحفاظ على شراكات خليجية استراتيجية، لكنه من ناحية أخرى، وبحسب باحثين يكشف عن تحديات مستمرة في هيكل الدين الخارجي واعتماد متزايد على إعادة الجدولة لا الإصلاح المالي البنيوي.

 

وكانت نقاط قلق الباحثين تتمثل في أن الصكوك مثلت في هذه الحالة؛ استخدام الدين لسداد دين يعكس أزمة سيولة، وليس تحسناً في مؤشرات الدين العام ما يعني ترحيل المشكلة لا حلها..

 

 

ورأى باحثون أن الاعتماد المتزايد على التمويل الخليجي قد يزيد من النفوذ السياسي والاقتصادي لبعض الأطراف على القرار المصري، ولو بشكل غير مباشر.

 

 

وكشف الباحثون أن إصدار مصر لصكوك بقيمة مليار دولار لصالح الكويت في هذا التوقيت يكشف عن أبعاد مالية واستراتيجية مهمة، منها ما هو قصير المدى يتعلق بالإدارة المالية، ومنها ما هو طويل المدى يرتبط بالسيادة الاقتصادية والعلاقات الخليجية.

 

 

وعن الأهداف المالية والتمويلية تمثلت في 3 جوانب بحسب باحث المعهد المصري:

 1- إدارة الدين الخارجي: حيث توقيت إصدار الصكوك بالتزامن مع استحقاق سندات دولية بقيمة 1.5 مليار دولار، ما يعني أن الحكومة تستخدم الصكوك كأداة لإعادة تمويل الديون، وليس لتمويل استثمارات جديدة.

 

 

2- تجنب ضغط السوق الدولية ولذلك كان الإصدار خاصا لصالح الكويت (وليس عبر طرح عام في الأسواق العالمية) يُجنّب مصر ارتفاع الفائدة العالمية أو ضعف الإقبال الذي قد يُقابل طرحاً عاماً.

 

 

3- سعر الفائدة (كوبون 8%) وهو ما جاء مرتفعا نسبيا "ما يعكس تصنيف مصر الائتماني المرتبط بالمخاطر العالية من وجهة نظر المستثمرين. لكنه قد يكون تفضيلياً للكويت بسبب طبيعة العلاقة الثنائية".

 

 

ورأى أن هناك أبعادا جيوسياسية منها ممارسة الكويت دور “الضامن الهادئ” لاستقرار الاقتصاد المصري، مثلما فعلت بعد 2013. وهذا الإصدار يعزز ذلك الدور، وبهذا شكل إصدار يعكس استمرار الثقة الخليجية في التزامات مصر المالية، ما يمكن أن يُطمئن الأسواق ويمنح الحكومة بعض الوقت لتدبير مواردها دون أزمة. موضحا أنه يحتمل أن يكون الإصدار جزءاً من ترتيبات أوسع تشمل استثمارات كويتية في مصر (كما أشارت إنتربرايز)، ما يعني أن الصكوك ليست فقط ديوناً، بل جزء من “حزمة” اقتصادية.

 

 

 

شيطنة صكوك محمد مرسي

 

وللكاتب والمحلل الاقتصادي مصطفى عبد السلام تقرير بعنوان "صكوك محمد مرسي: بين الشيطنة والتقديس" قال إنه خلال فترة حكم الدكتور محمد مرسي، رحمه الله، هاجم الإعلام المصري الصكوك الإسلامية بضراوة ولاحقها بترصد، وتعامل معها وكأنها "رجس من عمل الشيطان"، وأنها الخطيئة الكبرى في حق الاقتصاد المصري، وأنها أداة مالية مشبوهة واختراع إخواني لم يعرفه العالم وأسواقه وقطاعه المالي من قبل.

 

وأضاف إعلام الإمارات حينها أن الصكوك "أداة جهنمية مدمرة للاقتصاد حيث يتم عبرها رهن أصول الدولة وممتلكاتها، ومنها قناة السويس والأهرامات، لجهات خارجية تسعى للسيطرة على مقدرات وثروات المصريين، وإغراق البلاد كذلك في وحل الديون الضخمة، وإرهاق الموازنة العامة والأجيال المقبلة بأطنان من الديون، وأن الصكوك عودة لحكم الخديوي إسماعيل والاستعمار الاقتصادي والتبعية للخارج"، بحسب وصفهم.

 

ومن ذلك أن الصحف والفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام لم تترك نقيصة إلا وألصقتها بالصكوك، بل إن الإعلام اتهم نظام الحكم في ذلك الوقت بأنه يسعى إلى أسلمة الاقتصاد، وإلباس الاقتصاد عمامة الإسلام ورداء الأزهر الشريف، وتندر وقتها كتاب كبار ومثقفون وأدباء معروفون أمثال علاء الأسواني على الصكوك حينما أطلقوا عليها "صكوك بلحية إسلامية ونقاب".

 

وفي المقال المنشور في يونيو 2021 قال عبدالسلام إنه في 2012 هاجم الاعلام الصكوك بضراوة، ووصفها بأنها أداة مدمرة للاقتصاد ويتم عبرها رهن أصول الدولة ومنها قناة السويس، وإغراق البلاد في وحل الاقتراض، وإرهاق الموازنة والأجيال المقبلة بالديون، والعودة لحكم الخديوي إسماعيل.

 

وأضاف أن "أحزابا وقوى سياسية ذات مرجعية إسلامية، مثل حزب النور، هاجمت بقوة مشروع الصكوك الذي عرضته حكومة مرسي على المجتمع المدني ثم الجهات التشريعية في ذلك الوقت وتحمست له باعتباره من الأدوات المالية المهمة في العالم التي تساهم في تنويع مصادر التمويل، في بلد يعاني أزمة مالية مثل عجز الموازنة العامة للدولة وتراجع الموارد الدولارية".

 

قيمة الصكوك

 

وأضاف كباحث اقتصادي أن "الصكوك تلعب دورا في جذب الأموال والاستثمارات الخارجية، خاصة الخليجية المستثمرة في البنوك الغربية، وإعادة الأموال والمدخرات المصرية المودعة في بنوك إسلامية خارجية، كما أنها تساعد في سد الفجوة التمويلية للبلاد".

 

وأشار إلى أن  الصكوك، أداة تمويلية أفضل عشرات المرات من آلية القروض الخارجية التي عادة ما يكون الحصول عليها مصحوبا بشروط وإملاءات كما هو الحال حاليا مع قروض صندوق النقد والبنك الدوليين.

 

وأكد "أن الصكوك، من وجهة نظر حكومة مرسي، كانت بديلا أفضل من قروض صندوق النقد الذي كان وقتها يشترط عليها تطبيق برنامج تقشفي حاد يثير غضب الشارع من أبرز ملامحه تعويم الجنيه المصري وزيادة الأسعار والضرائب والرسوم وتحرير سعر الوقود وإلغاء دعم رغيف الخبز والكهرباء مقابل الحصول على قرض تقل قيمته عن 5 مليارات دولار.".

 

 

وخلص في هذا السياق إلى أن عام حكم د.مرسي شهد شيطنة للصكوك الإسلامية عبر التوسع في مهاجمتها والمبالغة في الحديث عن مساوئها ومخاطرها التي كانت موجودة فقط في عقل مروجيها ومطلقي الشائعات والساعين إلى الانقلاب على التجربة الديمقراطية التي شهدتها البلاد بعد ثورة 25 يناير العظيمة.

 

وأضاف أن إعلام الأذرع ألب الرأي العام وقتها على الحكومة (هشام قنديل) عبر التأكيد على أنها أقرت مشروع قانون الصكوك رغم تأكيد مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر مخالفته للشريعة، وأن إقرار قانون الصكوك هو أحد أبرز ملامح أخونة الدولة، وأن نظام الحكم يسعى لإلغاء البنوك التجارية التقليدية وتعميم تجربة البنوك الإسلامية كما يحدث في باكستان وأفغانستان والسودان.

 

 

مفارقة إعلام النباح

 

وعن المفارقة أشار الكاتب إلى أنه في عام 2015 تم بقرار جمهوري إلغاء العمل بمشروع قانون الصكوك الذي مررته حكومة الدكتور مرسي رغم كل هذا الهجوم الشرس والتشويه المتعمد.

 

وأضاف "ومنذ ذلك الوقت دخلت الحكومات المصرية المتعاقبة في ماراثون لا يتوقف للاقتراض من الشرق والغرب وبأسعار فائدة عالية وأحيانا بشروط مجحفة".

 

وأوضح أن النتيجة كانت حدوث قفزة في القروض الخارجية، مضيفا أن حكومات السيسي المتعاقبة استدانت مليارات الدولارات عبر طرح سندات في الأسواق الدولية بأسعار فائدة مبالغ فيها تمثل إرهاقا شديدا للمالية العامة وموازنة الدولة خاصة مع زيادة أعباء وحجم الدين العام عاما بعد آخر لدرجة أن تلك الأعباء باتت تقترب من قيمة إيرادات الدولة في عام، وتلتهم الأموال المخصصة لدعم السلع وسداد الأجور وتمويل الاستثمارات العامة ومشروعات البنية التحتية وتدفع الحكومة نحو الحصول على مزيد من القروض.

 

 

وأشار إلى أنه "الآن تحولت صكوك مرسي "الشيطانية"، حسب وصف الاعلام في عامي 2012-2013، إلى ملاك رحيم بأجنحة بيضاء يرفرف على الاقتصاد ويحنو على الموازنة العامة التي تعاني من عجز حاد وجفاف بعض مصادر النقد الأجنبي مثل السياحة، وتعالج الفجوة التمويلية التي تعاني منها البلاد.".

 

وأبان أنه "أخيرا وجدت الحكومة الحالية ضالتها في الصكوك التي تحولت إلى أداة مالية "عظيمة" تأخرت الدولة كثيرا في إصدارها رغم مزاياها الضخمة حيث سبقتنا إليها الحكومات الخليجية والأوربية والآسيوية على حد سواء، وكيف أن بلدا مثل بريطانيا وألمانيا وغيرها من دول العالم المتقدمة اقتصاديا تلجأ إلى هذه الآلية في حال جمْع أموال من الأسواق والمستثمرين. ".!